جاءت قرارت القمة الـ 15 لمجموعة بريكس بدعوة جمهورية مصر العربية وخمس دول أخرى لتصبح عضو كامل العضوية في مجموعة البريكس اعتباراً من 1 يناير 2024 لتعكس ما قامت به القيادة السياسية المصرية من مجهودات وتحركات على جميع المستويات سواء داخليا او خارجيا ،
وهو ما مثل لطمة لأصحاب الشر من مختلف الإتجاهات والذين طالما ما حالوا إثبات أن مصر فاشلة ، وأن إقتصادها ينهار ،وان مستقبلها محفوف بالسواد ، لتأتى قمة البريكس الأخيرة فى جوهانسبرج بإنضمام مصر ،لتعكس بعدا جديداً يعبر عن أن هناك تغييرا في النظام العالمى الراهن ،
وان مصر التى طالما ما حاول الأشرار الإيهام بأنها دولة فاشلة ،أصبحت الآن قبلة التحول نحو إطار أكثر عدلا للحوكمة العالمية، ومنصة لتغيير الديناميكيات السياسية العالمية، عبر وجود نظام دولي متعدد الأقطاب أكثر تنوعا وعدالة ،وان هناك تصميم من دول البريكس على التعاون فيما بينها وبين الدول المنضمه إليها ومنها مصر وان هذا التوسع يتماشى مع توقعات المجتمع العالمي ويخدم المصالح المشتركه للأسواق الناشئة.
النجاح السياسى المصرى يقوم على أن إنضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد “NDB” والخاص بدول تجمع بريكس يمثل شهادة ثقة فى صلابة الاقتصاد المصرى من دول تجمع بريكس ،على نحو انعكس فى رؤية ماركوس ترويخو رئيس بنك التنمية، لمصر بإعتبارها واحدة من أسرع دول العالم نمواً ، وأنها تمتلك إقتصادا رائداً بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مما سيساعد في إتاحة التمويل الميسر لتنفيذ المشروعات التنموية من خلال بنك التنميهدة الخاص بالتجمع.
كما يقوم النجاح السياسى المصرى على إيمانه المطلق بأن مصر ستكون الحلقة الأساسية في إعادة البناء الحالية للنظام الدولي وهو ما أكدنا عليه مراراً وتكراراً، خاصة بعد إفتتاح قناة السويس الجديدة فى أغسطس 2015، فى تأكيد بأن مصر المستقبل ليست كما يراها الأشرار محاطة بالسواد ولكن تأكيداً بأن مصر محاطة بآمال وأحلام شعوب الأرض كى تنعم بعالم متعدد الأقطاب أكثر تنوعا وعدالة.
استطاعت مصر بقيادتها السياسية الواعية ان تصنع لحظه تاريخية إيذانا بعصر جديد وشراكة جديدة بين مصر ودول تجمع البريكس بهدف إضفاء الطابع المؤسسي على شراكة حقيقية بين مصر ودول التجمع القديم والجديد، لتمثل بذلك حقبة جديدة من التعاون عبر مجموعهدة من المصالح لسنوات قادمة. لم يعد كلامنا كلاماً احادي الفكر والرؤية والإتجاة ،
بل هو فكر إستراتيجى اكدت عليه القيادة السياسية بالدليل والبرهان لتعكس امام العالم ان اهم ما يجمع بين الدول الأعضاء في تجمع البركس هو قوة إقتصادها ،وان مؤهلاتها للنمو قوية للغاية، وان إنضمام دول جديدهدة بينها مصر يعني ان هذا التجمع بصدد النمو بشكل كبير كي تتحول مجموعة البريكس إلى قوة لا يستهان بها. وانه يتم تحديد نظام دولي جديد بموجب قواعد جديدة ومواصفات جديدة ويتطلع هذا النظام إلى الشرق الأوسط بإعتباره حجر الزاوية المركزي في الديناميكيات العالمية .
