عبد الناصر البنا يكتب : هيئة الترفيه .. بداية النهاية !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
فى البداية .. أود أن أسأل نفسى وأسألكم سؤال : من منا لايحب المملكة العربية السعودية ومقدساتها وكونها مهبط الوحى والرسالة ، وإليها تهفو القلوب والأفئدة والأبصار ، أنا أحب السعودية كبلد إسلامى وأحب أهلها ، فيها عشت قرابة السنوات العشر ، وتربطنى بأهلها صداقات قوية ، وأعتقد أنكم تحبون بلد الحرمين ، ويخطىء من يظن غير ذلك ، وحب آل البيت متأصل فى نفوس المصريين ، وكل مايقرب إليهم من قول أو فعل أو عمل .
ودعونا نتفق أيضا أن هناك قلة من المصريين يمكن أن يتسببوا فى الإساءة لبلد بحجم مصر ، عندما خرج سفير المملكة السابق لدى القاهرة فى حديث متلفز لقناة العربية أدلى فيه بتصريحات وصفت بأنها تحمل “إساءة بالغة لمصر” ، بعض ماجاء فيها أنه كان يستضيف قيادات الصحف المصرية ويغدق عليهم بالمال والهدايا ويقدم لهم الدعم والمساعدة ، وتلك كارثة كان يجب التحقيق فيها ، وأن ينحى هؤلاء من المشهد العام فى مصر ، وهو للأسف مالم يحدث ،
والشىء بالشىء يذكر لما فعله رئيس هيئة الترفيه السعودية بالفن والرياضة فى مصر ليس بالقليل ، وأصدقكم القول أن ما حدث ما هو إلا حصاد بطون جائعة تم إستمالتها بكسرة خبز ، أو تأشيرة للحج أو العمرة ، وأعود لأقول : أنها تصريحات رخيصة يمكن قبولها كونها صدرت عن ” بطون جاعت .. ثم شبعت ” ، أو قد تكون لإبتزاز الموقف المصري الصامت عن مساندة الرواية السعودية عن تفكيك خاشقجي .
وأيضا نتفق على أن أنظمتنا العربية أغلبها أنظمة شمولية يعانى فيها المواطن بدرجات متفاوتة من القهر وكبت الحريات ، خاصة وأن أغلبها شعوب لاتعى معنى الديمقراطية ، وهذا الشىء جبلت عليه الشعوب وأصبح أمرا عاديا ، إنما أن تتجاوز الديكتاتورية الحدود المسموح بها ، فهذا يدق جرس إنذار بأن النظام حاد عن الطريق .
إن المتأمل للداخل السعودى اليوم يجده منقسم بين ” تيار محافظ ” يرفض جملة وتفصيلا مايحدث فى المجتمع السعودى من عرى ومجون وخلاعة تحت مسمى ” هيئة الترفيه ” التى قيل أنها تأسست تماشيا مع رؤية المملكة 2030 بغية توفير الفرص الترفيهية لكل شرائح المجتمع ،
وأى ترفيه هذا الذى ينادى به ” تيار الإنفتاح ” وهو لايراعى حرمة ولا دين ، وقد عاش المجتمع السعودى لسنوات طوال مجتمعا مغلقا محافظا يأتمر بأوامر ونواهى محمد ابن عبدالوهاب ، والمتشدد من فقه ابن حنبل ، وقد حرمت السلفية الوهابية كل شىء فى الحياة حتى ضيقت على الناس حياتهم ، ولم يكتفوا بذلك ، بل بذلوا كل غال ونفيس لتصدير هذا الفكر ” العفن ” إلى دول الجوار وأولها مصر .
وللقائم على هيئة الترفيه أقول إن أردت أن تصنع لك تاريخا ، فإصنع لك تاريخا تحافظ فيه على هويتك ، إبحث فى
تراثك ؛ فى موروثك الثقافى ، فى عاداتك وتقاليدك ولسوف تجد الكثير ، وتذكر دوما أن ” نجيب محفوظ ” صاحب نوبل
الأديب المصرى العالمى ، وصل إلى العالمية عندما أغرق فى المحلية ، والتاريخ لايصنع بالتقليد الأعمى والإنفتاح
بدون ضابط ولارابط ، وهو أيضا لايأتى بالتطبيع والإنسلاخ من الهويه العربية والإرتماء فى حضن الصهاينة ، والأمريكان ؛
وتذكر دوما أن خير الأمور أوسطها .
