عبد الناصر البنا يكتب : دماء على الممر !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية

خلال قمة قادة مجموعة العشرين التى إنعقدت فى العاصمة الهندية ” نيودلهى ” والتى وجهت فيها الهند التي تستضيف القمة الـ دعوة إلى 3 دولة عربية هي ” مصر ــ والإمارات ــ وسلطنة عُمان ” لـ حضور اعمال القمة الـ 18 وهى القمة التى أعلنت فيها الهند وأمريكا عن مشروع ممر جديد للشحن يربط الهند بالشرق الأوسط وأوربا ؛ وقيل أن المشروع يهدف إلى تعزيز النمو الإقتصادى والتعاون السياسى بين الدول .. إلخ .

تصريحات رئيس الوزراء الهندى ” ناريندرا مودي” فى شأن الممر تفيد بأن الممر الجديد يعتبر جزءا من مبادرة أطلق عليها ” الشراكة من أجل الاستثمار في البنية التحتية العالمية ” وقال : أن الممر ح يساعد في تعزيز التجارة ونقل موارد الطاقة وتطوير الاتصال الرقمي .

مشروع الممر الجديد يضم ” الهند ـ والسعودية ـ والإمارات ـ والأردن ـ وإسرائيل ـ والاتحاد الأوروبي” وعلشان نستوعب أكثر فالمشروع عبارة عن ممر للملاحة البحرية من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة عبر بحر العرب ثم يعبر الحدود البرية فى المملكة العربية السعودية ــ والأردن وصولا إلى إسرائيل ثم عن طريق البحر يصل إلى أوروبا . ويستخدم فيه خط سكة حديد وأنابيب لنقل الغاز والنفط ، كما يتضمن كابلات لنقل الكهرباء والبيانات .

لغاية دلوقتى مفيش أى أخبار عن إطار زمنى للمشروع أو أى تفاصيل عن التمويل وكل ما أعلن عنه أنه لـ تحسين الاتصال الرقمي ودفع مزيد من التجارة بين الدول ، ونقل موارد الطاقة بما فيها الهيدروجين . وتعزيز أمن الطاقة ودعم لـ تطوير جهود الطاقة النظيفة ، وأنه سوف يساعد على التقريب بين الدول في الشرق الأوسط ، وعلى حد قول الرئيس الأمريكى ” جو بايدن ” أنه سوف يساهم فى شرق أوسط أكثر إستقرارا وتكاملا ، وقيل قيل أن المسروع هو “جسر أخضر ورقمي بين القارات والحضارات ” .

الإعلان عن المشروع أحدث ردود أفعال متباينة خاصة فى مصر حول مدى إمكانية تنفيذه على أرض الواقع ، وأن هناك صعوبات فى التنفيذ تتعلق بإرتفاع تكاليف الشحن والتفريغ وإعادة التحميل ، وأيضا صعوبة التضاريس فى الأماكن التى سوف يمر بها خط السكك الحديدية وأنابيب النفط ، وكلها أراضى ذات طبيعة جبلية وعرة .. إلخ . ورغم ذلك فإن التصريحات تفيد بأن الممر الجديد سوف يوفر 40 % من الوقت المعتاد !!

ولكن وفق رؤية إقتصادية أولية وغير مكتملة يضع المراقبين المشروع فى خانة المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الصين ، وللتقليل من نفوذ الصين وكرد فعل على مبادرة ” الحزام والطريق ” الصينية وطريق الحرير الذى تطوق الصين به العالم وتقوم الصين من خلاله بإستثمارت ضخمة فى عدد كبير جدا من الدول النامية وبالتالى فإن الممر الجديد سوف يكون له تأثير سلبى عليها .

وفى إعتقادى أن الإعلان عن الممر الجديد قد يفسر غياب كلا من الرئيس الصينى “شي جين بينغ ” والرئيس الروسى ” فلاديمير بوتن ” عن القمة ، خاصة وأن هناك عقوبات وقعت من قبل دول أوربا على روسيا للحرب على أوكرانيا ، وعدم رغبة الرئيس فلاديمير بوتين فى لقاء الرئيس جو بايدن ، وأيضا لأن روسيا التى تملك خط نورد ستريم ” Nord Stream ” وهو خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعى من روسيا إلى ألمانيا ، والخط الجديد قد يكون له تأثير ضار عليها .

دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل هى من الدول التى سوف تستفيد من المشروع

الذى ينقل أنابيب النفط منها إلى ميناء حيفا فى إسرائيل ، وأعتقد أن USA تريد أن تخلق تبادل تجارى ومصالح بين

السعودية وإسرائيل ، وكم كنت أتمنى أن تسعى مصر وتجتهد من أجل أن تكون شريك أساسى فى هذا الخط مرورا

بالأراضى المصرية ، وفقا لرؤية الصديق الدكتور هشام عمر وهو أحد المهتمين بالشأن المصرى ومهموم بقضايا وطنه

، وذلك فى سياق الحديث الذى دار بيننا حول هذا الممر .

الدكتور هشام عمر يرى أنه الخط يجب أن يتفرع عن المملكة الأردنية إلى فرعين الأول وكما هو معلن إلى موانى

إسرائيل ، والثانى إلى مصر أولا : للإستفادة من محطات إسالة الغاز الطبيعي التى يمثل ميزة تنافسية لمصر في

المنطقة ، وثانيا : بأنبوب برى من مصر إلى مدينة البيضاء قبل بنى غازى فى ليبيا ، ومنها بخط بحرى إلى إيطاليا ،

وهو أقرب بكثير جدا جغرافيا من خط إسرائيل البحرى ، وبذلك تستفيد أوربا من بترول وغاز مصر وليبيا ، ويكون لديها

خطين لتوصيل الطاقة ، ومن ضمن مميزات تلك الفكرة أن أوربا سوف تكون مجبرة على تهدئة الأوضاع فى ليبيا .

ويؤكد الدكتور هشام عمر ضروره أن تغكر مصر جديا فى تلك الفكرة . والحقيقة أنها وجهة نظر تستحق الدراسة .

الشىء المهم فى الممر التجارى الجديد من الهند إلى أوربا هو تأثيره على قناة السويس خاصة وأن المشروع يتميز

بالتكلفة الأقل والسرعة الأعلى وتقليل المخاطر الناتجة عن الشحن البحرى .. إلخ ”

الإجابة وفقا لما يراه بعض المتخصصين هى أن المشروع سوف يكون له تأثير على قناة السويس لأن الأنابيب التى

سوف تنقل النفط من الإمارات والسعودية إلى موانى إسرائيل ومنها إلى إيطاليا وفرنسا ومن ثم إلى دول أوربا سوف

تقلل من السفن التى تمر فى قناة السويس ، وتشير التوقعات إلى أن قناة السويس يمكن أن تفقد 16 % من حجم

التجارة العالمية التى تمر بها . ورغم ذلك فإن البعض يرى أن الكل سوف يستفيد لأن المنافسة سوف ترتفع والتجارة

العالمية سوف تزداد ، ومن الطبيعى تنويع مصادر المرور ، وبالتالى سوف يكون تأثيره محدود .

ماتنسوش أن قناه السويس حفرت بايدى أجدادنا فى عشر سنوات (1859 – 1869) ، وساهم في عملية الحفر ما

يقرب من الـ مليون عامل مصري ، مات منهم أكثر من 120 ألف أثناء عملية الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة

والمعاملة السيئة ، ويبلغ طول قناة السويس 193.3 كم ، وهى تصل بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر ؛ وعبر

تاريخها كانت قناة السويسى محط أطماع العالم ، ولما جاء قرار جمالةعبدالناصر بتأميم شركة قناة السويس شركة

مساهمة مصرية بعد ما كانت الشركة تحت إدارة فرنسية ، وهو ماأعطي لـ فرنسا سبباً وجيهاً لـ التخطيط لهجوم

عسكري انتقامي ضد مصر ؛ حصل العدوان الثلاثى .

وطول تاريخها وحتى اليوم وهى مستهدفة من كل دول العالم لأنها شريان دخل هام للإقتصاد المصرى حفظ الله مصر

من كل سوء ومكروه . ودائما وأبدا ” تحيا مصر ”

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.