الدكتور علاء رزق يكتب : واقع اقتصادى لمانع سياسى (١)

الدكتور علاء رزق
جاء افتتاح المعرض الإفريقي الثالث للتجارة البينية 2023، والذى شهده الرئيس عبد الفتاح السيسى، ليؤكد الثقة العالية من قبل المؤسسات الدولية فى قوة وصلابة الإقتصاد الوطني رغم ما يواجهه من تحديات تأتى فى ظل المستجدات السياسية الإقليمية والدولية التى خلفت أثار وتداعيات سلبية على اقتصادات المنطقة. وبالتالى فإن القيادة السياسية تسعى إلى التغلب على هذه التحديات القائمة من خلال شراكات إقليمية خاصة مع دول أفريقيا ، ولكن فى ظل الوضع الراهن فإن التجارة البينية بين دول افريقيا نسبتها منخفضة بالنسبة لإجمالي حجم التجارة العالمية ، فهى تمثل 16%فقط فى حين أن التجارة البينية بين دول القارة الأوروبية تتعدى 70% ، وبين الدول العربية لا تتعدى 7%فقط وبالتالى تبرز أهمية منطقة التجارة الحرة الأفريقية لإنشاء سوق أفريقي للسلع والخدمات وتحقيق التكامل الاقتصادي وتحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة. تأكيد الرئيس السيسي، خلال كلمته جاءت لتؤكد ضرورة تدعيم التجارة البينية بين الدول الأفريقية، نظراً لما تمتلكه من قدرات اقتصادية هائلة وموارد طبيعية ضخمة جدا في كل المجالات، ولا ينقصنا إلا التنسيق والتعاون الإيجابي بيننا جمعيا.
فمنطقة التجارة الحرة الأفريقية تعتبر أكبر منطقة تجارة حرة في العالم وتضم 55 دولة ،وتسعى لإنشاء سوق قاري
واحد يبلغ سكانه 1.3 مليار نسبة وناتج محلي 3.4 تريليون دولار. ولكن يبقى تدنى حجم التجارة البينية الافريقية،
والذى يرجع إلى قلة الوصول إلى معلومات التجارة والسوق، هو التحدي الكبير لنا الآن ، ولمعالجة هذا الامر، تعالت
الدعوات لإقامة المعرض الأفريقي للتجارة البينية كل عامين لتأمين معلومات التجارة والسوق، وربط المشترين
والبائعين من مختلف أنحاء العالم، وفى المقابل فإن علاقات مصر المتنوعة اقتصادياً ستكون حائط الصد للموانع
الجيوسياسية المتعددة ، فعلاقات مصر مع الولايات المتحدة الأمريكية لا يعيقها وجود علاقات متزنة مع القوى
الاقتصادية الأخرى وعلى الأخص مع القطب الإقتصادى المرتقب دولة الصين ،
توجهات مصر الاقتصادية تم ترجمتها عقب مشاركة بنك الاستيراد والتصدير الصيني في فعاليات معرض التجارة البينية
الإفريقي ،واستعراض فرص التعاون الممكنة مع الجانب الصينى أصبحت ضرورة حتمية عقب اندلال الصراع
الفلسطيني الإسرائيلي وظهور بوادر إجهاض مشروع إنشاء الممر اقتصادي الذى يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا،
مع دمج اسرائيل فى المنطقة العربية،وهو
المشروع الذى يعد بمنزلة رد أميركي على مشروع الحزام والطريق الذي طرحته الصين عام 2013، والذي ينظر إليه
الغرب على أنه مشروع جيوسياسي بغطاء اقتصادي يهدف إلى مد نفوذ الصين عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا، لذا فإن
اندلاع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعيد إحياء طريق الحرير مرة أخرى،فدعم التعاون المشترك بين مصر والصين
في إطار الشراكة الشاملة التي تربط البلدين أصبح أمرا تتطلبه طبيعة المرحلة القادمة ، خاصة وأن التعاون بين مصر
والصين تشهد نمواً عاماً بعد عام بهدف تعزيز جهود التنمية في مصر ، وترتكز مجالات التعاون بين الجانبين في
المشروعات القومية ومشروعات البنية التحتية مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات القطارات الكهربائية.
كما أصبحت الضرورة ملحة نحو تحقيق المزيد من التعاون بين مصر والصين لمواجهة التحديات الناجمة عن الأزمات
العالمية المتلاحقة وما أدت إليه من خلل في توازن سلاسل التوريد العالمية، عبر جذب شركات صينية للسوق
المصري في مختلف المجالات لا سيما في مجالات البتروكيماويات والإلكترونيات. وذلك بعد تحليل عميق لهيكل
الواردات المصرية لتحديد نسبة مستلزمات الإنتاج من إجمالي الواردات وعرض القائمة التى تضم 152 فرصة
استثمارية لتوطينها بالسوق المصري للوفاء باحتياجات الصناعة المحلية من مدخلات الإنتاج والتصدير للأسواق
الخارجية،وفى ظل ما وضعته الحكومة من حزمة مميزة من الحوافز لجذب هذه الاستثمارات والتي تشمل الإعفاءات
الضريبية واسترداد نسبة من قيمة الأراضي الصناعية في حالة الانتهاء من تنفيذ المشروع في غضون 18 شهراً من
بدء الإنشاء بالإضافة إلى التوسع في إصدار الرخصة الذهبية ودعم المستثمرين لضمان سهولة ممارسة الأعمال في
السوق المصري فضلاً ودعم المستثمرين في عمليات الإنشاء للمشروعات الصناعية.
من أجل أن تبقى الريادة المصرية قائمة، بفضل تبنى مبدأ إقامة علاقات متوازنة مع القوى العالمية والمستندة على
مبدأ المصالح المشتركة ، وهو ما سوف نتناوله في المقال القادم إن شاء الله.
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.