الدكتور علاء رزق يكتب : كلوديا جولدين وعوائق المستقبل
قدمت كلوديا جولدين، الحائزة على جائزة العلوم الاقتصادية هذا العام، أول وصف شامل لدخل المرأة ومشاركتها في سوق العمل عبر القرون. وأصبحت جولدين ثالث امرأة تحصل على الجائزة منذ أن أنشأها البنك المركزي السويدي عام 1968.
وما يميز عالمة الاقتصاد جولدين أن معظم أبحاثها تفسر الحاضر من خلال عدسة الماضي وتستكشف أصول القضايا الحالية المثيرة للمخاوف،
حيث أكدت على أن مشاركة الإناث في سوق العمل لم يكن لها إتجاه تصاعدي خلال الفترات السابقة، ولكنها بدلًا من ذلك شكلت منحنى على شكل حرف U. وانخفضت مشاركة المرأة المتزوجة مع التحول من مجتمع زراعي إلى مجتمع صناعي في أوائل القرن التاسع عشر،
ولكنها بدأت تتزايد بعد ذلك مع نمو قطاع الخدمات في أوائل القرن العشرين،وخلال القرن العشرين، ارتفعت مستويات تعليم النساء بشكل مستمر، بل أصبحت الآن أعلى بكثير من مستويات تعليم الرجال.
والملفت أن جولدين أكدت أن الوصول إلى حبوب منع الحمل لعب دوراً أساسياً في تسريع هذا التغيير الثوري من خلال توفير فرص جديدة للتخطيط الوظيفي.
وتساءلت جولدين لماذا تجد المرأة صعوبة في الوصول وتقلد مناصب عليا؟ ولماذا يتطلب التغيير وقتا طويلا؟ فقد اعتمدت أوروبا على أسلوب المحاصصة من أجل تحقيق التوازن بين الجنسين في مجالس إدارات الشركات، وذلك بهدف زيادة تمثيل المرأة في الإدارة.
ولكن الحقيقة تبقى في أن التمثيل النسائي على مستوى العالم لا يزال نادرا بصورة مثيرة للجدل على صعيد إدارات الشركات. ولكن هناك بوادر أمل ، بزيادة نسبة تقلد المرأة لمناصب تنفيذية عليا ووصولها إلى مستوى تاريخي الفترة الماضية وبنسبة تصل إلى 4.8 %، عكس الحال في نهاية التسعينيات حيث كانت تدار شركة واحدة فقط من قائمة أكبر 500 شركة من قبل إمرأة ،
وتكشف دراسة أجريت أخيرا أن 3 %فقط من مجموع 145 شركة كبرى تعمل في السوق الإسكندنافية، تديرها امرأة. وينطبق الشيء نفسه على فرنسا. وعلى ما يبدو يطرح السؤال ذاته في جميع أنحاء العالم، لماذا تواجه المرأة كثيرا من العقبات خلال مسيرتها لتقلد منصاب عليا؟
وهو ما يجعلنا نسأل هذا التساؤل الآن على مستوى الدولة المصرية، فالنتيجة الصادمة التي أظهرتها الأبحاث أخيرا، والتي سلطت الضوء على الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة فى مصر ،هى
أولا التحيزات في الوعي واللاوعي ضد المرأة من كلا الجنسين،
ثانياً: التوقعات العالية لأداء الذكور في العمل، ثالثاً: عدم وجود الرعاية الكافية للمرأة. وتشكل هذه الأسباب والحواجز
حلقة مفرغة تلعب دوراً كبيراً في بقاء المرأة بعيدة عن تقلد المناصب العليا.
ولكن جولدين أثبتت أن أغلب المهن وفي التخصص الوظيفي نفسه، تتقاضى المرأة أجرا أقل من الرجل بمعدل 25 %
، مع محاولة إسكات أي صوت يعلو بشأن تقاضي المرأة أجورا منخفضة،
كما أن بعض الدراسات العالمية أكدت الدور السلبي الذي يلعبه الرجال أصحاب السلطة على الترقية والتطور
الوظيفي في معظم الشركات.
حيث أشارت إلى أن زوجات الرجال، اللواتي يعملن كربات منزل، يميل أزواجهن إلى اتخاذ قرارات من شأنها أن تعيق
التطور الوظيفي للمرأة المؤهلة لذلك.
واكدت الدراسات أيضاً أن أصحاب الأعمال يفضلون اختيار الذكور الأقل مهارة على حساب النساء من ذوي الخبرة
والاختصاص.والنظر إلى أن المرأة ليست جيدة في الرياضيات. هذا التحيز الجماعي غير الموضوعي من قبل الغالبية
العظمى من الرجال والنساء، الذي يتجاهل الحقائق، يساعد على فهم سبب عدم تقلد أي امرأة لمنصب قيادى،
لذلك لا يجب أن يكون هناك تحيز، ويبقى التأكيد على ضرورة مواجهة الأحكام السلبية الضمنية ضد المرأة المصرية ،
والتى يستفيد معظم الرجال من الأحكام الضمنية المعاكسة في مصلحتهم.
ما نؤكد عليه أن حصول كلوديا جولدين كثالث إمرأة تحصل على نوبل يؤكد أن هناك تغيير ثورى نحو إزالة كل العقبات
أمام تقلد المرأة وخاصة المرأة المصرية لمناصب عليا ، وقد نرى هذا قريبا فى صورة رئيسة وزراء.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام