الكاتب الصحفي محمد يوسف العزيزي يكتب : في الذكري الخمسين لنصر أكتوبر.. تعظيم سلام
تحتفل مصر بالذكري الخمسين لنصر أكتوبر المجيد يوم الجمعة القادم ، وبهذه المناسبة أقول : تعظيم سلام للرئيس جمال عبد الناصر الذي رفض الهزيمة وقرر بإرادة قوية إعادة بناء الجيش وتسليحه وتطويره وتجهيزه لاستراد الأرض ، وللرئيس أنور السادات صاحب قرار الحرب العظيم ، وللرئيس مبارك قائد سلاح الطيران الذي مهد الأرض للعبور العظيم ، وللرئيس السيسي الذي استلهم روح أكتوبر لينقل بها الجيش المصري إلي منطقة وترتيب متقدم علي مستوي جيوش العالم ، ولكل قادة الجيش المصري وضباطه وصف ضباطه وجنوده الذين رفعوا رايات النصر علي أرض سيناء بعد أن خضبت دماؤهم الذكية رمالها ، وتعظيم ظلام للشعب المصري الذي تجاوز النكسة ووقف خلف قواته المسلحة وتحمل فاتورة إعادة البناء للجيش حتي تحقق النصر
ورغم أن هذه الحرب العظيمة لم تفصح بعد عن كل أسرارها وبطولات من شاركوا فيها إلا أنها كانت وستظل علامة فارقة في تاريخ مصر المعاصر ، وشرف للعسكرية المصرية ، وعزة وكرامة وفخر للشعب المصري ..
ليس لكونها حققت انتصارا تاريخيا علي اسرائيل ، وليس لأنها سحقت خط بارليف وداست عليه كما تدوس القدم علي بيت من رمال صنعه طفل علي شاطئ البحر ، وليس لأنها كانت في عز الظهر – وهو توقيت لم تعرفه الحروب العسكرية بين الجيوش حيث تبدأ الحروب مع أول ضوء أو آخر ضوء – وليس لأنها حققت السيطرة علي طول جبهة امتدت لأكثر من 180 كيلو متر وعبرت أكبر وأعقد مانع مائي في ست ساعات .. ولكن لأنها صنعت روحا تسري في وجدان الشعب المصري أطلقنا عليها ” روح أكتوبر”
ولعل ما تشعر به اسرائيل منذ هزيمتها في 1973 وحتي اليوم – وإلي آخر الزمن – يؤكد لنا وللأجيال التي لا تعرف كثيرا عن حرب أكتوبر غير سطور قليلة في كتب المدارس ، وللأجيال التي لا تعرف عن نصر أكتوبر غير يوم الأجازة أن هذا النصر أحدث جرحا غائرا في جسد وعقل الكيان الصهيوني الغاصب ما زال ينزف حتي اليوم وسيظل ينزف طويلا !
وهذا يجيب عن السؤال الأهم .. لماذا تسعي إسرائيل بكل قوة لأن تصنع لها مجالا حيويا تعيش فيه.. أطلقت عليه ” دول الطوق النظيف ” بما يعني عدم وجود قوة عسكرية أو اقتصادية تنازعها هذا المجال ، وهو ما يفسر لنا لماذا تم تسويق مفهوم الفوضى الخلاقة في المنطقة الذي استهدف تفكيك الجيوش وتحويلها إلي ميليشيات متناحرة ومتعددة الولاءات ؟
ولماذا تم خلخلة الدولة الوطنية وإفراغها من مضمونها حتي تحولت بعض دول المنطقة المهمة إلي دول فاشلة تعجز عن تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس أو الاتفاق علي دستور أو إدارة مواردها ؟
مصر وهي تحتفل بذكري نصر أكتوبر كل عام تدرك جيدا – قيادة وحكومة وشعب – أن الدولة الوطنية في مصر مستهدفة ، وأن محاولات زعزعة الثقة لن تتوقف ، وأن إشاعة اليأس والإحباط بين الشعب هدف تسعي له قوي الشر في المنطقة بمساعدة ضعاف النفوس في الداخل والخارج !
ما تبقي من حرب أكتوبر ونصرها العظيم – بعد استعادة التراب الوطني وآخر حبة رمل – هي تلك الروح العظيمة التي تسري في عقول وقلوب المصريين جيلا بعد جيل توقظ داخلهم حب الوطن والانتماء إليه وتشد عزيمتهم وهم يواجهون حروبا جديدة لا تقل شراسة عن حرب تحرير الأرض واسترداد الكرامة الوطنية .. حروب تستهدف الإرادة الوطنية والشخصية المصرية والبسطاء من الناس خصوصا بعد أن صمدت مصر في حربها ضد الإرهاب وما زالت ، وبعد أن وأدت العديد من الفتن الطائفية وما زالت ، وبعد أن كشفت الشائعات التي تبثها فضائيات الجماعة وتنشرها مواقع تحت سيطرة أجهزة مخابرات وعملاء في الخارج والداخل قرروا بيع الوطن بثمن بخس وإن كثر .. دولارات معدودات وإن صارت ملايين .. إلي جانب حروب نفسية تكرس الإحباط واليأس وتخطف الأمل من العيونوتنزع الولاء والانتماء من القلوب!
في ذكري نصر أكتوبر تحية واجبة لشهداء الوطن والواجب في كل حروب مصر ومعاركها المقدسة ومرة أخري ومدي الحياة تعظيم سلام لكل مقاتل في جيشنا العظيم من القائد الأعلي إلي آخر جندي قاتل وساهم في تحقيق النصر ورد الكرامة والاعتبار وما زال يحكم قبضته علي السلاح حتي يفارق الحياة ..
كل عام ومصر بخير، ودائما تحيا مصر وتسلم الأيادي