عبد الناصر البنا يكتب: أشهر فهلوى عرفه التاريخ !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
الفهلوى هو الشخص الشاطر البارع القادر على التكيف مع متغيرات الحياة ، وهذا هو تعريف الفهلوى فى المعجم الجامع ، وإن كان الدكتور عكاشة ، له رأى مخالف فهو يرى أن مصطلح الفهلوة ، هو exclusive بالمصريين ، ولا يوجد له مثيل أو مقابل لغوى فى كل لغات العالم ، وأنا أرى أن هناك فهلوية فى حياتنا وهم كثر ، والفهلوى فى حياتنا هو أقرب لـ المحتال أو الشخص إللى بيلعب بالبيضة والحجر أو إللى يقدر يقنعك بحاجه إنت مش ممكن تقتنع بها لو لم يظهر هذا الشخص فى حياتك . وعلى طول الطريق لازم تقابل هذا الفهلوى أو ” الحالنجى” هتلاقيه فى إشارة المرور فى أى محل تدخله ، وإنت بتصلح عربيتك ، والناس دول عندهم قدرة غير عادية على المراوغة والذكاء .
المصيبة السودا لما تصبح الفهلوة إسلوب حياة ، وخاصة لما تسمح الظروف لـ للفهلوى بشغل وظيفة عامة أو يتبوأ منصب فى الدولة ، وهو أساسا غير مؤهل ، وأكيد صادفكم فهلوية كتير فى مؤسسات الدولة ، وفى مواقع ومناصب قيادية ، والناس دى عندها حظ غير عادى ، مش برضه المثل بيقول ” قيراط حظ ولافدان شطارة ” !!
الفهلوة موجودة فى حياتنا من زمان ، إستخدمها المصرى للهروب من الجزيه والضرائب التى تثقل كاهله ، واستخدمها فى تخليص مصالحه المعطلة بحكم الروتين والبيروقراطية والقوانين المتضاربة ، والفهلوة موجودة فى دول كثيرة ، ولو كنت من هواة السفر أكيد ح يقابلك النموذج دا ، ولكن بصور محتلفة . فى الخليج مثلا تلاقى واحد كل إللى حيلته ” نخلة ومعزتين ” وعاملك نفسه ” أمير” ولما تتكلم معاه يحسسك أنه يدير نصف المملكة بطرف أصبعه ، وفى لبنان والشام تلاقى الواحد مش لاقى ياكل ولابس البدله السموكن الشيك والنضارة الـ كارتييه أو البولس وراكب العربية الجاجاور او البورش ، وعامل لنفسه سعر ، وخد من دا كتير !! .
المصري معروف أنه أبو الفهلوة ، وإحنا بالفعل شعب فهلوى ، والفهلوة عندنا بقت طبع متأصل، وخاصة فى طبقة الصنايعية ، وخد عندك فى عيد الأضحى مثلا تلاقى نص الشعب ملطخ هدومه دم ، وماسك له مسن وكام سكين ، ويقولك أنا ” جزار ” وهو مايعرفش يدبح فرخه ، يجيلك واحد بيه بشنطه سامسونايت ويقولك أنا “سباك ” وفى الآخر تكتشف أنه حمار ومايعرفش يغير جلدة حنفية ، والمصيبة لو رحت لـ ميكانيكى من دول ، هيخليك تغير نص العربية وفى الآخر تلاقى العيب ” فيوز ” بتلاته تعريفه .. وهلم جر .
الفهلوى عادة هو شخص خفيف الدم والظل ، الحياة عنده بسيطة جدا ، خلال إقامتى فى الخليج فى فترة التسعينات ، صادفت كتير من النماذج دى ، لدرجة والله الواحد كان يخجل من إللى بيسمعه ، تخيل أنك لوقلت أنا عندى طيارة فيها جناح مكسور ، هينط لك واحد مصرى فهلوى ، يقول لك : أنه متخصص فى تصليح هذا النوع من الطائرات ، حكى لى أحد العمال أنه راح مع شايب بدوى علشان يغير له مفتاح مروحة فى قريته على بعد 200 كم عن المدينة ، سألته : وأنت بتفهم فى الكهرباء يا .. أقسم لى بالله أن بيخاف لـ بتكهرب فى لمبة الجاز .
يقول : رحت مع الشايب وفوجئت بأن البيت فيه خطين كهرباء 110/220 فولت ، وهناك أجهزة تعمل على كل نوع ،
فكيت مفتاح المروحة القديم ، وقمت بتوصيل المفتاح الجديد وبمجرد أن تم إعادة التيار تفحم المفتاح فى إيدى، يبدو
أنى أعطيت الكهرباء للطرفين والمفروض أوصل طرف كهرباء وطرف أرضى ، وخروجا من المأزق سألته أنت إشتريت
المفتاح دا من فين ياشيخ .. قال : من سوق الهنود . قلت الله يلعنه ، أعطاك مفتاح محروق شم كده ، يللا بينا نرجع
له المفتاح ، ويقول : رجعنا إلى السوق وتركته وهربت وانا بأقول له : روح معاك ربنا .
الفهلوى الكبير أوى كان مهندس سودانى ، ودا برنس ، لدرجة انه مسح عقول الناس تماما ؛ لدرجة انه مفيش حد
يقدر يحط طوبه واحدة فى مبنى ، إلا تحت إشرافه وإستشارته ، ودا كان واكل الجو ، وأكاد أجزم انه حاصل على
الإعدادية أو بالكتير دبلوم ، لكن الفهلوة فيه لايمكن أن يتخيلها عقل بشر ، ولما تتناقش معاه يرص لك عبارات
هندسية وجمل يحسسك أنه شيخ المعمارين ، وهو فى الأصل مايعرفش الفرق بين المتر المربع والمكعب ، لكن
تقول إيه ” الشيخ الغريب سره باتع ” أو تقدر تقول ” أرزاق” ، أنا مكنتش مقتنع بيه “بقرش صاغ ” ، وكان دايما يتجنب
الحديث معى أو مناقشتى، يعنى كان عارف انى قارش ملحته .
من كام سنة كده طالعتنا الصحف المصرية بواحدة من أغرب القضايا ، قضية فساد فى وزارة الزراعة ، وكان أحد
الفهلوية هو الوسيط فيها ، وكانت السبب فى سجنه 5 سنوات ، وعلى خلفيتها حبس محافظا للجيزة ، قصة هذا
الشاب ولا فى الخيال ، أو كانها من قصص ألف ليلة وليلة ، لكنها واقع ، ونموذج للفهلوة موجود فى حياتنا ، هذا
الفهلوى بدل مايتكسف على دمه ويتوارى ، أبدا هو ملىء السمع والبصر حتى اليوم ، وكما جسدت الدراما المصرية
هذا النموذج ، كان المفترض أن يتم تجسيد هذا النموذج رحم الله محفوظ عبدالرحمن وأسامه أنور عكاشه ووحيد
حامد . والقصة ببساطه هى قصة حياة شاب طموح “فهلوى ” يقال أنه بدأ حياته ” كصحفي ” ودخل فى دهاليز
السلطة والناس الكبار ، وكون علاقات تسد عين الشمس بعدد لابأس به من المسئولين ، وشويه .. شويه بقى
وكيل إعلانى ووسيط فى رشاوى وعمولات لـ كل وأى حاجة ممكن تخطر على بالك ، حته أرض تخليص أو تسليك
ورق وأبجنى تجدنى .. إلخ .
لا وكمان قرر أنه يرشح نفسه فى البرلمان ، وهوب كمان طير وزير الزراعة “د. صلاح هلال ” فى قضية رشوة وطلع
منها زى الشعرة من العجين كونه شاهد ملك ، أمثله والله العظيم تصيب بالغثيان ، وعلى فكرة نموذج هذا الشاب
موجود للأسف ومتكرر فى مواقع كثيره ، والمحليات ” تعج ” بهذه النماذج للأسف .
أيها قدرة خارقة تلك التى تجعل الشخص يغير جلده وقلبه وعقله فى آن واحد ، وقد تكون البيروقراطية والروتين سببا
فى تأصل فكرة ” الفهلوة ” فى حياتنا ، ففى الوقت الذى توارى فيه الشرف والأمانة والإنضباط لـ يحل محلها ” الذين
دهنوا الهوا دوكو ” من مقتنصى الفرص ، ولما لا إذا كان النظام ثقافة ، فالعشوائية والفهلوة هى أيضا ثقافة ، وقديما
قرات مثل يقول ” إذا لم تكن فهلوياً ، فحاول أن تكون فهلوياً ، أو صاحب صديقاً فهلوياً ” . لكن أوعدك أنى (لا).. (ولن)
أكون هكذا !!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.