الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : حدود ملتهبة .. وخطوط حمراء!!
حبا الله مصر بموقع جغرافي متميز ، حيث تتوسط قارات العالم القديم و منحها أيضا العديد من المقومات التي تجعلها محط أنظار العالم ، لعل فى مقدمتها المقاصد السياحية والثقافية ، ولم لا وهى تحوى بين جنباتها أكثر من ثلثي اثار العالم ، وكذلك من الله على مصرنا الحبيبة بالكثير من الممرات المائية المهمة ، لاسيما قناة السويس التى تعد واحدة من أهم الممرات الملاحية فى العالم إن لم تكن أهمها على الإطلاق.
كل ذلك وغيره الكثير والكثير من المقومات الاقتصادية والجغرافية والتاريخية ، ولن أبالغ إذا قلت الاستراتيجية جعل مصر مطعما وهدفا للغزاة والمستعمرين منذ عهد الفراعنة و حتى عصرنا هذا ، ومع ذلك لم يستطع أحد كسر مصر وشعبها بفضل من الله ثم قوة وصلابة جيشها العظيم الذى يعد أقدم الجيوش النظامية التي عرفتها البشرية وقادتها العظام على مر التاريخ بدءاً من أحمس وتحتمس الثالث و رمسيس الثاني مروراً بعهد محمد على الكبير وصولاً إلى الزعيم جمال عبد الناصر والرئيس السادات بطل الحرب والسلام وكذلك الرئيس مبارك صاحب الضربة الجوية التي كانت كلمة السر في نصر أكتوبر المجيد ثم جاءت الأقدار بالقائد الشجاع والرئيس المخلص عبد الفتاح السيسى الذى استطاع إنقاذ البلاد والعباد من براثن جماعات الشر وأهله وأعاد مصر لمكانها ومكانتها اللائقة بها بين الأمم ، رغم كثرة التحديات والصعوبات ، بل والمؤامرات التى كانت تحاك ضد هذا البلد في الداخل قبل الخارج !! .
لعل ما يحدث في غزة والضفة الغربية مؤخرا وتحديدا منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي وما أعقب ذلك من مجازر ارتكبها الكيان الصهيونى ضد الأشقاء في فلسطين والضغوط التي تمارس لإجبارهم على النزوح قسريا من الشمال إلى الجنوب ، بل وإلى دول الجوار وفي القلب منها مصر والأردن خير دليل على ما ذكرناه في البداية من المخاطر التي تهدد مصر عبر حدودها المختلفة وهو ما وصفناه في مقال سابق
بالحدود الملتهبة خاصة في الناحية الشرقية حيث سيناء الغالية تلك البقعة المقدسة التي تجلى عليها المولى عز
وجل وكلم فيها نبيه موسى عليه السلام ، وكذلك الحال بالنسبة للحدود الغربية وما يحدث من صراعات داخل دولة
ليبيا الشقيقة طوال السنوات العشر الأخيرة ، و الأمر لا يختلف كثيرا في الجنوب حيث دولة السودان والكل يعرف
ويتابع ما يجري بها من معارك وصراعات هى الأخرى تكاد تقضي على الأخضر واليابس فى هذا البلد الطيب ، وحتى
الحدود الشمالية لم تسلم من المخاطر رغم وجود البحر المتوسط كمانع مائي ، خاصة بعد الاكتشافات البترولية
المهمة داخل المياه العميقة شرق المتوسط و في مقدمتها حقل ” ظهر ” الذى يعد من أكبر حقول الغاز الطبيعي في
العالم وما أعقب ذلك من أطماع من دول مجاورة و أخرى غير مجاورة أيضاً.
من هنا كان لزاما على الدولة المصرية قيادة وحكومة وشعبا وضع عدد من الخطوط الحمراء لحماية أمنها القومي لمنع
وردع من تسول له نفسه الاقتراب من حدودها في البر والبحر ، بل وفي الجو أيضا ، وهو ما أكد عليه الرئيس
السيسى أكثر من مرة بأن تراب أم الدنيا مقدس وحمايته والحفاظ عليه واجب على كل مصري شريف ولن نفرط فى
حبة رمل واحدة و نفديها بأرواحنا إذا تطلب الأمر ذلك.