الدكتور علاء رزق يكتب : تأملات فى ديناميكيات البريكس العالمية (٣)
طرحنا فى المقالات السابقة عدة تساؤلات حول تأثير توسع تجمع البريكس على العلاقات مع الغرب بوجة عام، والولايات المتحدة بوجة خاص؟ وهل من الممكن أن يكون تجمع بريكس في يوم من الأيام نداً للتجمعات الاقتصادية الغربية، سواء G–7 أو G–20.
وفى ضؤ ما تطرحة الإدارة الأمريكية بالتقليل من أن يكون بريكس منافساً يضعف الولايات المتحدة، ووصفت التجمع بأنه يضم مجموعة شديدة التنوع، تضم دولاً صديقة وكذلك خصوماً ومنافسين كما هو الآن بين الصين والهند. كذلك فإن التباينات تبدو واضحة بين القدرات الاقتصادية لدول التجمع الجديد، وبقبول عضوية ست دول جديدة في مجموعة بريكس أربع منها تنتمي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ،فان هذا يثير مجموعة تساؤلات حول تأثير هذه الخطوة على العلاقات مع الولايات المتحدة بوجه خاص، وعلى الرغم من القلق من إمكانية إضعاف
قدرات الولايات المتحدة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، فإن هذا القلق لم يكن واضحاً على المستوى الرسمي
الأمريكي. وبوجه عام،فقد يضخم ذلك طموح بكين المعلن في أن تتزعم الجنوب العالمى ، خاصة في ظل عوامل
داخلية وخارجية في الولايات المتحدة تعزز نفوذ القوى المناوئة لها، مثل الأزمات الاقتصادية العالمية، وصعود اليمين
الشعبوي في الداخل الأمريكي الذي يريد التركيز على الداخل أكثر من التعاون مع الخارج، ما يضطر حلفاء أمريكا ودول
العالم الأخرى إلى اللجوء للبحث عن بدائل. وفي هذه الحالة تمثل الصين والهند خياراً مناسباً للغاية لهذه الدول. لذا
فإن السيناريوهات المحتملة أمام الولايات المتحدة الأمريكية:
الأول: قد تسعى واشنطن، وخاصة من خلال وسائل الإعلام الخاصة بها، إلى محاولة تفجير تكتل بريكس من الداخل
عبر التركيز على التباينات بين الدول الأعضاء. الثاني: يمكن أن تستخدم واشنطن إحتياج بعض الدول لها من أجل
مساومتها على حدود ومحدودية الدور داخل تجمع بريكس.الثالث: قد تدفع المخاوف الأمنية من النفوذ المتزايد لتجمع
بريكس الولايات المتحدة إلى تعميق التعاون الأمني مع حلفائها وشركائها والتوسع في التحالفات الاستراتيجية.الرابع:
قد تتجه الولايات المتحدة إلى التركيز على تعزيز قدرتها التنافسية الإقتصادية من خلال الإستثمار في البحث
والتطوير، والابتكار والتعليم، والبنية التحتية، كما قد تعمل على التفاوض على إتفاقيات مع دول خارج مجموعة
بريكس.وما نؤكد عليه ، والذى من المفترض أن يكون قيد الدراسة ،أن بين الدول المؤسسة لبريكس، خلافات أكثر
مما بينها من التوافقات، ولكن تجمعها مشتركات كثيرة في الوقت ذاته، والخلافات لا تمنع التعاون المثمر بينها،
للتخلص من هيمنة أمريكا والغرب على الاقتصاد العالمي، وإيجاد هيكل اقتصادي ومالي وتجاري بديل، كبداية ومرحلة
أولية، لكن تضخيم دور هذه المنظمة في الاقتصاد العالمي أمر سابق لأوانه، لأن الطريق سيكون محفوفا بالمخاطر،
التي ستسببها الولايات المتحدة، لكسرها وتفتيتها عبر السيناريوهات المطروحة سابقاً. فسعي كل من الصين
وروسيا والهند على تأسيس هذه المنظمة ،هو تأمين الموارد إضافة إلى فتح الأسواق في الدول المنضمة إليها، أو
التي ستنضم مستقبلا، بالإضافة إلى خطط الصين الطموحة في (الحزام والطريق). هذه المنظمة إذا ما كتب لها
التوسع والنجاح ستشكل نقلة نوعية في النظام العالمي، وستكون الأساس في إيجاد عالم متعدد القيادات، بقطبين
متنافسين، وتنقل ثقل التنمية والتطور إلى الجنوب وتنزع من الشمال بدرجة ما الهيمنة التي إستمرت لفترة طويلة،
وهذا ما سوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء اللّه.