بالأمس القريب تحول فندق ريتز كارلتون بالرياض إلى “سجن ذهبي” لعدد من الأمراء النافذين في السعودية ضمن ما
سمي بحملة “مكافحة الفساد” التي قادها ولي العهد السعودي فى ليله سميت ” ليلة سقوط الأمراء ” وإستعاد
خلالها 100 مليار دولار ، وربما تكون هذه هى البداية ” بداية الإنشقاق داخل البيت السعودى ” ؛ تلتها خطوة أشد
قسوة فى تعامل النظام السعودى مع معارضيه ، وفى الأذهان عملية تصفيه الصحفى المعارض جمال خاشقجي فى
السفارة السعودية بتركيا ، وردود الأفعال الدولية لبشاعة الحادث .
ومن بعدها حادثة قتل اللواء عبدالعزيز الفغم ، حارس العاهل السعودي ، الملك سلمان بن عبدالعزيز ، الحادثة التى
أثارت تفاعلا واسعا ، واستدعت علامات استفهام وتكهنات واسعة حول حقيقة ما حصل ،
حوادث أخرى متفرقة أكدت على تعامل النظام السعودي مع المعارضة بتعسف شديد ، قد يشكل إنتهاكا لحقوق
الإنسان ، ولايجرؤ الإعلام السعودى بنشره والا فمصيره فى “سجن الحائر” بالرياض الذى يوصف بأن الداخل فيه
مفقود والخارج منه مولود .
السياسة التى تنتهجها المملكة فى العلاقات الخارجية تختلف كلية عن تلك التى قادها المخضرم سعود الفيصل
رحمه الله لمدة 40 عاما ، وأثبت براعته في توصيل جوهر الرسالة السعودية متجاوزا التفاصيل الدبلوماسية المنمقة ،
لوقت قريب لم يكن هناك من حديث للرئيس الأمريكى السابق ” دونالد ترامب ” طوال سنوات ثلاث قبل توليه الحكم
سوى ” الدفع مقابل الحماية “
وبالفعل ومع أول زيارة له إلى العاصمة السعودية الرياض إستطاع أن يعقد صفقات تجاوزت الـ 460 مليار ؛ وصفقات
تسليح تخطت الـ 110 مليار ؛ ولم يكتفى بذلك بل فرض فاتورة يومية تدفعها دول مجلس التعاون الخليجي عن كل
برميل نفط يتم تصديره للخارج تصديقا لمقولة ظل يرددها ” لا فطائر مجانية ” ، ويظل ترامب يطارد المال السعودي
مقابل تسليح المملكة وتثبيت سلطة أصغر ولاة العهد سنا وأكثرهم نفوذا حتى آخر هلله !!
ويأتى إعلان المملكة والإمارات المتحدة وعدد من الدول عن مشروع  الربط بين الهند وأوروبا عبر منطقة الخليج ، ليزيد
الأمر تعقيدا بين المملكة ومصر ؛ كونه يسبب ضررا مباشر لـ ” قناة السويس ” المصدر الرئيس للعملة الأجنبية
للإقتصاد المصرى ، وكان قد سبقه تصريح لوزير المالية محمد الجدعان أكد فيه إن عهد المنح غير المشروطة للحلفاء
ذهب بلا رجعة قاصدا تركيع مصر .
حقيقة فإن التاريخ لن ينسى للجارة الشقيقة تلك السقطات والايام دول كما يقول المثل ؛ كما أن التاريخ لن يغفر
للعرب كافة ذلك الموقف المتخاذل للقضية الفلسطينية ومايحدث فى قطاع غزة من اعتداءات وابادة جماعية على
قوات المحتل الغاشمة .
ونعود دوما لنؤكد على أن ” المتغطى بأمريكا عريان ” أمريكا التى تتحين الفرصة لتدق أسفين فى نعش الأسرة
السعودية بتأليب امراءها خاصة أولئك الذين تم تنحيتهم جانبا عن سدة الحكم وتشريدهم بالنفى او السجن ،
هذا بخلاف الإنفتاح الفج الذى صار خطرا على لحمة الشعب السعودى المحافظ ؛ ولم لا وقد تعالت الأصوات بعد أن
كانت همسا داخل المجتمع السعودى لتجاهر برفضها ؛ وتستنكر مايحدث من فسق ومجون ؛ وقد كثرت على وسائل
التواصل الإجتماعى الإنشقاقات داخل الحرس الملكى السعودى وأصوات فى الخارج ترفض ماوصل إليه جال المجتمع
السعودى .. حفظ الله المملكة وحفظ اهلها ؛ ووفق مصرنا الحبيبة إلى مافيه خير ورفعه البلاد والعباد .. ودمتم .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.