مر عام بالتمام والكمال على مقال سابق فى جزئين جاء يحمل نفس العنوان ، واليوم وللمرة الثالثة أقتبس نفس العنوان عرفانا بالجميل لهذا الأخ العزيز الذى لم يكن فقط مجرد أخ ، بل أخ وأب وأستاذ ومعلم وهى فرصة للترحم على روحه الطاهرة ، وعلى أرواح شهداء ضحوا بأرواحهم فى كل الحروب التى خاضتها مصرنا الحبية منذ عام 48 إلى ملحمة أكتوبر المجيدة فى عام 1973 .
مصر اليوم تحتفل باليوبيل الذهبى لـ نصر أكتوبر المجيدة حرب العزة والكرامة التى تتزامن مع ظروف بالغه الدقه والتعقيد ، خاصه بعد أن أعلنت الهيئة الوطنية للإنتخابات فى الـ 25 من سبتمبر الماضى عن بدء مارثون الإنتخابات الرئاسية مصر 2023 ، وتترقب مصر إجراء الانتخابات الرئاسية داخل البلاد في العاشر من ديسمبر المقبل ، على مدار ثلاثة أيام متتالية ، بينما يصوّت الناخبون في الخارج بدءاً من الأول إلى الثالث من الشهر نفسه .
مصر اليوم تتعرض لـ هجمة شرسة من ” قوى الشر ” طالت شخص الرئيس نفسه . ظنا من جماعة الإخوان أنها يمكن أن تفت من عضد الدولة المصرية ، أو تقلل من شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الشارع المصرى الذى وعى وفهم الدرس جيدا ، ولم ولن يتكرر ماحدث فى 2011 مرة أخرى . الصفعة المدوية هذه المرة جاءت فى توقيتها المناسب بإنعقاد مؤتمر ” حكاية وطن .. الرؤية والإنجاز ” الذى جاء لـ يضع النقاط على الحروف فى ماتحقق من إنجازات على أرض الواقع منذ عام 2014 وحتى اليوم ، بعد الشائعات التى كادت أن تتسبب فى إحباط وتشكيك المواطن فى ظل غياب تام لـ ” دور الاعلام ” فى مصر بعد تخلى الدولة عن عمد أو جهل عن ” ماسبيرو ” صمام أمنها وأمانها !!
الحقيقة أن الحملة الشرسة لم تتوقف على المأجورين من خونة الداخل الذين خرجوا من جحورهم بل إمتدت لـ خونة الخارج من المارقين والفارين إلى تركيا ولندن أمثال محمد ناصر وحمزه زوبع ومعتز مطر ومن على شاكلتهم إضافة إلى لجان الإخوان الإلكترونية . والجديد هذه المرة فى الدور المشبوه “للبرلمان الأوربى” بشان الإنتخابات الرئاسية . وكان البرلمان الأوروبي قد أصدر تقريراً ، يوم الخميس ، دعا فيه إلى ” مراجعة ” علاقات الاتحاد الأوروبي بمصر ، في ضوء ما وصفه بـ ” تقدم بسيط ” في سجل حقوق الإنسان ، كما دعا أيضا إلى إجراء انتخابات (حرة ونزيهة) في مصر ، حسب قوله . وهو مايعد تدخلا سافرا فى الشأن الداخلى المصرى .
وأعود لليوبيل الذهبى لـ إنتصارات أكتوبر المجيدة لـ أخص الجندى البطل المقاتل ” وقود الحرب ” وأحكى عن قصص البطولة التى سمعناها من أبطالها الحقيقين الذى خاضوا الحرب بشجاعة وحققوا النصر ، وأكاد أجزم انه لاتخلو أسرة مصرية من شهيد لها فى هذه المعركة ، والحق أقول أن الحديث عن شجاعة المقاتل المصرى وتضحياته يعجز القلم عن وصفها ، ويعجز الخيال عن فهم القصص االتى تحكى بطولات وتضحيات هؤلاء الشهداء .
