الدكتور علاء رزق يكتب : قدرات ديناميكية لنجاح إستراتيجى للتنمية (٣)

الدكتور علاء رزق
تناولنا في المقالين السابقين إيمان القيادة السياسية بأن عودة الإستقرار السياسي والأمني، والاقتصادي ،هو الأساس الحقيقي في وضع رؤية وبرنامج إصلاح إقتصادي تستطيع الدوله من خلاله رفع مستوى معيشي، وإحتواء مشكلة البطالة،وفتح الآفاق لفرص عمل مستقبلية،مع زيادة التحرك للحد من الفقر، وهو ما إستدعى العمل المتواصل لإستدامه التنمية من خلال قيادة لديها رؤية وأطر واضحة على تنفيذ برنامج وطني تستطيع أن تنفذه خلال الفترة الحالية والفترات القادمة إستناداً إلى ان مصر لم يكتمل لها اي تجربة تنموية بخلاف تجربه محمد علي في القرن 19، واستناداً إلى أن المعرفة هى المحرك الرئيسي للنمو ، وعامل الإنتاج في الاقتصاد المعرفي ،وان التعليم هو حجر الزاوية الذى تقوم عليه الدول،وضرورة النظر إلى التعليم على أنه إستثمار جيد، مع النظر إلى التحديات التي تواجهه بشكل غير احادي.
وهو ما تم التأكيد عليه خلال الفترة الماضية ، فعلى مدار ثلاثة أيام خلال هذا الأسبوع شهدنا مؤتمر حكاية وطن
،والذى أسهم في إظهار ما نفذته الدولة المصرية من مشروعات تنموية وخدمية غير مسبوقة، والتى تزامنت مع فترة
شهدت بدورها تحديات غير مسبوقة، الأمر الذي يجعل ما تحقق في هذه الفترة إنجازاً بكل المقاييس .ما شهدناه
خلال هذا المؤتمر يؤكد أن الدولة المصرية شهدت خلال السنوات الأخيرة كم من المشروعات لم تشهده على مدار
عصور، وأن العمل يسير وفقاً لرؤية ومنهجية، والحديث عن المشروعات بلغة الأرقام هو أساس الشفافية والحوكمة ،
إذ يجرى العمل على قدم وساق في كافة الملفات، سواء فى المشروعات القومية ، أو الرعاية والحماية الاجتماعية،
أو الاقتصاد والإستثمار ،مما يعنى أن هناك رؤية يتم تنفيذها تباعاً على الأرض . وهو ما أكدته عبارة الرئيس السيسي
فى ختام المؤتمر بأن إرادة المصريين هى المحرك الرئيسى، والباعث الأساسى، لاستكمال الحلم فى بناء دولتنا
العصرية الحديثة.. التى تليق بما قدمه شعب مصر من تضحيات. هذه الكلمات تؤكد إنفتاح الدولة المصرية على
النماذج التنموية العالمية الناجحة والتى كان القاسم المشترك بينها هو رؤية قيادة، وإرادة شعب ، والعمل معاً تحت
شعار القائد والفريق ، فرؤية الدولة المستقبلية تؤكد على أهمية الإقتصاد والتحول الرقمي في خلق الوظائف، وزيادة
الفرص الاقتصادية، والمساهمة في النمو الاقتصادي وزيادة تنافسية الدولة حيث يحمل قطاع الاقتصاد الرقمي
إمكانات هائلة لأصحاب المشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تم التأكيد على أن المجالات الرئيسية التي
يجب التركيز عليها في رؤية مصر القادمة يجب أن تركز في القطاعات الاقتصادية الجديدة كالرقمنة لزيادة إدماج
التكنولوجيا الرقمية في القطاعات الاقتصادية، وبما تمثله من كونها أحد السبل لجذب وإستقطاب استثمارات جديدة،
وتطوير أفكار تجارية إبداعية ومبتكرة تعزز الاقتصاد الرقمي، وترسخ مكانة الدولة على الخريطة العالمية كمركز عالمي
للتكنولوجيا والابتكار، والتصنيع المدعم بالذكاء الاصطناعي. مع الإشارة إلى تركز رؤية مصر القادمة على الاقتصاد
المعرفي ،والنمو الأخضر، والأمن الغذائي والإنتاجية، عبر إرساء بنية تحتية تنظيمية قادرة على تمكين وتحفيز
الإستفادة من ابتكارات وتقنيات عصر الثورة الصناعية الرابعة ،لدفع عجلة نمو القطاع الصناعي تحديداً، وتعزيز تنافسية
الصناعة الوطنية وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي،لتصل الى 20% من الناتج المحلي الإجمالي
،والوصول بمعدل النمو الصناعي إلى 8% ،وزيادة نمو الصادرات السنوية إلى ما يقارب 25% بهدف الوصول الى 100
مليار دولار صادرات سلعية خلال السنوات القليلة القادمة، لذلك فإن الخطة الاقتصادية تنظر إلى ضرورة تعزيز القيمة
المحلية المضافة ودعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص. خاصة وأن أغلب الدراسات والنماذج
العالمية ، تشير إلى أن برامج القيمة المحلية المضافة تسهم في تعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية، وتحفز
الابتكار والنمو الاقتصادي ، مع القدرة على خلق فرص عمل جديدة للمواطنين، لذا تسعى الحكومة المصرية إلى
تهيئة البيئة المناسبة لتحفيز نمو القطاعات الواعدة التي تسهم في تحقيق الأولويات الوطنية، خاصة خلال فترة ما
بعد كوفيد-19، والتي تشمل الغذاء والمياة والطاقة والصناعات الدوائية وتعزيز تطبيق التكنولوجيا المتقدمة في مختلف
القطاعات، إضافة إلى الإستفادة من نقاط القوة والمزايا التنافسية التي تحظى بها الدولة المصرية في قطاعات حيوية
مثل صناعة البتروكيماويات والمشتقات وسلاسل التوريد، والعديد غيرها، والعمل على تعزيز هذه المزايا من خلال
مبادرات النمو والتوسع والتطوير.
