الاإعلامي محمود عبد السلام يكتب : بديل أمريكا ؟

تشرذم العالم الأسلامى لا يعنى عدم وجوده ، تظل الحضارة الأسلامية رقماً لا يمكن تجاهله فى الصراع العالمى ، إذا توحد العالم الأسلامى ثم ذهب نحو الحضارة الكونفوشيوسية وأقام علاقات مع الصين قائمة على تبادل المصالح وقسمة الربح الحضارى والأقتصادى والعسكرى على أثنين ، سيكون هذا التوجه معارض تماماً لوجود الحضارة الغربية البرجماتية النفعية ،
الغرب بقيادة أمريكا لم يقدم للعالم الأسلامى المنتظر منه ، المواقف المخزية من الغرب تجاه المنطقة متعددة تاريخياً وفى مقدمتها القضية الفلسطينية ، لم تتعاون أمريكا مع العالم الأسلامى كشركاء وأنما تعاملت معه معاملة السيد للعبد ،
ترك الأحتلال الأنجليزى والفرنسى المنطقة ، بعد أن قسمها وزرع الفرقة بينها ، ورثت أمريكا أرث اوربا الأستعمارى فى المنطقة العربية بشكل مختلف ، وضمنت سيادة أسرائيل الأبدية وتفوقها العسكرى إلى أبعد مدى ، الغرب وأمريكا يعتبرون أسرائيل أكبر قاعدة عسكرية لهم فى المنطقة ،
هذا الخنجر فى خصر الأمة العربية كان يلزم لأخراجه عمل جاد ودؤب داخلياً وخارجياً للتخلص من هذا السرطان الراكز على قلوبنا ، الصين بدأت نهضتها الأقتصادية منذ عام ١٩٧٨ وأستطاعت بأتباع سياسة الحياد والأبتعاد عن الصراعات العالمية أن تصبح قوى عظمى ثانية على مستوى العالم ، النهضة الصناعية الصينية تحتاج إلى الطاقة المتوفرة بالشرق الأوسط ، ٦٥٪ من أحتياجات الصين من الطاقة اللازمة لأدارة مصانعها تستمدها من دول الخليج ، تأمين مصادر الطاقة بالطبع ضرورى ،
أقامت الصين مع دول الخليج علاقات متوازنة سمحت للأنظمة العربية بتبادل المصالح مع الصين ، وأنتبهت
الصين لسياسة أمريكا والغرب فى المنطقة التى كانت قائمة على مبدأ ( أنا أكسب وأنت تخسر ) ، أثمرت زيارة
الرئيس الصينى إلى السعودية عن تبنى الدول الخليجية والعربية موقف مغاير لموقف أمريكا والغرب من الحرب
الروسية الأوكرانية ، فألتزمت الدول العربية الحياد ولم تقاطع روسيا أقتصادياً ، كما أثمرت العلاقات الصينية العربية عن
عودة العلاقات السعودية الإيرانية مرة اخرى بعد عدة عقود من النزاع ، الصين تريد الأستقرار للمنطقة لضمان أستقرار
مصالحها ، طريق الحرير الذى نشطت الصين فى إحياءه وعودته للحياة مرة أخرى سيكون شرياناً أقتصادياً مهماً يجمع
العديد من الدول العربية والأسيوية من ضمنها مصر بقيادة الصين ، موقف الصين من القضية الفلسطينية متوازن
وموقفها من المقاومة مشرف وتعتبرها حقاً مشروعاً وظهر ذلك فى حروب الكيان الصهيونى ضد غزة فى ٢٠٠٨ وفى
عام ٢٠١٤ ، التكتلات الحضارية تشكل ملامح العصر القادم ، الأتكال على أمريكا والغرب أختيار ليس صائباً بل هو مدمر
، وأتضح ذلك بجلاء فى التأيد الأعمى للرئيس الأمريكى لأسرائيل فى حربها ضد غزة وقتل الألاف من المدنيين الأبرياء
بدمٍ بارد ، أمريكا بالأساس تحمى مصالحها بالمنطقة وتعتمد على وجود أسرائيل هنا ، وتخشى التقارب العربى
الصينى الروسى الأيرانى ، صحيح أن الصين لم تقل كلمتها بوضوح حتى الأن ، لكن هذا لايمنع أنها القوة المناوئة
لأمريكا أقتصادياً وعسكرياً وقد تتفوق عليها مستقبلاً ، فهل سيكون لنا نظرة إلى المستقبل ونستطيع أن ننشأ
علاقات مع حضارة أخرى غير الحضارة الغربية ، يكون مضمون فيها تبادل المصالح والعلاقات المتوازنة ، أم سنستمر
فى رؤيتنا القاصرة بأن اوراق اللعبة مازالت حتى الأن فى يد أمريكا وأنه لا بديل لها !!!