الأسئلة فى حياتنا كثيرة ، والإجابات قليلة، وبعض الإجابات ملتبسة ! ، والأسئلة حق مشروع للجميع ، ولا يستنكف من حقوق الناس الا كل مختال فخور
أحياناً لا نجد إجابة شافية ، ومرات نجد إجابة غير مقنعة !، وبعض الوقت تؤجل الإجابة عنها مؤقتاً ، ونترك للتاريخ الإجابة عليها ، والتاريخ أصدق انباءاً من الخُّطَبِ فى الحد بين الجدِ واللعب ( مع الاعتذار للشاعر الكبير أبى تمام ) ،
فالتاريخ يؤجل حكمة قليلاً لكنه اذا حكم لا يوجد إستئناف، التيارات الفكرية والسياسية المختلفة تجتهد بأن تضع اجابات تعبر عن وجهة نظرها ، فالناصريون يرون أن ناصر هو الزعيم الأوحد ، والساداتيون يقولون إن السادات هو الزعيم الحقيقى لقيادته مصر للانتصار فى حرب اكتوبر
البعض يعتبر هزيمة ٦٧ مجرد نكسة ، والآخرون يعتبرونها هزيمة أطاحت بالحلم العربى والقومى كله وأعادت مصر والعرب مرة اخرى إلى مرحلة الاستعمار ، مبارك كان صاحب الضربة الجوية الأولى فى حرب أكتوبر وأحد العناصر الرئيسية فى الانتصار المجيد ، وقضى أول عشر سنوات من حكمه لإعادة بناء البنية الاساسية للدولة ، وإعادة العلاقات المقطوعة مع الدول العربية
لكنه بعد ذلك أدخل مصر فى مرحلة من الجمود السياسى داخلياً وخارجياً ، وعمل بجدية على توريث ابنه الحكم ، وزور الانتخابات فقامت الثورة ، والبعض يرى أن عهد مبارك كان عهد استقرار داخلى وخارجى ، كما أنه حافظ على الثوابت الاستراتيجية لمصر ولم يتخل عن حماية مقدراتها ، ولم يزر اسرائيل ، ولم تشهد مصر فى عهده أى تضخم فى الأسعار مبالغ فيها
ثم قامت ثورة يناير وجاء الاخوان الى سدة الحكم لكنهم لم يستمروا سوى عاماً واحداً ثم قامت بعدها ثورة ٣٠ يونيو ،
تحدث الاخوان فى هذة الفترة القصيرة عن طائر النهضة الذى سيحلق فى سماء الاقتصاد المصرى حاملاً معه ٢٠٠ مليار دولار استثمارات ، لكن طائر النهضة لم يأت ، وزادت الأزمة الاقتصادية واختفى الوقود ، وانقطعت الكهرباء ، ثم كانت الطامة الكبرى بإصدار القرارات الدستورية التى تحصن قرارات الرئيس الاخوانى ، وانتهى حكم المرشد بعد عامٍ واحدٍ فقط
وبعد مرحلة انتقالية تولى رئاسة مصر المستشار عدلى منصور بشكلٍ مؤقت لحين عقد انتخابات رئاسية جديدة ، فى عام ٢٠١٤ تولى السيسى الحكم وسط أجواء من القلق الذى كان يسود مصر بسبب الفوضى الأمنية والعمليات الإرهابية ، التى أثرت بشكل مباشر على عدم الاستقرار الاقتصادى وهرب المستثمرين
وكان من أولويات إعادة البناء عودة الاستقرار الأمنى وتحقق ذلك بعد سنوات من المواجهة الشرسة مع الجماعات
الارهابية المسلحة ، وخاضت مصر معارك ضارية ، وبعد عدة ضربات أمنية ضد الارهاب ، تم القضاء على الارهاب
بشكل كامل مع بداية العقد الجديد
واكب ذلك إعادة بناء العشوائيات باعتبارها مصدراً أساسياً للارهاب ، ثم شرعت الدولة فى بناء العاصمة الإدارية
الجديدة ، والعديد من الطرق والمحاور بعد انشاء قناة السويس الجديدة فى زمن قياسى
ودخلت مصر على اثر ذلك الى الاقتراض من صندوق النقد الدولى ودول الخليج لدعم الاقتصاد بالعملة الصعبة ،
النجاح فى البناء والتعمير تحقق خاصة على مستوى الطرق والكبارى والمحاور التى خلقت سيولة مرورية كبيرة ،
لكن رغم هذا لم يأت المستثمر للاستثمار فى مصر رغم التطور الذى حدث ولم تـأت الأموال من العملة الصعبة ولم
يتحقق الكثير من الوعود، ولم تساعد المشاريع الغذائية وسلاسل الانتاج فى تخفيف العبء على المواطن ! بل ظلت
الأسعار فى الارتفاع بشكل جنونى وذهبت أحلام المزارع السمكية التى ستعيد أسعار البروتين السمكى إلى أسعار
فى متناول الجميع مقابل عدة جنيهات أدراج الرياح !
وتحرر سعر الوقود وزاد أكثر من مرة ، وفى كل مرة ترتفع اسعار السلع ، والحقيقة لم يستشعر المواطن فارقاً لصالحه
من خلال الاصلاحات الاقتصادية التى أعلن عنها فى بداية تعويم الجنية فى ٢٠١٦ ، ثم توالت التعويمات المرة تلو
الأخرى ، ولم تحقق الاستقرار الاقتصادى المنشود ولا ظلت الاسعار مستقرة ، بل أصبح المواطن فى حالة صدمة
يومية من الارتفاع المستمر فى كل السلع غذائية كانت او استهلاكية
لم تتدخل الدولة لانهاء مأساة المواطن بسبب التعلل بعدم جواز التدخل بالتسعير فى السوق الحرة ، وتركت
المواطن لجشع التجار وارتفاع الاسعار فى سلع لا يدخل فى انتاجها الدولار ، ولم تجتهد الحكومة فى ايجاد حل بديل
غير التسعيرة الجبرية لضبط الاسواق ، حتى وصلنا الى مرحلة الاختناق ، فهل سيطلب الناخب فى الانتخابات
الرئاسية الجديدة الإجابة على بعض الاسئلة الهامة ويطالب المرشحون للانتخابات الرئاسية الجديدة الاجابة عليها ،
أم الذين سوف يترشحون لن يجيبوا على أهم القضايا التى يمر بها الوطن خارجياً وداخلياً ، وسيكتفى المرشحون
بالوعود والجمل الانشائية والخطاب الشعبوى دون الاجابة على أسئلة مثل ، سد النهضة ،تراكم الديون الخارجية ،
والاصلاح السياسى ، وخطة النهوض بالتعليم ، وعودة الأسعار الى طبيعتها والقضاء على الفساد
هى كلها أسئلة مشروعة موجهة الى مرشحى الرئاسة ، وتحتاج إلى إجابات ( بدون حلفان )