ولاشك أن القيادة المصرية حريصة على تعزيز تنافسية القطاع الاقتصادي وتنويعه لاسيما ان مصر استطاعت عبر
إندماجها فى التكتلات الاقتصادية العالمية أن تكون مركزاً للتجارة العالمية نظراً لموقعها الجغرافى المتميز ، وامتلاكها
بنية تحتية متكاملة عبر تسع سنوات عمل بتكلفة قاربت على 10 تريليون جنية ،الأمر الذي يزيد من جهود مسؤولي
القطاع الاقتصادي بالدولة في مضاعفة جاذبية الاقتصاد الوطني عالمياً وتنويع المقومات التي تصب في تنافسيته
خلال خطة الاستعداد لما بعد 2030، عبر الإستناد على خمسة محاور رئيسية هي : بيئة محفزة لريادة الأعمال،
وإستقطاب الإستثمار الأجنبي المباشر ، وزيادة نسبة الصادرات، وتعزيز تنافسية الدولة المصرية، وأخيراً إستقطاب
المهارات فى ضوء الاستثمار في عقول الشباب، عبر رسم الاستراتيجيات والخطط والبرامج المستقبلية لجميع
القطاعات منها الاقتصادية والاستثمارية وريادة الاعمال ، وهو دلالة واضحة على الرؤية الثاقبة والنظرة بعيدة المدى
التى تتحلى بها القيادة السياسية المصرية، وهو ما نأمل أن يساهم فى تعزيز ريادة الدولة المصرية في المجالات
الاقتصادية، وتمكينها من مواصلة مسيرة الإنجازات لتحقيق رؤيتها فى ضوء إستراتيجية 2063 ، كى تكون في صدارة
دول العالم، عبر سلاح التقنيات المتقدمة وتوظيفها بالشكل الأمثل لضمان تحقيق أحد الركائز الرئيسة لبناء اقتصاد
معرفة. ما نؤكد عليه أن مؤتمر حكاية وطن جاء بمثابة تتويج لكل جهود الدولة المبذولة، والرهان على أن الشعب
المصرى سيظل داعم وحريص على بذل كل الجهود ، والاصطفاف خلف قيادته السياسية، ليكون هذا المؤتمر بحق
شهادة تأكيد على ثوابت إدارة الدولة فى عهد الرئيس السيسى، والمستندة إلى أولا: تنمية الوطن والمواطن من
خلال رؤية واضحة وإرادة وقدرة على التنفيذ، مع الرهان على صلابة المواطن وإيمانه بقيادته فى المرحلة الماضية
والقادمة، كأداة مهمة للتغلب على كل الصعاب الماضية والحالية والمستقبلية.
ثانياً: ارتكاز التوجهات المقبلة حول الارتقاء بمستوى جاهزية الدولة في الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال الاعتماد
على أربع دعائم رئيسية تتمثل في: الانفتاح الاقتصادي والثقافي على كل النماذج الدولية الرائدة والمفيدة ، الرؤية
الواضحة نحو الريادة والتنافسية بما يساهم فى زيادة إيحابية مؤشرات الأداء الإقتصادى ، الموارد البشرية التى تتمتع
بها مصر والتى تتميز بها عن غيرها من الدول ، فأكثر من ثلثى عدد السكان من فئة الشباب ، إلى جانب الخبرة
والنجاحات الاقليمية عبراستعادة الدور المصري في أفريقيا، كأحد الأهداف الرئيسية التي وضعت على رأس أولويات
الجمهورية الجديدة، أو تصاعد أدوار مصر في تكتلات إقليمية ودولية، كأحد المؤشرات المهمة أيضاً التي عبرت عن
النجاح الذي حققته الدولة المصرية على المستوى الخارجي. وهو ما يعكس المكانة التي باتت تحظى بها مصر، لدى
القوى الدولية والإقليمية، والتى ستعود بمنافع استراتيجية عديدة على هذا الوطن الغالي .
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.