شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، هذا الأسبوع، افتتاح المعرض الإفريقي الثالث للتجارة البينية 2023 ويأتى هذا فى ظل المستجدات السياسية الإقليمية التى خلفت أثار وتداعيات سلبية على اقتصادات المنطقة. وبالتالى فإن العمل يتطب التغلب على التحديات القائمة من خلال شراكات إقليمية مع دول أفريقيا ، ودول العالم ،وقد أكد الرئيس السيسي، خلال كلمته في افتتاح المعرض الأفريقي للتجارة ضرورة تدعيم التجارة البينية بين الدول الأفريقية، نظراً لما تمتلكه من قدرات اقتصادية هائلة وموارد طبيعية ضخمة جدا في كل المجالات، ولا ينقصنا إلا التنسيق، لذا تدرس مصر تنفيذ عمليات التبادل التجاري مع روسيا وتركيا والدول الأفريقية بنظام “المقايضة”، وذلك في محاولة لتقليل الضغط على العملة الأجنبية، التى نحتاج منها سنويا ما يتعدى حاجز ال 126 مليار دولار ما بين فاتورة استيراد وخدمة الدين ، وفى ظل ما تعانيه مصر من نقص في السيولة الدولارية منذ الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها، إلى بداية الصراع الحقيقي بين فلسطين وإسرائيل ، وهو ما انعكس على خفض قيمة الجنيه 3 مرات منذ مارس 2022 ، لذا تنظر مصر لنظام المقايضة التجارية، على أنها عملية تبادل بين طرفين، يقدم أحدهما للآخر سلعة أو خدمة أو أصلاً غير النقود، مقابل سلعة أو خدمة أو أصل غير النقود. وبالنظر إلى الدول التى يمكن تحقيق عملية المبادلة معها بعد موافقة البنك المركزي نجد دولة روسيا ،حيث تتراوح قيمة المبادلات التجارية بين مصر وروسيا بين 5 و6 مليارات دولار سنوياً، ودولة الهند وتتراوح قيمة المبادلات أيضاً ما بين 5الى6 مليار دولار ، ومع تركيا بحوالى 8 مليار دولار ومع كينيا باستيراد 90 ألف طن شاى سنوياً ،
وهذا التوجه نحو نظام المقايضة، ليست المحاولة الأولى التي تبحث فيها مصر عن بدائل للتبادل التجاري بعيداً عن
الدولار، إذ توصلت مع تركيا إلى آلية تطبيق التبادل التجاري بين البلدين بالعملات المحلية، وذلك تزامناً مع انضمامها
في أغسطس 2023 إلى مجموعة البريكس، وهو ما سيساعدنا على تنفيذ عمليات التبادل التجاري بالعملة المحلية
مع الدول الأعضاء الأخرى، السعودية والإمارات والأرجنتين وإيران وإثيوبيا وروسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب
أفريقيا،لذا فإن تعظيم حجم الصادرات وتنويع الواردات وتنظيمها ،وكذلك توفير العملة الصعبة في ظل الظروف
الاقتصادية التي يمر بها العالم أجمع، نتيجة تشابك تداعيات كورونا مع الآثار السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية في
أوروبا، إضافة إلى المستجدات على ساحة الشرق الأوسط جراء الحرب في قطاع غزة والتي استمرت لما يزيد عن
40 يوم حتى الآن وكان لها العديد من الآثار والتبعات الاقتصادية السلبية.كل هذا يزيدنا إصرار على ضرورة استكمال
واستثمار المشوار الإقتصادى الذى بدأ بعملية الإصلاح الإقتصادي الاول نهاية عام 2016 ، ثم المرحلة الثانية نهاية
عام 2021, لتحقيق المستهدفات المطلوبة من تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية ورفع مستوى
المعيشة والقضاء على الفقر، الى تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة ، وبالتالى فإن دعوة الرئيس إلى
ضرورة الالتزام بتحقيق أهداف المرحلة وهى الوصول إلى 100مليار دولار صادرات سلعية غير بترولية والوصول إلى
تحقيق ناتج محلى إجمالى تريليون دولار ما هو إلا انعكاس على سعى الدولة إلى توفير المناخ الجاذب للإستثمار
والعمل على زيادة الإنتاج وتشجيع التصدير وتنظيم الاستيراد، لحماية وزيادة تنافسية الدولة المصرية.
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام