الدكتور إسلام قناوي يكتب : إنقلاب المعايير
هناك بعض الآباء والأمهات متخصصون في تدمير أبناءهم دون دراية أو وعي منهم ، فهم يزرعون بداخلهم كل شيء عدا القيم الدينية والأخلاقية .
ففي دنيا هولاء أصبح كل شيء مباح … نداءات غير مباشرة ومباشرة باستبدال المال محل الأخلاق ، والمحسوبية محل الإجتهاد ، واصبحت ماركة السيارة هي التي تحدد قيمة من يستقلها والملابس هي التي تحدد قيمة من يرتديها ،
هناك من زرع في أبنائه فكرة أن كل شيء قابل للبيع والشراء ، الشرف والوظيفة والشهادة وكل شيء مقابل بضعة آلاف من الجنيهات ، وأبناء هؤلاء يخرجون علينا بكل عقد النقص التي زرعوها فيهم أباءهم وأمهاتهم ….
قيمتك فيما تملك . لأن المال ما يستطيعون أمتلاكه نظير بيع الجسد والشرف .. فلا أصل لهم ولا نسب . لذا يحاربون الأخلاق والقيم والأصل بكل ما يملكون من أسلحة ، ولا مانع من محاولة شراء بعض المناصب والشهادات المزيفة مثلهم ” فهناك لقب ” سفير السلام ” بخمسمائه جنيها و” مستشار العلاقات الأسرية ” بألف جنيه مع منح وسام وتكريم من خلال حفل في أحدي صالات الأفراح الشعبية ،
كذلك شهادات التقدير من مركز السلام والتنمية المصري العربي الاقليمي الدولي والذي يترأسه شخص يسبق أسمه لقب ” دكتور ” وهو في الأساس ترزي حريمي حاصل علي دبلوم المدارس الثانوية الصناعية بجدارة ويكون الحفل في كافيه تمتلكه زوجته ” الخادمة ” التي أصبحت ما بين ليلة وضحاها ” سيدة أعمال ” .
وهناك من لا يمتلك من حطام الدنيا سوي بعض الميراث من عائلته أو عائلة زوجته فيقوم بشراء سيارة مستعملة فارهة لا يمتلكها إلا أصحاب المليارات ولكن بسعر أرخص من السيارة الزيرو موديل العام ثم يقوم بتأجير فيلا لمدة يوم في الأسبوع أو الشهر مدعيا أنها فيلته الخاصة مع توجيه دعوات أسبوعية أو شهرية لبعض الشخصيات الهامة والمرموقة والتي صعدت من السلم الخلفي الذي يكسوه العار وذلك لتقديم مالذ وطاب اليهم مما تشتهيه الأنفس والشهوات من فتيات وسيدات من قاع المجتمع مع ضرورة تواجد عدد من الكومبارس وفنانات المشهد الواحد أو مذيعات الحلقة الواحدة في قنوات بير السلم وبعض الشخصيات المرموقة.
وطبعا يتم وضع هذه الصور والفيديوهات علي صفحاتهم فتنتشر أنتشار النار في الهشيم ومن خلال هذه الحفلات
يصبح نجم مجتمع مزيف كزيف أشياء كثيرة حولنا …. ولما لا … وهو قد نجح في ” تعريف ” هذا المسئول علي هذه
الفتاة و” قاد ” هذه السيدة الي أحضان هذا الباشا المزيف .
إن إستمرار هؤلاء في الإنتشار والسماح لهم بأن يكونوا قدوة لشباب لايستطيع التفرقة بين الخبيث والطيب هو أمر
بالغ السوء ، وعلي النخبة والمثقفين التكاتف لوضع النقاط فوق الحروف .
وإلي شباب الغد وحماة المستقبل … يا من سوف تحملون أمانة الوطن فوق رؤوسكم … أعلموا جيدا ان قيمتكم في
التمسك بتعاليم دينكم وحرصكم علي مكارم الأخلاق والقيم ، قيمتك ليست فيما ترتديه من ثياب ولكن قيمتك في
علمك وثقافتك وحكمتك ورجاحة عقلك واحلامك وطموحاتك …..
إجعل نظرتك للأشياء تتناسب مع قيمتها لأنها تحدد إلي حد كبير قيمتك . فإذا كان تقييمك للأشخاص بما يمتلكون
فستكون في يوم ما سلعة تباع وتشتري ، وإذا كان تقييمك لهم بمناصبهم فأنت شخص هوائي لا مبدأ لك لأن
المناصب ليست دائمة وستزول يوما ما ….
أنا لا أقلل من قيمة ما سبق ولكن لا تجعل منها أسس حياتك ومعيارك لتقييم الاشخاص ، فهي مجرد كماليات –
ليس أكثر – للشخص بشرط أن تتوافر الأسس وهي الدين والأخلاق والمبادئ .