اللواء دكتور سمير فرج يكتب : المستشفى العالمي بمصر ،وداعا للعلاج بالخارج

اللواء دكتور سمير فرج
بعد توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة الأمركية ، حصلت مصر من أمريكا علي معونة سنوية ، خارج إطار المعاهدة تصل إلي يتم إعتمادها سنويا من الكونغرس الأمريكي .
بعد مرور عدة سنوات من حصول مصر علي المعونة، وجدت الولايات المتحدة أن مصر تقوم باستخدامها لتنويع مصادرها في السلاح وزيادة قوتها العسكرية ، الأمر الذي ربما يخلق اختلافا في التوازن العسكري و يؤدي إلي تفوق مصر العسكري علي إسرائيل ، فما كان منها إلا أن تطالب مصر بتوجيه جزء من المعونة لشراء معدات غير عسكرية .
وأتذكر يومها أن المشير طنطاوي رحمه الله، قرر أن يكون توجيه هذا الجزء من المعونة العسكرية لخدمة الشعب المصري، لذلك كان القرار بإن يتم استخدام الأموال في بناء المستشفيات لدعم المنظومة الصحية في مصر ، وكان ثمار ذلك بناء المستشفى العسكري في مدينة الطور جنوب سيناء، والتي لا يتواجد بها لنا أي قوات عسكرية طبقا لاتفاقية كامب ديفيد، الأمر الذي يعني أن كافة خدماتها موجهة لأهالي سيناء ، أما المستشفي الثانية فتم إنشاؤها في أسوان لخدمة أهالي صعيد مصر خاصة أنه ليس للقوات المسلحة تجمع عسكري كبير في السودان.
أما المستشفي الثالثة التي تقرر إنشاؤها فكانت ” المستشفي العالمي ” وحينها أمر اللواء إيهاب علوي رحمه الله أن يتم اقتراح عدة مواقع لإنشائها لإختيار الأنسب منهم ، فجاء رأي هيئة العمليات بالقوات المسلحة باقتراح موقعين الأول على الطريق الدائري، والثاني على طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي.
وخرجنا مجموعة لاستطلاع الموقعين ، وجاء قرار المشير طنطاوي يومها باختيار الموقع على طريق الإسماعيلية الصحراوي. ومن خلفه الطريق المؤدي إلى جينيفة هو السويس، وكانت وجهة نظر المشير طنطاوي في ذلك الإختيار أن يقوم المجمع الطبي الجديد بتقديم الخدمة الطبية لمحافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وكذلك شمال سيناء ثم محافظات شرق الدلتا الشرقية والغربية ودمياط والبحيرة والقاهرة والجيزة، وبذلك يكون بالمستشفيات الثلاث قد قام بتغطية معظم أنحاء الجمهورية .
وأتذكر يوم احتفالية وضع حجر الأساس للمجمع الطبي مقولة المشير طنطاوي أنه سيكون أكبر مجمع طبي في مصر والشرق
الأوسط ، بالطبع لم أكن أدري في ذلك اليوم أنني سأعود لنفس المكان بعد عدة سنوات وأصبح من رواد ذلك الصرح الطبي الكبير
الذي أختارت له مصر البناء وفق أحدث النظم العالمية وطبقا للكود الأمريكي لبناء المستشفيات ، علي أن يكون مجهزا بأحدث الأجهزة
الطبية العالمية و تدريب الأطقم من أطباء وأعضاء هيئة التمريض علي أعلي مستوي ، وأظن أن عملية الإنشاء تجاوزت ال15 عام ، أما
التكلفة فوصلت إلي 8 مليار دولار جميعها من أموال المعونة الأمريكية .
ومنذ فترة قريبة داهمتني الالام الغضاريف ، تلك الالام التي تعد فاتورة يعلم معظم العسكريون أنه سيحين موعد دفعها يوما ما بعد
سنوات من العمل والتدريبات الشاقة والمناورات ، واستخدام السيارات الجيب في الصحراء ، وكانت النصيحة التي تلقيتها باللجوء
للمستشفي العالمي خاصة وأنني قد سافرت لألمانيا عدة مرات لتلقي العلاج وكان الرأي الطبي دائما بضرورة إجراء عملية لعلاج
الغضروف .
