إبراهيم نصر يكتب : كيف نصر الله ؟

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

ختمت مقالى السابق بقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”، فكيف يكون نصر الله وهو الغنى عن العالمين، والمستغنى عن البشر أجنعين؟.

أجمع أهل التفسير أن المراد هو: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن تنصروا دين الله

بالجهاد في سبيله، والحكم بكتابه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ينصركم الله على أعدائكم،

ويثبت أقدامكم عند القتال.

فهذا أمر منه سبحانه وتعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه،

وأن يقصدوا بذلك وجه الله ولا يشركوا به شيئا، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم،

أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم،

فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره.

ولينصرن الله من ينصره

ونظير ذلك قوله تعالى: “ولينصرن الله من ينصره” وقالوا فى ذلك: إن تنصروا نبي الله ينصركم الله، والمعنى واحد.

ويثبت أقدامكم أي عند القتال. وقيل: على الإسلام، وقيل: على الصراط، وقيل: المراد تثبيت القلوب بالأمن،

فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في موطن الحرب.

فيا أمة الإسلام، حكاما ومحكومين: نصر الله لكم على أعدائكم مرهون بنصر دينه والعمل بكتابه وبسنة نبيه،

صلى الله عليه وسلم، فلن تصلح أمة الإسلام إلا بما صلح به أولها، ويبدأ الصلاح بنبذ الخلاف وتوحيد الصف

وتأليف القلوب، وإدراك الواقع، والأخذ بالأسباب بإعداد العدة والاستعداد التام بالقوة اللازمة لخوض المعركة،

ومعرفة حجم المخاطر الناجمة عن خوضها،

ثم التوكل على الله حق توكله، والإيمان الجازم بأن النصر لا يكون إلا من عند الله تعالى، وبغير ذلك ستفشلوا وتذهب ريحكم

كما هو الحال الآن.

ولا تنازعوا فتفشلوا

قال الله تعالى فى الآية 46 من سورة الأنفال:

“وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”.

يقول ابن كثير فى تفسير هذه الآية: أمرهم أن يطيعوا الله ورسوله فى حالهم ذلك فما أمرهم الله تعالى به ائتمروا، وما نهاهم عنه

انزجروا ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضا فيختلفوا فيكون سببا لتخاذلهم وفشلهم، “وتذهب ريحكم” أى قوتكم ووحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال.

“واصبروا إن الله مع الصابرين” وقد كان للصحابة رضى الله عنهم فى باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم الله ورسوله به وامتثال ما أرشدهم إليه

ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم، ولا يكون لأحد ممن بعدهم، فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته فيما أمرهم

فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا فى المدة اليسيرة مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم من الروم والفرس والترك والصقالية

والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط وطوائف بنى آدم.

لقد قهروا الجميع حتى علت كلمة الله وظهر دينه على سائر الأديان وامتدت الممالك الإسلامية فى مشارق الأرض ومغاربها

فى أقل من ثلاثين سنة، فرضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين وحشرنا فى زمرتهم إنه كريم وهاب.

حفظ الله مصر وأهلها، وهدى أمتنا سبل السلام.

Ibrahim.nssr@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.