أخى ” نورالدين 1953 ــ 2020 ” الجندى المقاتل البطل الذى رحل عن عالمنا منذ ثلاثة أعوام ، كان واحدا ممن شاركوا فى ملحمة النصر ، أخى البطل كان مجندا ضمن قوات الدفاع الجوى وهو فى الـ عشرين من عمره ، وحصل خلال فترة تجنيده على دورات متخصصة أهلته لـ يكون قارىء شاشة رادار فى محطات الرادار B 11 ، ومازلت أتذكر أمى وأنا إبن الـ 6 من عمرى وهى تكفكف دموعها وتنصت إلى الراديو بإصغاء شديد وهو يذيع البيانات الخاصة بعبور قواتنا المسلحة للضفة الشرقية لقناة السويس . وإقتحام المانع الترابى لـ خط بارليف المنيع وإلحاق العدو خسائر فادحة .. إلخ
والحقيقة أن فترة الخدمة العسكرية هى من الفترات التى يحلو للإنسان دائما الحديث عنها ، وأعتقد أن حكايات الحرب عندما تستمع إليها من أبطالها الحقيقيين تختلف كثيرا عما تقرأه فى الكتب أو الأعمال الدرامية ،. إلخ
إستمعت إلى قصص البطولات من أخى ، وكان دوما يستعيد معى ذكريات الحرب ، ويحكى لى طريقة عمل أجهزة الرادار المختلفة والمدى الخاص بها . وأنه كان قارىء على شاشة الرادار فى غرفة العمليات ، ويقول : أن الطائرة عندما تدخل مجالنا الجوى تظهر كنقطة مضيئة على شاشة الرادار فيبدأ الأول فى تمييزها إن كانت طائرة مدنية أم عسكرية ، وإن كانت تابعه لنا أم للعدو ، ثم يبدأ فى رصدها زاويه وإرتفاع ويبلغها للقيادة مباشرة ، بل أنه كان واحدا من أمهر الرصدة ، ولاينسى أنه تمكن من رصد ” منطاد ” كانت تطلقه إسرائيل للأرصاد الجوية قبل إندلاع الحرب ، بعد أن أجمع الرصدة على أنه ظاهرة طبيعية أو سراب ، وخاصة بعد أن تكرر إطلاقه ولكنه بمهارة ودقة إستطاع تمييزه .
من المواقف التى لاتنسى أن أخى كان يحكى لنا أنه كلما أسقطت مقاتلاتنا الجوية طائرة للعدو كنا من شدة فرحنا نحتضن شاشة الرادار ونقبلها !!
مواقف أخى وذكرياته هو وأصدقائه عن المعركة والإستعداد لها والتدريب ، وعن السادات وخطة الخداع الإستراتيجى ، واللحظات الأخيرة قبل بدء المعركه ، والعبور وإقتحام الساتر الترابى ، وقصص التضحية والبطولة ، وسنوات خدمتهم فى القوات المسلحة المصرية ، وثفرة الدفرسوار ومباحثات الكيلو 101 ووقف القتال ، والفريق سعد الشاذلى ، وإتفاقية السلام .. لاتنتهى !!
أخى نورالدين هو من مواليد 9 أكتوبر 1953 وهو أحد أفراد أسرتنا المكونة من أب وأم وتسعة أبناء ، والحق أقول أنه ” رحمه الله ” كان صاحب فضل كبير على وتعلمت منه الكثير ، فقد كان قارئا نهما ، وقد عرفت الثقافة بيتنا فى وقت مبكر ، وكان عندنا راديو منذ عام 1962 ، وقد عرفت الصحف والمجلات طريقها إلى بيتنا ، وقد وعيت على الدنيا ويوميا فى بيتنا صحف الأخبار وصباح الخير وروزا ليوسف وكتب الهلال ومجلة العربى وطبيبك الخاص إلى جانب روايات محفوظ والعقاد والحكيم ويوسف إدريس وإحسان عبدالقدوس وغيرهم وبالطبع ، جنبا إلى جنب مع دواوين الشعر لكبار الشعراء ، وكان لذلك الأثر الكبير فى حياتى وحبى للقراءة ، وهذا فضل كبير قل أن يتوافر لشخص يعيش فى قرية فى أقاصى الصعيد فى هذا التوقيت !!
كما تشكل وجداننا على أغانى أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد وفيروز وفايزه أحمد ونجاه وعبدالحليم بعد أن ظهر الكاسيت فى الثمانينات وكانت لدينا مكتبة موسيقية تضم كل أغانى هؤلاء العمالقة .
وأعود ثانيه لليوبيل الذهبي لـ نصر أكتوبر المجيد لكى أأكد على دور ” الجندى ” المصرى المقاتل البطل الذى لايستطيع أن ينكره أحد ، وهو لايقل أهمية عن دور ” القائد ” فى المعركة ، وأأكد أنه يجب على الدولة أن تنقب عن هؤلاء الأبطال فى القرى والنجوع والكفور لـ تكرمهم ، وتعالج المريص منهم ، وتساعد المحتاج ، عرفانا وتقديرا لـ التضحيات التى قدموها من أجل وطنهم ، حتى لا يغفل أحد دورهم الحقيقى كابطال فى المعارك .
كانوا رجالا وأبطالا رغم حداثة سنهم ، وكانوا إمتدادا لـ ابناء القوات المسلحة والشرطة المصرية البواسل الذين يخوضون معارك شرسة ضد قوى الشر والظلام من الجماعات الإرهابية الضالة فى سيناء الحبيبة وكافة ربوع الوطن ، ويقدموا أرواحهم الطاهرة فداءا لوطنهم ..