” عهدُ الحب ” .. قصيدة للشاعر محمد الشرقاوي
مهداه للأديب الناقد الدكتور عاطف عبداللطيف بدره أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالزقازيق
رأيتُ الكونَ عند الباب واقفْ
يقص بفرحةٍ نبلَ العواطفْ
ويقسمُ أنَّ هذا الحبَّ عهدٌ
لمن يبني الحضارةَ والمعارفْ
ويصنعُ في محيطِ الليلِ نصرًا
ولا يخشى القروشَ ولا العواصفْ
كأنَّك قبل أن بلقاكَ إنسٌ
على رسمِ العلا بالحقِّ حالفْ
فمنذ أتيتَ للدنيا وليدًا
وأنتَ لكلِّ مكروبٍ تلاطفْ
طبيبٌ حاصرَ الأدواءَ علمًا
بأن اللهَ للأسقامِ صارفْ
فمِن عينيكَ عزمُ الليثِ يبدو
وقلبُكَ بالذي سوَّاك عارفْ
ومِن كفيكَ سهمُ الحرفِ ماضٍ
ليقصيَ كلَّ تغريب وزائفْ
طويتَ الدربَ للأفلاكِ حتى
علوتَ وصِرتَ للساعين واصفْ
ومهدتَ السبيلَ لكلِّ جيلٍ
فكُنتَ لنا طريقَ المجدِ راصفْ
وحاورتَ العلومَ فحزتَ منها
ولاءً لم يزل صدقًا يحالفْ
بقلبٍ صاحبَ القرانَ عمرًا
فصار بنوره للنصرِ كاشفْ
تلاحقه العنايةُ أين يمشي
وعشقٌ من بلادِ العُربِ جارفْ
وعرفانٌ من الأجيالِ يسمو
ويسعى نحو هذا النهرِ زاحفْ
لينهلَ من كنوزِ الضادِ كنزًا
يردُّ به على عبثٍ وتالفْ
ففي الآدابِ مدرسةٌ أضاءت
وسارت نحوها كلُّ المعارفْ
وفي النقدِ البليغِ بنيتَ قصرًا
يشيدُ به المؤيدُ والمخالفْ
وفي صنعِ الرخاءِ أراكَ تشدو
بنهجٍ راسخٍ للعدلِ هادفْ
وللأعيادِ ترسمُ كلَّ يومٍ
وللأوطانِ لحنَ النصرِ عازفْ
وللأمجادِ مثل البرقِ تمضي
ويخطو الناسُ خلفكَ كالسلاحفْ
لأنَّ غصونَكَ الخضراءَ جادت
وظلَّكَ عند بطشِ الحرِّ وارفْ
ومِن بستانِ فكرِكَ كلَّ صبحٍ
أرى التاريخَ عبر الدهرِ قاطفْ
فتمسي للشهودِ عظيمَ نجمٍ
يحيطُ الأرضَ مِن كلِّ المشارفْ
ويأتي العصرُ بعد العصرِ يحكي
عن الأبطالِ في أعتى المواقفْ
لأنَّكَ ما قصدتَ العلمَ إلا
لتنقذَ عقلَنا مِن كلِّ خاطفْ
فلم تسمع خرافةَ مَن أضلوا
ولم تذهب إلى سوءِ المعازفْ
وفي شتَّى المخاطرِ حزتَ صبرًا
وقلتَ بأنَّ عونَ اللهِ آزفْ
فكان الصبرُ جنديًّا كريمًا
لكلِّ جنودِ مَن عاداكَ ناسفْ
وصوتُكَ مِن قلاعِ العلمِ يعلو
ولستَ على متاعِ العيشِ خائفْ
فعينُ اللهِ تحفظُ مَن دعاها
ليعبرَ فوق طوفانِ المخاوفْ
ونعمَ الحرفُ ما يغدو خليلًا
وفي الميدانِ قبلَ السيفِ قاصفْ
حماكَ اللهُ يا قلبٌ تسامى
على الأحقادِ حقًّا أنتَ ( عاطفْ )