الدكتور علاء رزق يكتب : اللايقين وشقوق الوعود المحطمة 

الدكتور علاء رزق

اختتمت في مدينة مراكش المغربية هذا الأسبوع الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين ، وسط تصعيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الشرق الأوسط، وفي دولة مضيفة لا تزال تتعافى من زلزال مدمر.المناقشات تنوعت ما بين آفاق الاقتصاد العالمي المثقل بالديون، والصراعات، وفجوة الثروة المتزايدة بين الدول الغنية والفقيرة، والجهود المتعثرة لمعالجة تغير المناخ. وقد أظهرت حده الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مدى حالة التراجع التى سيشهدها الاقتصاد العالمي مستقبلاً ،حيث أظهرت توقعات صندوق النقد الدولي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي من 3.5% العام الماضي إلى 3% هذا العام و2.9% العام المقبل،وهذا قبل بداية الصراع ، ولكن بعد بداية الصراع ستقل النسب المستقبلية السابقة من 0,3%الى 0,5% وهو إنخفاض سيؤثر سلبا على جميع مؤشرات الأداء الإقتصادى العالمى،وإذا نظرنا إلى ما هو أبعد من الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، وتزايد حدة الديون لديها مثل الولايات المتحدة الأمريكية التى بلغ سقف الدين مستويات غير مسبوقة حيث وصل إلى 31,4  تريليون دولار، سنجد أن ارتفاع أسعار الفائدة الرسمية، وقوة الدولار، والشكوك الجيوسياسية تزيد من التحديات التي تواجهها بقية دول العالم ، ويزيد الأمر صعوبة تنامى حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع تحذير صندوق النقد الدولي من أن أسعار الفائدة المرتفعة ستضع بعض المقترضين في أوضاع أكثر خطورة. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 5% من البنوك على مستوى العالم معرضة للضغط إذا ظلت هذه المعدلات مرتفعة لفترة أطول، كما أن 30% أخرى من البنوك – بما في ذلك بعض أكبر البنوك في العالم – ستكون معرضة للخطر إذا دخل الاقتصاد العالمي فترة طويلة من النمو المنخفض والتضخم المرتفع.فزيادة حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، ومن قبله الصراع الروسي الأوكراني، والحمائية التجارية المتزايدة، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين،فهذا التشرذم يزيد من صعوبة إيجاد حلول قابلة للتطبيق لأزمة الديون المتفاقمة التي تلوح في الأفق في الشرق الأوسط والعالم بأسره. فسابقاً سيطر صندوق النقد والبنك الدوليين ، إلى جانب الولايات المتحدة وأوروبا، على مشهد إدارة الإقراض والديون العالمية. اليوم، أصبحت الصين أكبر مقرض رسمي في العالم، حيث تقرض ما يصل إلى 900 مليار دولار على مستوى العالم على مدار العقد الماضى أى أكثر من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمقرضين الغربيين مجتمعين.حتى في مصر، تكتسب بكين تدريجيا بصمة أكبر. وما زال الانقسام دائرا حول إدارة الديون.ويتزامن ذلك مع عدم قيام دول مجموعة السبع بتغطية شقوق الوعود المحطمة واللازمة لمعالجة الفقر وانهيار المناخ،وكلها عوامل تجعل بناء إقتصاد عالمى مزدهر أكثر صعوبة، وهو ما عبرت عنه رئيسة صندوق النقد الدولي من أنه اذا لم ننجح في مد الجسور بين رأس المال المتمركز في دول الشمال والشباب المتمركز خصوصا في إفريقيا، فلن ننجح أبدا،لذا تسعى الحكومة المصرية إلى ضمان الاستمرارية في مسيرة الإصلاحات الهيكلية من خلال تبني سياسات متوازنة تراعي البعد الاجتماعي،وترتكز على الالتزام بالانضباط المالي والتعامل الإيجابي مع الآثار السلبية التي تفرضها الأزمات العالمية المركبة، وما ينتج عنها من ضغوط تضخمية غير مسبوقة،وحالة من اللايقين التي تسود الأسواق الدولية، ما نؤكد عليه أن الإقتصاديات العالمية وعلى الأخص الناشئة منها ستبحث حاليا ومستقبلاً  عن كيفية إعادة هيكلة الديون، وإيجاد سياسة نقدية بهدف تحقيق توازن بين العرض والطلب،بما يمكنها من الحصول على السيولة المناسبة، من أجل رسم مسارٍ لاقتصاد قادر على الصمود ومستقبلٍ أكثر إشراقاً يساعد على ترميم شقوق الوعود المحطمة.

كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.