بعد أيام قليلة من انطلاق عملية طوفان الأقصى التى نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد المحتل الإسرائيلي وتحديدا في السابع عشر من الشهر الماضي كتبت مقالا فى هذا المكان بعنوان ” المزايدون يمتنعون” تحدثت فيه عن أولئك الذين يبخثون دور مصر فى دعم القضية الفلسطينية منذ نكبة 48 وحتى الآن ، وها أنا اليوم أعيد نشر مقتطفات من ذلك المقال ، خاصة مع ارتفاع الأصوات النشاز ، بل و الشاذة فى نفس الوقت التي تقلل مما تقدمه مصر قيادة وحكومة وشعبا لدعم الأشقاء الفلسطينيين منذ اندلاع الصراع مع الكيان الصهيونى قبل ٥٠ يوما تقريبا و ينكرون على مصر دورها التاريخي في التصدى لمحاولة العدو الإسرائيلي وأعوانه إجبار الأشقاء في غزة والضفة الغربية على النزوح والهجرة قسريا من الشمال إلى الجنوب ، بل وإلى دول الجوار وفي مقدمتها مصر والأردن.
و لهؤلاء أقول أن موقف مصر الحازم و الحاسم ضد تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسري للأشقاء الفلسطينيين من وطنهم أفسد المخطط الشيطانى للعدو الاسرائيلي وأجبر الكثير من الدول الغربية على التراجع عن ذلك القرار ، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث أعلن رئيسها جو بايدن مؤخرا في اتصال هاتفي مع الرئيس السيسى رفض بلاده محاولات التهجير القسري للفلسطينيين ، وهو موقف مغاير تماماً لما كان عليه في الأيام الأولى من اندلاع عملية طوفان الأقصى.
واقول أيضاً لهؤلاء المزايدين دولا و أشخاصا التاريخ سيذكر بكل فخر وشرف ما قدمته مصر وجيشها العظيم لدعم القضية الفلسطينية طوال خمسة وسبعين عاماً وحتى الآن بل ودعم جميع الأشقاء في وطننا العربي ، ولنا فيما حدث من جهود بذلتها مصر وأجهزتها وقائدها من أجل تحقيق هدنة ولو مؤقتة بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية من أجل توصيل المساعدات الإنسانية إلى الأشقاء في غزة ، و كان لها ما سعت إليه بدعم مشكور من الأشقاء في قطر وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية ، ومع ذلك يأتي أحدهم يسأل ماذا قدمت مصر ؟!.
وللإجابة على هذا السؤال أعيد بعضا مما جاء في مقال “المزايدون يمتنعون” وأقوال لهم أنه طوال الخمسة وسبعين عاماً الماضية وتحديدا منذ نكبة ٤٨ كانت ولا تزال القضية الفلسطينية هى الشغل الشاغل لمصر وخاضت من أجلها العديد من المعارك والحروب وقدمت آلاف الشهداء والمصابين.
نعم يا سادة موقف مصر لم يتغير طول هذه السنوات حتى مع تغير القادة والرؤساء والحكومات ، ظلت فلسطين قضيتنا الأولى والأهم قولاً وفعلاً ، فلا يكاد يخلو بيت أو أسرة في مصر دون وجود شهيد أو مصاب خلال الحروب والمعارك التى خاضها جيشنا العظيم من أجل الأشقاء في فلسطين بداية من نكبة ٤٨ مروراً بالعدوان الثلاثى عام ٥٦ ثم نكسة يونيو ٦٧ ووصولاً إلى حرب اكتوبر المجيدة التي كسرت شوكة الجيش الذي لا يقهر ، وكاتب هذه السطور استشهد والده في حرب الاستنزاف عام ٦٩ وأصيب عمه خلال حرب اكتوبر .
ولن أبالغ إذا قلت أن حرب تطهير سيناء من إرهاب أهل الشر وأعوانهم طوال السنوات العشر الماضية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقضية الفلسطينية والحفاظ على وحدة الشعب الشقيق وسلامة أراضيه.
وعندما وصلت جماعة الإخوان الإرهابية ورئيسها الفاشل إلى سدة الحكم عام ٢٠١٢ وأراد أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج تهجير الفلسطينيين إلى سيناء كانت مصر جيشاً وشعباً لهم بالمرصاد وتم إفشال ذلك المخطط الشيطانى وتم تحرير سيناء الغالية للمرة الثانية ولكن هذه المرة من جحافل الإرهاب وقوى الشر وفي نفس الوقت منع تهجير الأشقاء الفلسطينيين من وطنهم.
وها هي مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى تقف موقفاً تاريخيا وترفض من جديد مخطط التهجير القسري في أعقاب أحداث غزة الأخيرة وتسعى بكل السبل لإنهاء القتال ووقف العدوان الإسرائيلي السافر والسافل على الأشقاء الفلسطينيين الذي تسبب في سقوط أكثر من خمسة آلاف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء ، علاوة على قرابة أربعين ألفا من المصابين والجرحى خلال خمسين يوما.
المؤكد أن ما تقدمه مصر للأشقاء فى فلسطين أو حتى مختلف بلدان الوطن العربي هو دورها وواجبها نحو الأشقاء باعتبارها الشقيقة الكبرى ، و هذا قدر الكبار دائما ، ومن هذا المنطلق لا يجوز لأى كائن من كان أن يزايد على مصر ودورها التاريخى إزاء القضية الفلسطينية ، بل وكما ذكرت في البداية تجاه جميع الأشقاء العرب ، خاصة أولئك الحنجوريين الذين يجيدون الجهاد أمام الميكروفونات وعبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي ، واذكرهم بما قاله الرئيس السيسى بأن مصر تحتضن بين أبنائها أكثر من تسعة ملايين ضيفاً ولا أقول لاجئا من بعض الدول العربية التي نشبت بها صراعات داخلية ولكنهم سيعودون إليها يوماً ما ، وهذا الأمر لن يحدث مع الأشقاء الفلسطينيين إذا غادروا أرضهم لا قدر الله !! .