عبد الناصر البنا يكتب : غزة .. نيران صديقة !!

عندما شرعت فى كتابة هذا المقال كنت أود الحديث عن سيكولوجية الشخصية الدمياطية ، خاصه وأنى من محبى هذه المحافظة ، وكونى أحرص دوما على زيارتها ، وتربطنى صداقات قوية بالعديد من أبناءها سواء عندما أتيحت لى فرصة الدراسة فى “جامعة المنصورة” التى لاتبعد كثيرا عنها ، وخلال تلك الفترة كونت صداقات عديدة مع أبناء دمياط ، ولاسيما أن محافظة دمياط كانت من المحافظات التى نتبارى فى حل إمتحاناتها فى كتاب ” سلاح التلميذ ” فى مرحلة الإبتدائية !!
وصداقات أخرى كونتها خلال سنوات الغربة ، والعمل فى مجال الإعلام هى أيضا جعلتنى أفتخر بأنى أقتربت كثيرا من أبناء دمياط خاصة الأعلام منهم مثل الشاعر الكبير فاروق شوشة رحمه الله ، والسفير جمال بيومى أطال فى عمره ، والدكتور زاهى حواس ، والدكتورة درية شرف الدين ، والقائمه تطول ولايسع المقام لذكرها ، وذكر العديد من المشاهير الذين شغلوا مراكز مرموقة فى مختلف المجالات ونقشوا أسماءهم بحروف من نور !!
الحقيقة أن أحداث غزة التى قاربت على شهرها الثالث ، هى التى فرضت نفسها ، خاصة واننا نتابع صلف آلة
إسرائيل العسكرية التى تدهس الأخضر واليابس حجرا وبشرا ، وكأن الكيان الصهيونى “إسرائيل” يخوض حرب وجود ،
إسرائيل تريد القضاء على حركة حماس وإبادة غزة من على الخريطة ، وتريد”جرجرة” أهالى غزة النزوح إلى مصر .
وهو المخطط الذى فطنت له مصر مبكرا وأجهضته ، رغم الضغوط التى لا يتخيلها عقل بشر التى تعرضت لها مصر ،
مما جعل مصر بعدتها وعتادتها تقف على الحدود على أهبه إستعداد للحرب .
ومواجهات عسكرية قد يطول أمدها بين مصر وإسرائيل ، وإن شئت قل بين المنطقة العربية والشرق الأوسط
وإسرائيل ، إسرائيل التى لاتكف عن إستفزازها لمصر ، من أجل جرها لخوض حرب أعتقد وأنا لست عسكريا أن
إسرائيل هى الخاسر الأول فيها ، بل أنها قد تكون “نهاية” لهذا الكيان الغاصب المحتل ، كما صرح ” إيهود أولمرت ”
رئيس وزراء إسرائيل السابق وقال : يجب وقف إطلاق النار فى غزة فورا والتخلص من نتنياهو وإلا ستزول إسرائيل .
السؤال : ماذا يحدث إذا ما نفد صبر مصر ودخلت فى حرب مع إسرائيل ،
ودارت الحرب رحاها ؟
وفقا لرؤية الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى فتره الإعداد لحرب أكتوبر بعد نكسه 67 ، ولما تضمنته “وثائق
حرب أكتوبر” فى كتاب اليوم الصادر عن مؤسسة أحبار اليوم لموسى صبرى ، التى يقول الرئيس السادات فيها أنه
واثق أن العرب سوف يتضامنوا معنا إذا مادخلنا فى حرب مع إسرائيل لاستعادة ارصنا المحتلة ، وأنهم سوف يلبوا
النداء ، وهذا هو ماحدث بالفعل فى حرب أكتوبر 1973 !!
الحرب .. هى ليست ببساطة كلمات نكتبها ونحن نحتسى أكواب الشاى الأسود والنسكافيه فى بيوتنا ، وإنما هى
“معركة” الكاسب فيها خسران ، لكن إذا ما كتب علينا القتال وهو كره لنا ، فلابد أن نكون لها ، ووقتها يهون كل غالى
ونفيس من أجل الوطن . ولك أن تتخيل معى إذا ما خاضت مصر حربا ضد إسرائيل وأنا أعلم أن أمريكا ودول الناتو .. إلخ وراء إسرائيل . وتضامنت كل الدول العربية على جبهه مصر والأردن ، ومعها ما تبقى من جيوش سورية والعراق ،
وأموال الخليج ونفطه ، ومعنا دولا حليفه مثل روسيا لترعى مصالحها فى المنطقة ، وعلى الجبهة اللبنانية ” حزب
الله ” المدعوم من”إيران” . وأنا أيضا أعلم صداقة إيران بأمريكا وإسرائيل ، لكن دعونا نتمنى أو نسرح بخيالنا .