وبالتالي فإن ما نؤكد عليه عمق الرؤية السياسية لمصر بقيادة الرئيس السيسي ، وأن دخول مصر هذا التحالف يخدمها على جميع المستويات خاصة في ملف المياة، فغالبية أعضاء التحالف “الصين وروسيا وجنوب أفريقيا” لهم تأثير على صناعة القرار في إثيوبيا، ويملكون من وسائل الضغط ما قد يجبر أديس بابا، على موقف أكثر مرونة في التفاوض حال إمتلاكهم الرغبة.
مع تأكيد القيادة السياسية المصرية، بأن إنضمام مصر إلى التحالف لا يمثل خطورة على علاقاتها الإقتصادية والسياسية بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ،فقد أكدت القيادة السياسية المصرية منذ عام 2014 أن سياستها الخارجية تقوم على المصالح المشتركة ، والإحترام المتبادل بين مصر وباقى دول العالم ،
وهو ما يعكس ما قام به السيد الرئيس من وضع الملف الاقتصادي على بدايات طاولة المباحثات والمفاوضات أثناء زيارته الخارجية المتعددة لدول الشرق والغرب على حد سواء، مع السعى نحو التحول لنظام المقايضة والإتفاقيات المباشرة مع الدول المصدرة لتقليل الطلب على العملات الأجنبية ومقاومة، ومواجهة التدخلات الأحادية الجانب التي يقودها الدولار خاصة بعد التقلبات المالية العالمية الكبيرة، وارتفاع معدلات التضخم، وقيام الولايات المتحدة الأمريكية عبر البنك الفيدرالي الامريكي بإستغلال مكانة الدولار بإعتبارة العملة الإحتياطية العالمية لتحقيق مكاسب جيوسياسية ،
وبالنظر إلى أن سوق إتفاقيات المقايضة يبلغ حوالي 6 تريليون دولار بين مختلف دول العالم ، فإن الحل يكمن فى
محاولة تقليل الطلب على الدولار في السوق المحلية بإتفاقيات المقايضة barter trad مع الدول المختلفة، وإتفاقيات
الدفع بالعملة المحلية لهذه الدول،
وبالتالي يتم إخراج تلك الواردات خارج منظومة الدفع بالدولار. وبالتالي فان إنضمام مصر لهذا التجمع الذى يستحوذ
على 31% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي قبل إنضمام الدول الست ومنها مصر، فإن هذه النسبة سوف ترتفع
بعد الإنضمام الى ما يتعدى 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمى وهي النسبة التى تهدد عرش وبقاء الولايات
المتحدة الأمريكية كقطب أوحد ،
والذي طالما ما أكد عليه ضرورة الاستحواذ عليه العديد من الخبراء الإستراتيجيين الأمريكيين مثل جورج كانن،والذى
أكد بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة بأن الولايات المتحدة اذا أرادت ان تكون هي القطب الأوحد مستقبلاً، فعليها ان
تستحوذ على أكثر من 50% من ثروات العالم.
كما ان إنضمام مصر لهذا التجمع سيسمح لها بالاسراع بتحقيق حلم طريق القاهرة/ كيب تاون بجنوب افريقيا، مما
يعود بالفائدة الإقتصادية على مصر ودول القارة الإفريقية، نظرا لأن هذا الطريق يمر ب 15 دولة إفريقية، وسيسمح هذا
الطريق بتحقيق الأحلام الإفريقية التي قادتها مصر عبر مطالباتها منذ عام 2015 بضرورة إنصهار التكتلات الإقتصادية
الثمانية الكبار إلى تكتل واحد، هو أفريقيا الموحدة.
ما نؤكد عليه أخيراً، هو وعي الدولة المصرية بالتحولات الخارجية وتطوراتها الكيفية، وانها دائما حارسة للأمل الذى
يمثل أيقونة نجاح وصعود الدول، وان هذا النجاح وراءه مثقف حق، صادقاً مع نفسه، بارا بوطنه، ملتزماً بالمبادئ التي
يرى صحتها حتى وان تكبد خسائر على المستوى الشخصي. لكنه يصر على ان تسير مصر في مسار إصلاحي
تصحيحي متعقل، حتى تستطيع يوما ما اللعب مع الكبار والإبتعاد عن الأشرار.