اللواء دكتور سمير فرج يكتب : وبدأت نتائج الحرب في غزة في الظهور
بينما العمليات القتالية مازالت دائرة فوق أراضي غزة، ومازالت القوات الإسرائيلية تهاجم، بوحشية، المدنيين، خاصة الأطفال والنساء وتستهدف الصحفيين، ومازالت الطائرات تقصف المباني وتدمر البنية الأساسية، إذا بوزارة الدفاع الإسرائيلية تصدر قراراً بتكوين لجنة، للتحقيق في إخفاقات أحداث السابع من أكتوبر، أمنياً وعسكرياً واستخباراتياً، على أن يترأس اللجنة وزير الأمن ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز، ومعه الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية زئيفي فركش، والقائد السابق لقيادة الجيش الجنوبية سامي ترجمان.
ومثلما حدث، في أعقاب حرب أكتوبر 73، من تشكيل “لجنة أجرانات”، للتحقيق في أسباب هزيمة إسرائيل أمام القوات المسلحة المصرية، نشهد اليوم تشكيل لجنة، قبل انتهاء الحرب، ومن قِبل وزارة الدفاع وليس الحكومة الإسرائيلية، وهو ما كان سبباً في نشوب خلافات بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية، تحسباً لما ستسفر عنه نتائج تحقيقاتها.
فقد أظهرت المؤشرات الأولية للحرب عدة أوجه للقصور، بما أفسح المجال لتبادل الاتهامات، أولها تأخر رئاسة الأركان الإسرائيلية في الرد، بعد هجوم حماس يوم 7 أكتوبر 2023، مما أتاح الفرصة للمقاومة الفلسطينية في مهاجمة المستعمرات الإسرائيلية، والاستيلاء على ثلاث مستعمرات كاملة، وأسر حوالي 250 رهينة من المدنيين في المستعمرات، دون أي تدخل من القوات العسكرية الإسرائيلية أو القوات الجوية الإسرائيلية.
وتمثل ثان أوجه القصور في فشل جهات الاستخبارات الإسرائيلية الثلاث؛ الموساد والشاباك وأمان، في الاضطلاع
بمهامها الأساسية، سواء بالكشف المبكر عن خطة فصائل المقاومة الفلسطينية للهجوم يوم 7 أكتوبر، أو الحصول
على معلومات دقيقة عن الأنفاق طوال السنوات الماضية. ويضاف إلى قائمة فشلهم، عدم متابعتهم لنجاح المقاومة
في الحصول على الأسلحة الجديدة، ومنها الطائرات الشراعية، التي استخدمتها حماس في عبور السور الفولاذي،
على الحدود بين غزة وإسرائيل، فضلاً عن فشل جهات الاستخبارات الإسرائيلية في الاطلاع على التدريبات التي
قامت بها المقاومة الفلسطينية تمهيداً للهجوم.
وفي ظني أن اللجنة المُشكلة بواسطة وزارة الدفاع، تستهدف تحميل المسئولية للحكومة الإسرائيلية في خوض
حرب غير مدروسة، وإجبار الجيش على التورط في معارك برية، وذلك من خلال تحقيقاتها في أسباب ارتفاع الخسائر
البشرية بين قوات الجيش الإسرائيلي، في تلك الحرب، والتي ارتفعت عن المعدلات العالمية، وكذلك البحث في
أسباب انخفاض الروح المعنوية للقوات الإسرائيلية، والتي تجلت في فرحة عناصر اللواء الجولاني، أو لواء النخبة كما
يطلقون عليه، عندما صدرت لهم الأوامر بترك مواقع القتال والعودة إلى خلف.
وهكذا، فقد تكون تلك الحرب سبباً في انتهاء أسطورة الجيش الذي لا يهزم.