ضرب الأشقاء في فلسطين وتحديداً في غزة والضفة الغربية أروع الأمثلة في الشجاعة والصمود والتضحية بالروح والأهل طوال خمسة وسبعين يوما مرت على انطلاق عملية طوفان الأقصى التى نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد المحتل الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي وما تلاها من مجازر ارتكبها الكيان الصهيونى ضد الشعب الفلسطيني الأعزل مما أدى إلى استشهاد أكثر من عشرين ألفاً وإصابة قرابة ستين ألفا آخرين ، علاوة على نزوح أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني من شمال غزة والضفة الغربية.
ورغم بشاعة مشاهد القتل والتدمير التى يرتكبها الكيان الصهيونى بدم بارد على مدار الساعة طوال تلك الفترة وسط صمت رهيب ولن ابالغ إذا قلت مريب من قبل القوى والدول المسماة كبرى إلا أن أبناء الشعب الفلسطيني وتحديداً فصائل المقاومة كبدوا العدو الإسرائيلي خسائر فادحة في الأرواح والأموال والمعدات والاليات العسكرية التي كانوا يظنون أنها عصية على التدمير !! .
كل ذلك وغيره الكثير والكثير من الخسائر والضربات الموجعة التى وجهتها المقاومة الفلسطينية لحفدة القردة و الخنازير جعلتهم يفقدون صوابهم و يوجهون أسلحتهم صوب الإعلاميين والصحفيين الذين يقومون بتغطية احداث الصراع الدائر هناك مما تسبب فى سقوط أكثر من ١٥٠ إعلاميا وصحفيا مابين شهيد و جريح فى محاولة لإخفاء جرائمهم و اسكات صوت الحق ، ولعل فى مقدمة هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بدمائهم وأهاليهم من أجل وطنهم الزميل البطل الاعلامى وائل الدحدوح مراسل الجزيرة الذي فقد عشرين شخصاً من أفراد أسرته خلال غارات إسرائيلية بينهم زوجته وابنيه وحفيده ، قبل أن يصاب هو مؤخراً ويستشهد زميله مصور قناه الجزيره سامر ابو دقه ومع ذلك رفض الجلوس في المستشفى لتلقي العلاج وذهب يقاوم عبر المايكروفون والكاميرا ناعيا زميله ويشارك فى تشييعه تماما كما نعى وشيع أفراد أسرته قبل شهر تقريبا ، مواصلا فضحه لجرائم ومجازر الكيان الإسرائيلي مما جعل البعض يصفه بقديس المهنة والرسالة وهو كذلك .
هذا الأمر دفع نقابة الصحفيين المصرية لترشيحه لنيل جائزة النقابة لحرية الصحافة لهذا العام ، حيث ذكرت في بيان
رسمي أن مجلس أمناء جوائز الصحافة المصرية رشح الصحفى الفلسطينى وائل الدحدوح للحصول على جائزة “
حرية الصحافة “، التى تقدمها النقابة هذا العام كرمز لصمود الصحفيين الفلسطينيين، ووقوفهم فى وجه العدوان
الصهيونى الغاشم، وآلة حربه الوحشية ، مؤكدة أن الترشيح يأتى تكريمًا لشهداء الصحافة الفلسطينية، الذين دفعوا
حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة، وفضح جرائم الإبادة
الجماعية بحق الشعب الفلسطينى، وكذلك فضحوا بصمودهم الرواية الصهيونية الزائفة، وأكاذيب الإعلام الغربى،
وانتصروا للحقيقة.
وكذلك تقديرًا لتضحية الدحدوح الشخصية، ودوره المهنى، بعد أن ضرب مثلًا فى التضحية من أجل نقل الحقيقة، وبعد
أن دفع ثمن إخلاصه لمهنته، ومهنيته باستهداف زوجته، واثنين من أبنائه، وحفيده ارتقوا شهداء، لكنه أصر على أداء
دوره المهنى، ومواصلة عمله الصحفى بعدها، وهو ما كرره ليؤسس عنوانًا جديدًا للصمود الفلسطينى باستهدافه
بشكل مباشر هو وزميله الشهيد سامر أبو دقة، ليعود مرة أخرى كالعنقاء مواصلًا نقله للحقيقة والانتصار للقضية
الفلسطينية بعد ساعات قليلة من إصابته.
وقرر مجلس الأمناء فى اجتماعه مؤخراً برئاسة خالد البلشى نقيب الصحفيين، وحضور أعضاء مجلس الأمناء، الذى
يترأسه الكاتب الكبير محمد العزبى، رفع توصية بهذا الترشيح لمجلس النقابة، لإعادة إحياء جائزة حرية الصحافة التي
توقفت منذ سنوات.
وأكد مجلس أمناء الصحافة المصرية خلال اجتماعه أن جرائم استهداف الصحفيين الفلسطينيين لا تنفصل عن سياق
عام، وجريمة وحشية فى حق كل الشعب الفلسطينى، وفى حق ناقلى الحقيقة على أرض فلسطين، التى أسفرت
حتى الآن عن استشهاد ما يقرب من 90 من الصحفيين، والصحفيات، والعاملين فى مجال الإعلام، فضلًا عن
استهداف العشرات من أسرهم، وتدمير مقرات أكثر من 50 وسيلة إعلام فلسطينى، بالإضافة لاعتقالات طالت 18
زميلًا فى محاولة لطمس الحقيقة، لكن بطولة الصحفيين الفلسطينيين استطاعت التصدى لهذه المحاولات.