600 إمام وواعظ من الأوقاف فى ندوة تثقيفية بجامعة القاهرة

د. الخشت: جامعة القاهرة لديها مشروع لتأسيس خطاب دينى جديد مقاوم للتطرف والإرهاب والرجعية

كتب : شوقي الشرقاوي
نظمت جامعة القاهرة، برنامجًا تثقيفيًا لـ 600 إمام وخطيب من وزارة الأوقاف، تحت رعاية الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة، بقاعة الاحتفالات الكُبرى، يهدف إلى التعرف على الدور الفكري لجامعة القاهرة ودورها في تجديد الخطاب الديني وتاريخها ودورها محليًا وعالميًا، وذلك في إطار تنفيذ بروتوكول التعاون الذي تم توقيعه بين الجامعة والوزارة للإعداد الجيد والتدريب المستمر والنهوض بالأئمة والواعظات في مختلف المجالات، وبما يساهم في دعم توجه الدولة نحو محاربة الأفكار الهدامة والمتطرفة، والسعي نحو تقديم خطاب ديني متزن خال من التعصب.
قال الدكتور محمد الخشت، خلال المحاضرة التي ألقاها، إن هذا البرنامج التثقيفي يُعد حدثًا سعيدًا في حياة جامعة القاهرة لاستضافة جمع كريم من أئمة المنابر المصرية بوزارة الأوقاف والذين يمثلون الخط الأول في تقديم صحيح الدين، ومواجهة التطرف والإرهاب، وترسيخ الوسطية، مشيرا إلى أن هذه الندوة تأتي في إطار تعاون كبير ومثمر مع وزارة الأوقاف برعاية معالي الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وهو ما يمثل مجالات جديدة لم تكن موجودة من قبل خاصة مع ضرورة تنوع وتعدد منابع المعرفة
وأوضح الخشت، أن الدور الفكري لجامعة القاهرة بدأ منذ عام ١٩٠٨، وهي البداية الحقيقية لعصر الحداثة المصري نظرا لدراسة العلوم المختلفة وإتاحة العلم للجميع بالشكل النظامي، وكان الآباء المؤسسون للجامعة يهدفون إلى إنشاء جامعة للعلوم الطبيعية والإنسانية والدينية، وقد خرجت الجامعة أجيالا قامت عليها الدولة المصرية الوطنية، وكان لها دور بارزفي تكوين النهضة الحديثة التي يشهدها العالم العربي والإسلامي
كما أكد رئيس جامعة القاهرة، على بعض الأسس والمبادئ التي عملت الجامعة على تنفيذها في سياق وثيقة الجامعة للتنوير، وأهمها تكوين خطاب ثقافي وديني جديد يعتمد على التأويلات العقلانية المتعددة والقراءة العلمية للنصوص الدينية، وتأسيس تيار عقلاني عربي مقاوم للتطرف والإرهاب والرجعية، والدعوة إلى إعمال العقل وفهم الواقع والخصوصية الاجتماعية والثقافية والدينية، والانفتاح على تجارب التنوير الأخرى والتيارات العالمية وتاريخ الفكر والفنون، وتنوع مصادر المعلومات، والتمكين التكنولوجي لكافة عناصر الجامعة من منظور المصلحة القومية، مشيرا إلى الدعوة التي اطلقتها الجامعة منذ سنوات فيما يتعلق بمشروع لتأسيس خطاب ديني جديد تتمثل أهم معالمه في التمييز بين الدين نفسه المقدس “المتمثل في القرآن والسنة النبوية المتواترة” والوحي ليس جزءا من التراث، بل هو قبل التراث وفوقه ، أما التراث فهو بشري وهو مجرد محاولات وطرق مختلفة لفهم الدين “المتمثل في كلام وتفسيرات البشر ورؤاهم وعلومهم وهي قابلة للصواب والخطأ والتطوير”
وأشار  الخشت، إلى أن تعددية الصواب تعني وجود أكثر من معنى للشئ نفسه، حيث إن ٧٥% من آيات القرآن
الكريم متعددة المعنى والدلالة وهو ما يمثل أحد أسباب اختلاف الفقهاء، ولذا فإن بناء عصر ديني جديد يستلزم
استعادة روح الأصول الأولى، وإعمال العقل النقدي، واستعادة الإسلام المنسي وهو الإسلام الأول الذي قامت عليه
الأمة، والعودة إلى هذا الإسلام الأول بطريقة حداثية وليس بالمعنى المغلق لمفهوم الحداثة
وذكر الدكتور الخشت، أن جامعة القاهرة نجحت خلال السنوات الأخيرة في تحقيق العديد من الانجازات الجوهرية،
منها تجاوز فكرة التخصصات الدقيقة والمنعزلة، وبناء نسق فكري مفتوح ومتطور، وبناء الشخصية القادرة على العمل
الفكري، بالإضافة إلى بناء بيئة تعليمية تحفز روح الاكتشاف والإبداع والحرية الأكاديمية، وعدم التمييز على اساس
ديني أو عرقي أو اجتماعي، وأن يكون الجميع محكوما بمبدأ المواطنة
ومن جانبه قال الدكتور السيد مسعد وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة الجيزة أن الله تحدث عن العلم بكل أنواع العلوم
حيث لا يقتصر العلم على علوم الشريعة وغيرها من علوم الدين والحديث فقط، بل إن آيات القرآن الكريم تدعونا إلى
الأخذ بالعلم الذي يشمل كل العلوم التي تساعد على عمارة الدنيا بالدين حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه
الكريم “هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها” و “إنما يخشى الله من عباده العلماء”، وهذه الآية تشير إلى أن
العلم يشمل كل أنواع العلوم، كما أن سورة الروم تحدثت عن اختلاف الألسنة واللغات، وهو ما يؤكد ضرورة العمل في
أي مجال من مجالات العلوم طالما لا ضرر لها في الدنيا أو الدين.
أشار وكيل وزارة الاوقاف، إلى أن الوزارة أخذت على عاتقها دورًا عظيمًا تمثل في تثقيف الناس والأئمة باعتبارها أحد
المصادر التي تمد الناس بالثقافة والمعرفة، كما أن وزير الأوقاف يحرص على تنظيم يوم تثقيفي بهدف تعريف العالم
على جهود الدولة وما تقدمه للمجتمع بهدف ترسيخ الوطنية لديهم كونهم أعضاء وشركاء في بناء المجتمع.
قال الدكتور عبدالله التطاوي المستشار الثقافي لرئيس الجامعة، إن نهضة مصر هي الهوية المصرية والتي تتمثل في
هوية الأرض والتاريخ والمواطن المصري وقت الشدة، وينتج عنها مفهوم واضح لمصطلح الهوية الوطنية، مؤكدا على
ضرورة إعمال العقل والتفكير والبحث عن الحجة، والتركيز على المسؤولية الاجتماعية، والعمل على أن نكون أمة
منتجة، وتقبل ثقافة الاختلاف والتنوع والتعددية، وإعلاء قيمة العمل، واستعادة ما صنعه الآباء والأجداد بالعلم والمعرفة
والقيم الدافعة للتقدم.
أوضح الدكتور محمد منصور هيبة المستشار الإعلامي لرئيس الجامعة، أن الدعاة والإعلاميين وجهان لعملة واحدة
وإن اختلفت الأدوات والأساليب، مؤكدا ضرورة أن تتكامل رؤاهم كونهم جميعا أصحاب رسالة تستهدف النهوض بالوطن
وانقاذه، والمحافظة على الذات والهوية، وتعليم أبناء الوطن وشبابه التفكير الناقد والوعي بمصلحة مجتمعه
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.