كنت مثلي مثل الكثيرين الذين يمتلكون فكرة مسبقة عن المشكلات الناجمة عن العمليات الجراحية في مجال الغضروف بالعمود
الفقري والتي كانت غالبا ما تكون نتائجها غير مطمئنة ، مما يجعل المرضي يفضلون اختيار تحمل الالم علي النتائج غير المضمونة
لذلك النوع من العمليات .
أستمعت إلي النصيحة ، خاصة بعد أن علمت أن الأمر يتم من خلال الجراحة الميكروسكوبية التي أصبحت مثل الحل السحري لهذه
الالام ولكن الأمر يعتمد بشكل كبير علي الطبيب المعالج الذي سيقوم بإجراء العملية وكان المستشفي العالمي يمتلك العديد من
الخبراء المصريين والأجانب ممن يقوم بإجراء العمليات الجراحية الميكروسكوبية بمهارة شديدة، و منهم الدكتور ماهيشا أشهر وأمهر
جراحي العالم حاليا في هذا المجال .
منذ اللحظة الأولي التي وطأت فيها قدمي المستشفي شعرت أنني في واحدة من كبريات المستشفيات في أوروبا أو أمريكا ، وهناك
ألتقيت بالخبير الأجنبي ومعه مساعده الطبيب المصري البارع الدكتور ” مجدي يوسف عمر”، جراح العمود الفقري في مصر حاليا من
مستشفى عين شمس التخصصي،
لم يكن يومها في نيتي إجراء هذه العملية، ولكن الخبير ماهيشا تمكن من إقناعي بعد أن استعرض معي باستخدام الوسائل
التكنولوجيا الحديثة كافة التفاصيل الخاصة بالعملية ، وأجاب علي كافة تساؤلاتي ومخاوفي من إجرائها .
وكان من بين ما أخبرني به الدكتور ” ماهيشا ” أن المستشفي واحدة من أحسن المستشفيات في العالم التي تقوم بإجراء
العمليات نظرا للمستوى الراقي سواء من المعدات والأجهزة والمتطورة، وكذلك الأطقم الطبية التي تساعده في إجراء هذه العمليات،
ووجدت الابتسامة على وجه اللواء طبيب هشام الششتاوي مدير المستشفى لسعادته لتلك الشهادة من خبير دولي كبير في حق
المستشفي .
وبالفعل أجريت العملية التي تمت بنجاح الحمد لله. وخلال خروجي وأنا أسير على قدمي، سألت اللواء طبيب هشام الششتاوي قلت
له أشعر إنني في مستشفى أمريكي، فكانت الإجابة نحن نقدم أعلى مستوى الطب في الشرق الأوسط في مستويات جراحة
القلب والصدر وزراعة الكلى والكبد، ثم مجالات علاج الأورام وزرع النخاع، وأمراض لوكيميا الدم،
كما أننا نعتبر أكبر مركز في الشرق الأوسط في علاج الطب النووي والإشعاعي ونحن المركز الوحيد في المنطقة التي ينتج المادة
المشعة التي تستخدم في المعجلات الخطية، (العلاج الإشعاعي) حيث يوجد لدينا معمل السلوكو ترون علاوة أن لدينا أكثر من 200
استشارى من الخبراء المصريين والأجانب في مختلف التخصصات الحرجة على مستوى العالم ،هذا بالإضافة إلي العيادات اليومية في
مختلف التخصصات، وقسم الطوارئ الذي يعمل 24 ساعة.
ونحن الآن نهتم بالخبراء الأجانب في تخصصات العمود الفقري والقولون والبنكرياس والأشعة الداخلية ( تشوهات الأوردة والشرايين)
وفي الشهر الواحد يأتي إلينا من 3 إلي 4 خبراء أجانب .
وأنهي اللواء هشام الششتاوي حديثة معي قائلا ، لقد أنهينا بهذا المجمع الطبي أسطورة السفر للعلاج في الخارج ، فكل ما كان
يسافر المصري من أجله للعلاج خارج مصر أصبح متوافرا وعلي أعلي مستوي
أما أنا فقد ترحمت علي المشير طنطاوي الذي أظن أنه سيكون سعيدا عندما يعلم أن حلمه لهذا المستشفي بأن يصبح صرح عالمي
يوم وضعنا حجر الأساس قد أصبح حقيقة يشهد بها كبار الخبراء العالميين .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.