الشاعر محمد الشرقاوي يكتب : حدث بالفعل

كنت دائم الحضور والمشاركة في ندوات رابطة الأدب الحديث ( جماعة أبوللو سابقا ) في مقرها السابق ٦ ش بنك مصر ناصية ش شريف بقلب القاهرة ، تصلني الدعوة مباشرة من رئيسها الشاعر الأموي محمد على عبدالعال ( رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى ) وكان يلقبه الأدباء والمثقفون ب جبرتي العصر نظرا لتبحره في قراءة العلوم والآداب والتاريخ وغير ذلك ، ومما زادني اهتماما ومحبة لهذا المكان وتلك الأمسيات أن الشاعر الأموي أحد أبناء قريتي ( بني محمد – مركز أبنوب – محافظة أسيوط ) وكنا نفخر به كثيرا كما كان هو – رحمه الله – يشجعني وينصحني ويدعوني لكل الأمسيات باهتمام بالغ .
في تلك الندوة المكتظة بالأدباء والمثقفين والإعلاميين من عدة دول عربية – وأذكر منهم الشاعرة سعاد عبدالله حفظها الله والشاعر القدير فايز جعفر والذي أصبح بعد ذلك رئيسا لتلك الرابطة العريقة وما زال يترأس مجلس إداراتها إلى الآن – دارت الفعاليات بكل نشاط وتولى الشاعر الأموي تقديم الندوة – كالعادة – بأسلوبه الراقي الفصيح وكان يعطي نبذة مختصرة عن كل متحدث عندما يقدمه للجمهور ، توالت المشاركات بالكلمات والقصائد والقصص القصيرة والتعليقات النقدية لكبار النقاد في جو يتسم بالسعادة والشوق لسماع أساليب متنوعة في الكتابة وبعد كل كلمة أو قصيدة أو قصة يثني شاعرنا الأموي الكبير على صاحبها ، يمر الوقت دون ملل ، دون ظهور ملامح على الوجوه توحي بالرغبة في الانصراف ، تمر أكواب الشاي بين الحاضرين أكثر من مرة خلال الندوة وكأن الجميع جالسون في بيوتهم .
الآن يسعدنا الاستماع إلى الشاعر المبدع محمد الشرقاوي ، هكذا قال شاعرنا الكبير محمد علي عبدالعال رحمه
الله ، ثم مضى يسرد للحضور بعض المعلومات عني قائلا : الشاعر محمد الشرقاوي ابن قريتي – بني محمد في
محافظة أسيوط – ينتمي لعائلة الشراقوة ( الأشراف ) الذين ينتهي نسبهم عند آل بيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، والده وأعمامه جميعا أخوة لي وأصدقاء من زمن طويل وكلهم أهل علم ودين ولهم كرامات عديدة ، وهم
يحبون أولياء الله الصالحين ، يخلصون لهم يسيرون على طريقتهم ، يلتزمون بعهود الوفاء لهم — ، واستمر الشاعر
الأموي في حديثه عني وأنا أنتظر كي ألقي قصيدتي .
وبعد أن أنهى كلامه ، بدأت في قصيدتي ، أوزع نظراتي على الجميع ، وكلما نظرت إليه وجدته منتبها جدا معي ،
يتابعني باهتمام بالغ وهو جالس على المنصة وكان على الحائط خلفه لمبتان نيون إحداهما مضيئة والأخرى مظلمة
منذ عدة ندوات سابقة ، هذا بخلاف عدة لمبات أخرى منشرة في القاعة ، ظللت ماضيا في القصيدة بيتا تلو الآخر
إلى أن وصلت إلى بيت أقول فيه :
سقط الظلامُ وجاء نورٌ ساطعٌ
وعلى الفسوقِ توالت الأكفانُ
وفور نطقي لكلمة ( نور ) تنطق اللمبة المظلمة ويشع نورها ليملأ أرجاء القاعة وسط دهشة الجميع حتى راح
بعضهم يضرب كفا بكف ، وهنا يهب الشاعر الأموي واقفا ، يرتفع صوته قائلا : شهدنا لك يا شرقاوي ، شهدنا لك يا
شريف ، الله أكبر ، الله أكبر ، ثم يوجه حديثه لجميع الحاضرين قائلا باللهجة العامية المصحوبة بابتسامة عريضة : مش
قلت لكم إن الشاعر محمد الشرقاوي من الأشراف ومن سلالة آل البيت الاطهار أهل الكرامات والتقوى والإيمان ، هنا
يصفق الجميع بشدة وبعضهم يقوم كي يصافحني ويعانقني بابتهاج شديد ، لمدة خمس دقائق أو يزيد تخرج القاعة
عن هدوئها المعتاد ثم تعود إليه شيئا فشيئا ، أعود إلى قصيدتي لإلقاء ما تبقى من أبياتها ثم تتوالى كلمات التهنئة
التي كنت أسمعها وأصافح الجميع بينما كان عقلي سارحا لا يكاد يصدق ما حدث .