الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : أبو الشهداء .. رمز الصمود و أيقونة الفداء

الكاتب الصحفي
عصام عمران

تاريخنا العربي والإسلامي مليء بقصص الكثير من الأبطال الذين ضحوا بالنفس والمال والاولاد دفاعا عن الوطن والعقيدة ، ولعل أشهر تلك القصص الخالدة ما قامت به الصحابية الجليلة التي بذلت أولادها السبعة دفاعا عن دين الله، واحتسبت الأجر والثواب عند رب العالمين، عفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج.. ولدت في المدينة المنورة، وكانت من أوائل المسلمين وقد أعلنت إسلامها قبل الهجرة وبايعت النبي في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وفي المدينة بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليها، أسلم بقية أولادها ، ويطلق عليها اسم ” الخنساء” ، و تزوجت مرتين الأولى من الحارث بن رفاعة وولدت منه معاذ ومعوذ وعوف، وبعد ذلك تزوجت من البكير بن ياليل الليثي وولدت منه إياس وعاقل وخالد وعامر، وبعد زواجها الثاني سكنت بمكة.
لقبت بأم الشهداء لأن أبناءها جميعا استشهدوا في المعارك، فما كان منها إلا الرضا بقضاء الله والثبات والاحتساب، وبقيت مؤمنة بالله تجاهد بالغالي والنفيس لرفعة دين الله ونصرة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.
عرفت عفراء بمكارم الأخلاق ورجاحة العقل والرأي السديد، والسلوك القويم، كما عرف عنها الثبات والقوة والحزم، وقد ربت أولادها على الشجاعة وحب رسول الله، وذهب ولداها وكانا صبيين يبحثان عن أبي جهل في غزوة بدر، وسألا عنه وقتلاه، ولم يخافا برغم حداثة سنهما لينالا ممن آذى الرسول صلى الله عليه وسلم، واستشهدا في تلك الغزوة.
تذكرت تلك الصحابية الجليلة وأنا أتابع ما حدث للصحفى والإعلامي الفلسطيني الأبرز على الساحتين الإقليمية والعالمية خلال الفترة الأخيرة وائل الدحدوح مراسل الجزيرة في غزة والذي استشهد معظم أفراد أسرته خلال استهداف قوات الاحتلال منازلهم و كان آخرهم إبنه الأكبر الصحفي والإعلامي ” حمزة ” رفقة أحد زملائه ، بعد استهداف قوات الكيان الصهيونى لسيارة الإعلاميين ليرتفع عدد الشهداء من الصحفيين والإعلاميين منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي وحتى كتابة هذه السطور إلى ١١٠ ، علاوة على إصابة عشرات آخرين في مقدمتهم وائل الدحدوح نفسه الذي أصيب بجروح خطيرة في ذراعه الأيمن ومع ذلك واصل الصمود والفداء ولم يغب عن تغطية الأحداث هناك ولو ساعة واحدة.

كل ذلك وغيره الكثير والكثير من الجسارة والتضحية والفداء جعل الدحدوح رجل العام ، بل وكل الأعوام كنموذج

للصحفى والإعلامي المخلص لعمله ومهنته ، ووطنه أيضا ، وهو ما جعل الكثير من المنظمات الدولية ترشحه لجائزة

التميز الاعلامى وفي مقدمتها نقابة الصحفيين المصريين التى منحته بالفعل و بالإجماع خلال اجتماع مجلس النقابة

مؤخرا جائزة حرية الصحافة لعام 2024 تمجيدا لصموده وصمود الصحفيين الفلسطينيين .. حيث وافق المجلس برئاسة

خالد البلشي نقيب الصحفيين علي توصية مجلس أمناء جوائز الصحافة المصرية بترشيح الصحفى الفلسطينى وائل

الدحدوح للحصول على جائزة “حرية الصحافة”، عام 2024 كرمز لصمود الصحفيين الفلسطينيين، فى وجه العدوان

الصهيونى الغاشم، وآلة حربه الوحشية.

و يأتى ترشيح الدحدوح للجائزة ومنحه إياه تكريمًا لشهداء الصحافة الفلسطينية، الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لنقل

الحقيقة، وفضح جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى، كما فضحوا بصمودهم الرواية الصهيونية الزائفة،

وأكاذيب الإعلام الغربى، وانتصروا للحقيقة ، وكذلك تقديرًا لتضحية الدحدوح الشخصية، ودوره المهنى، بعد أن ضرب

مثلا فى التضحية والفداء من أجل نقل الحقيقة، وبعد أن دفع ثمن إخلاصه لمهنته، ومهنيته باستهداف زوجته، واثنين

من أبنائه، وحفيده ارتقوا شهداء، لكنه أصر على أداء دوره المهنى، ومواصلة عمله الصحفى بعدها، وهو ما كرره بعد

استهدافه بشكل مباشر هو وزميله الشهيد سامر أبو دقة، وكذلك بعد ارتقاء نجله الزميل الصحفي حمزة الدحدوح

ليؤسس عنوانًا جديدًا للصمود الفلسطينى ويعود عقب كل محنة كالعنقاء مواصلًا نقله للحقيقة والانتصار للقضية

الفلسطينية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.