تعرض الاقتصاد المصري في السنوات القليلة الماضية، لعدد من الصدمات الإقليمية والدولية المتتالية، والتي جعلته يواجه تحديات هائلة في مسعى للتعافي ، وإيجاد فرصة لحل الأزمات، وعلى رأسها أزمة السيولة الدولارية، وجميعها عوامل دفعت إلى خفض تصنيف مصر الائتماني من قبل وكالات التصنيف الرئيسية.واحدة من أبرز التحديات التي واجهها الاقتصاد المصري كانت تداعيات جائحة كورونا،والتى أثرت على الأنشطة الاقتصادية وتدني حجم الاستثمارات والتجارة الخارجية بشكل واسع.كذلك تأثر الاقتصاد المصري بالتوترات الإقليمية والتطورات السياسية في العالم ومنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك تبعات الأزمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها العنيف على أسعار النفط والمنتجات البترولية والقطاع السياحي والغذاء. ثم جاء التصعيد في غزة ليضفي مزيداً من التحديات أمام الاقتصاد المصري أهمها أزمة تكلفة الدين، في وقت خفضت فيه وكالة “فيتش” تصنيف مصر إلى “B-” هبوطاً من “B”مع نظرة مستقبلية مستقرة، تعبر عن جهود تنموية سابقة تمثلت في عمليتى الاصلاح الإقتصادى الأولى والثانية ،لذلك تستند وكالة فيتش فى توقعاتها الإيجابية للإقتصاد المصري الذى يشهد عودة قوية للسياحة المصرية أن تساعد إيرادات السياحة وقناة السويس وانتعاش التحويلات في احتواء احتياجات التمويل من الواردات الأكبر حجما. خاصة بعد إعلان البنك المركزي المصري، مؤخراً إن صافي الاحتياطيات الأجنبية لمصر ارتفع إلى 35.102 مليار دولار في أكتوبر من 34.97 مليار دولار في سبتمبر، بزيادة بقيمة 132 مليون دولار. وهو أمر قد يعزز من إمكانية أن نصل إلى حصيلة دولارية مقبولة مكونة من عائدات قناة السويس والتي تصل إلى 10 مليار دولار العام الجاري.والصادرات المصرية والذي وصلت إلى 53 مليار دولار. أيضاً تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر والذي وصل إلى 10 مليار دولار. مع وصول إيرادات قطاع السياحة إلى 13 مليار دولار.ومع إضافة الحصيلة الدولارية المتوقعة للمصدر الخامس وهو تحويلات العاملين في الخارج وقدرها 30مليار دولار فإننا سنصل إلى قرابة 116 مليار دولار مقابل 126 مليار دولار احتياجات دولارية سنوية تتمثل فى فاتورة الواردات وخدمة الدين ، وواقعيا نجد أن الفجوة الموجودة من السهل جدا اجتيازها لو أحسنا استغلال الفرص الاستثمارية المتاحة لدينا ، عبر المضي قدما في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، والتوسع في دعم قطاع الصناعة المصري عبر الاهتمام باستراتيجية تعميق التصنيع المحلى. واستغلال حملات المقاطعة الحالية كفرصة ذهبية أمام المنتجات المحلية لتزيد من مساحتها السوقية عبر تزايد الطلب على المنتجات المحلية. وتغير أنماط الاستهلاك، مما يعطى الاقتصاد المصري فرصة لزيادة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلى الاجمالي.وبالتالى خلق المزيد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وزيادة المعروض من المنتجات، وبما قد يدفع باتجاه وضع التضخم على مسار الانخفاض خلال الفترة المقبلة،وهى الفترة التى یشهد العالم الیوم مجموعة من التحدیات الاجتماعیة والاقتصادیة والبیئیة المتعلقة بالتنمیة المستدامة مثل تزاید نسبة الفقراء وتصاعد نسبة البطالة والاستبعاد الاجتماعى والتدهور البیئی،كنتيجة منطقية لعدم توظیف الموارد الطبیعیة والبشریة، فالنموذج التنموى الحالى یعزز الاستهلاك ویفشل فی القضاء على الفقر ویؤدى الى سوء استثمار الموارد الطبیعیة ،الأمر الذى یتطلب البحث عن نموذج تنموى جدید یستند إلى التضامن والتنمیة المستدامة،ویقوم على مبادئ المساواة الاجتماعیة والعدالة الاجتماعیة واحترام الطبیعة وتوجیه عملیة وصنع وتنفیذ السیاسات العامة. لذا ظهر مفهوم الاقتصاد الأخضر والذی یهدف إلى تحسین رفاهیة الإنسان والعدالة الإجتماعية ،وخلال السنوات الماضیة، حل نموذج الاقتصاد الأخضر فی صلب مناقشات السیاسات العامة الأمر الذی یبشر بمیلاد نموذج جدید للتنمیة،وفى إطار سعى الدولة المصرية إلى بناء مستقبل
مستدام لأجيالها الحاضرة والمستقبلة، لذا فقد تبنت منهجية الاقتصاد الأخضر كمسار من مسارات التنمية
المستدامة عبر “استراتيجية مصر للتنمية الخضراء” التي تساعد في تحقيق رؤية مصر 2030
ونرى أن هذه الرؤية ستسفر عن نمو اقتصادي عام، ومزيد من التجارة في السلع المنتجة بطرق مستدامة . من
خلال السعي لتحقيق متطلبات التنمية المستدامة بحماية الموارد الطبيعية والاستغلال الرشيد لها، والتوسع في
استخدام التكنولوجيا النظيفة، ومشروعات انتاج الطاقة الجديدة والمتجددة والاستفادة من الإمكانيات الطبيعية الهائلة
التي تتمتع بها مصر من مصادر لإنتاج هذه الطاقة.مع السعى الحكومى لرفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في
مزيج الطاقة ، وعلى نحو يجعل من مصر مركزاً للطاقة المتجددة في منطقتها. مع السعى لتبني العديد من المبادرات
التي تتيح للقطاع الخاص الاستثمار في مجالات عدة مثل مشاريع تحويل المخلفات إلى طاقة والاستثمار في
المخلفات الزراعية، والتأكيد بأن دور المؤسسات الداعمة والتمويلية هو دور رئيسي ويساهم في تسريع عجلة التقدم
في كافة مجالات الاقتصاد . ما نؤكد عليه أن الخطوات الذكية نحو التوجه للاقتصاد الأخضر من خلال مبادرة حياة كريمة
وتنمية الريف المصري المصري تدعم بقوة رؤية مصر الاستراتيجية 2030 والتى تقوم على متطلبات اهمها: مشارکة
القطاع الخاص،كذلك تعزیز دور منظمات المجتمع المدنی، من خلال رؤیة جماعیة مشترکة واستقطاب الدعم من
مختلف عناصر المجتمع والتی تتضمن الحکومات والقطاع الخاص والمؤسسات التنمویة، وبناء الشرکات على
المستویات الوطنیة والإقلیمیة والدولیة لتسهیل حشد الموارد وزیادة الاستثمارات . أيضاً تحسین وتطویر التعلیم
وتعزیز برامج التدریب وإعادة التأهیل المهنی وهو أمر تسعى إليه بقوة القيادة السياسية ، ما نؤكد عليه ، أن تحقيق
الاستدامة يرتكز على إصلاح الاقتصاد الذى يحتاج إلى عملية طويلة الأجل، استراتيجيات التحول نحو الاقتصاسياسات
مصرية… ومسارات مستقبلية ، نضمن بها أن تحيا مصر المعنى الحقيقي لوجودها.