ماهو شكل هذه الحرب ؟
أعتقد لا أحد يتوقع مايمكن أن تنتهى إليه ، لأنها كما ذكرت سوف تصبح حربا إقليمية خارجة عن نطاق السيطرة
والتوقعات ، وقد تهدد وجود الكيان الإسرائيلى برمته على حد كلام أولمرت ، وهذا ما أصبحت تخشاه أمريكا ، وتعمل
له ألف حساب ، بل وجاء الوقت الذى تحاول فيه الإدارة الأمريكية كبح جماح نتنياهو ، أمريكا تقرأ السيناريو جيدا ،
وتعلم أن ” للصبر حدود” ووقتها قد يتحول الأمر إلى “حربا عالمية ثالثة” تقضى على الأخضر واليابس ، إذا ما لجأت
إسرائيل لسلاحها النووى .. الموضوع كبير جدا !! .
“ميدانيا” الخسائر التى توقعها المقاومة الفلسطينية فى القوات الإسرائيليه ” موجعة ” وفادحة بل وتؤكد فشل
الإدارة الإسرائيلية ، وأعتقد أننا نتابع عمليات المسافة ” صفر” التى يصورها الإعلام العسكرى لحماس ، ونرى كم
الخوف والجبن لدى المقاتل الإسرائيلى الذى يصاب بالشلل عند رؤيتة أفراد المقاومة !!
مؤخرا أقر جيش الإحتلال الإسرائيلى بقتل (3) من الأسرى كانوا محتجزين فى غزة عن طريق الخطأ ” بنيران صديقة
” وفتحوا تحقيق فى الحادث لكشف ملابساته ، وكان جيش الإحتلال الإسرائيلى قد أفلت كلبا عسكريا فى حى
الشجاعية بمدينة غزة ، وهو الحى الذى منيت قوات الإحتلال فيه بخسائر فادحة ، الكلب ثبتت عليه كاميرا Gopro
تبث صورا لمركز إستقبال .
وفى التفاصيل التى بينها التحقيق العسكرى فى مقتل الثلاثة ، الكلب الذى أرسل للتفتيش فى المنطقة التى
تعرضت القوات لإطلاق النار فيها من الداخل ، قتل أثناء القتال والمواجهات ، وإستمرت الكاميرا التى يحملها فى
العمل ، وإلتقطت صورا وصوت لأحد الأسرى وهو يصرخ طالبا ” النجدة” باللغة العبرية .
ويبدو أن الفيديو الذى بثته الكاميرا المثبتة على الكلب الميت إلى مركز الإستقبال لم يخضع وقت بثه للمراقبة ،
الفيديو يظهر أن الأسرى الثلاثة إقتربوا كثيرا من قوات الإحتلال ، بعد أن خرجوا من أحد المبانى عراة الصدر ، وحمل
أحدهم عصا عليها قطعة قماش بيضاء ، لكن القوات الإسرائيليه أطلقت النار عليهم ، وقتلتهم جميعا بنيران صديقة ،
واقر الجيش لاحقا بالحادث وأعرب عن أسفة !!
المشهد لم ينته بعد ، الرأى العام فى إسرائيل إشتعل لمقتل 3 من الأسرى بنيران صديقه ؛ إلى جانب فيديو بثته
المقاومة لأسرى قتلوا جراء العدوان الإسرائيلى والقصف المتواصل على قطاع غزة ، وأكد إعلام إسرائيلى مقتل
أسيرة أخرى فى القطاع .
ووفقا لـ ” وول ستريت جورنال ” أنه عادت من جديد محادثات إحياء هدنة جديدة لتبادل الأسرى بوساطة ” مصرية ـ
قطرية ” على غرار الصفقة الأولى التى افرجت فيها حماس عن أكثر من 100 إمرأه وطفل ، مقابل إفراج إسرائيل عن
240 إمرأه وقاصرا فلسطينيا ، وهو مارفضته المقاومة فى القاهرة جملة وتفصيلا ، وطالبت بوقف نهائى لإطلاق النار
والإفراج عن عدد كبير من المحتجزين القدامى لدى إسرائيل ، ياتى هذا فى الوقت الذى إشتد فيه قصف الناقلات
فى منظقة خليج عدن ومضيق باب المندب على البحر الأحمر ، ودخول قوات الحوثى طرفا فى الحرب ، وإصرار نتنياهو
علي مواصلة القتال بضراوة نتيجة رفض حماس للهدنة والمشهد قابل للتصعيد .
اللهم زلزل الأرض من تحت أقدام اليهود المعتدين الظلمة الملاعين ، واللهم أنصر إخواننا المجاهدين فى فلسطين ،
وأنصر المستضعفين فى الأرض ، وإجعل بلدنا مصر بلدا آمنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين ، اللهم جنب مصر
الفتن ماظهر منها وما بطن .. إنك نعم المولى ونعم النصير .