رامين أحمدوف يكتب : العلاقات المصرية الأذربيجانية.. نموذجية وتاريخية

رامين أحمدوف
من الملحوظ في الآونة الأخيرة أن العلاقات المصرية الأذربيجانية في تطور مستمر وفعال، وتعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أذربيجان حدثًا مهمًا في صعيد تطوير العلاقات، كما أن تحسُّن العلاقات بين الشقيقتين تركيا ومصر له دور خاص هنا.
ومن الجدير بالذكر أن مصر تقع معظم أراضيها في قارة أفريقيا وجزء في قارة آسيا ولذلك يطلق عليها الدولة العابرة للقارات ذات الموقع الاستراتيجي المهم للغاية. ويزيد عدد سكانها عن 100 مليون نسمة وتحتل المركز الرابع عشر من حيث أكبر دول العالم في السكان.
واهتمام أذربيجان بتطوير العلاقات مع مصر ليس من قبيل المصادفة بل كثيرا ما حرص القائد الأذربيجاني العظيم حيدر علييف على إقامة العلاقات المصرية الأذربيجانية والعمل على تطويرها. ومن الأدوار العظيمة التي قامت بها مصر تجاه أذربيجان اعترافها باستقلال أذربيجان في 26ديسمبر1991م، وتبع ذلك التوقيع على بروتوكول إقامة العلاقات الدبلوماسية في 4أبريل 1992م، ووفقا لهذا البروتوكول بدأ أول نشاط لسفارة مصر في باكو عاصمة أذربيجان في أبريل عام 1993م، وكذلك سفارة أذربيجان في القاهرة بداية 1994م وتحديدا في يناير.
ومن جهود مصر التي لا تنسى أنها دعمت وحدة أراضي أذربيجان أثناء فترة الاحتلال طويل الأمد وكذلك بعدما انتصرت أذربيجان واستعادت أراضيها، وفي منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمات دولية أخرى أبدت مصر تضامنها ووقوفها بجانب أذربيجان.
عام 1994م، وفي قمة منظمة المؤتمر الإسلامي بالدار البيضاء، التقى رئيسا مصر وأذربيجان ونوقشت العلاقات الثنائية والنزاع القائم بين أرمينيا وأذربيجان حول منطقة قُرَّة باغ الجبلية، وتطرّق الزعيمان في حديثهما إلى الحديث عن العلاقات بين أذربيجان والعالم العربي، وفي أكتوبر 2002م، تم إنشاء اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني والعلمي بين حكومتي أذربيجان ومصر؛ ونتيجة لذلك تم اتخاذ خطوات مهمة نحو تطوير العلاقات ولا شك أن العلاقات التجارية كان لها نصيب كبير في التعزيز والتقدير.
وبخصوص مصر، تحدث الزعيم القومي قائلا:
“علاقات الصداقة المصرية الأذربيجانية متعددة الجوانب، ونحن نقدر هذه العلاقات جيدا ونعطيها أهمية كبيرة ونريد تطويرها في جميع المجالات”.
وتظهر أذربيجان اهتماما بالغا بالتعاون مع مصر في مجالات عديدة مثل البناء والأدوية والزراعة والتعليم والثقافة وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى ذلك تم إقامة العديد من المشاريع المتعلقة بإنشاء مناطق اقتصادية حرَّة، وبناء محطّات طاقة جديدة، وإنتاج السكر، وتطوير صناعة الأدوية.
وصرح القائد العظيم أيضا:
“علاقاتنا السياسية على مستوى عال جدا، لكن علاقاتنا الاقتصادية لم تصل بعد إلى هذا المستوى، لأننا مع للأسف لم نتخذ في السنوات الأخيرة الإجراءات اللازمة لتطوير هذه العلاقات، ويسعدني أننا أنشأنا الآن لجنة مشتركة وأعتقد أن تشكيل لجنة مشتركة سيكون بداية لمرحلة جديدة في علاقاتنا الاقتصادية، ولا بأس فهناك العديد من الإمكانات في هذا المجال لدى كل من مصر وأذربيجان.
وبالنسبة لمجال إنتاج الأدوية في أذربيجان، فإنه يمكننا القيام فيه بعمل مشترك، ومن الممكن أيضًا القيام ببعض الأشياء المتعلقة بتجارة الشاي؛ لكن كل هذه الأشياء لا تفي بالغرض لأنه إذا اقتصرت علاقاتنا الاقتصادية عليهم فلن يكون ذلك عملا لائقا بمصر وأذربيجان، ولذلك نحن بحاجة إلى تطوير علاقاتنا هذه وإنشاء علاقات جديدة في مجالات أخرى.
مصر وأذربيجان دولتان تربطهما علاقات تاريخية وثيقة للغاية، ويوجد العديد من أوجه التشابه الكبير في عاداتنا وقيمنا
الأخلاقية، ولذلك فعندما يتم عرض الثقافة المصرية أو الموسيقى المصرية والرقص في أذربيجان فإن الأذربيجانيين
يعتبرونها جزءًا من ثقافتهم الأصلية، وأذكر أنه في أوائل الستينيات أي قبل 40 عامًا، ربما قبل 42-43 عامًا قامت فرقة
الغناء والرقص الحكومية الأذربيجانية بجولة في مصر وقدمت حفلات موسيقية ناجحة لأكثر من شهر، وعندما سافرت
إلى مصر عام 1973م، زرت دار الأوبرا في القاهرة، وهناك رأيت أوبرا مصرية جميلة جدا .
فلكل أمة ثقافتها وفنها الخاص بها، مصر وأذربيجان قريبتان جدا من بعضهما البعض، ويجب استغلال هذا، ولما كنت
في القاهرة شعرت بأنني في مكان يشبه منزلي كثيرا “….
نضيف أيضا، أنه نتيجة للسياسة التي نفّذها القائد العظيم حيدر علييف لتطوير العلاقات؛ عُقدت أيام الثقافة
الأذربيجانية في مصر 6-13 نوفمبر 2005م، كما عُقدت أيضا أيام الثقافة المصرية في أذربيجان في 20-28 نوفمبر
2006م، واستمر العمل الذي بدأه القائد الوطني في هذا الاتجاه بنجاح من قبل الرئيس إلهام علييف.
ولقد قام الرئيس إلهام علييف بزيارة رسمية إلى مصر أيام 6 – 8 مايو2007م، ومن الجدير بالذكر أن الرئيس إلهام
علييف شارك خلال زيارته في مراسم حفل افتتاح المبنى الجديد لسفارة أذربيجان في القاهرة.
وخلال زيارته هذه أيضا وبالتحديد في يوم7مايو، كُرّم الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بميدالية من البرلمان المصري
تُمنح لأعلى ضيوف مجلس الشعب المصري.
بالإضافة إلى ذلك قام وزير خارجية أذربيجان بزيارة مصر في 2 نوفمبر 2016م، وفي نوفمبر 2019 زار وزير الخارجية
المصري سامح شكري أذربيجان للمشاركة في القمة الثامنة عشرة لحركة عدم الانحياز.
وخلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لأذربيجان عقدت مباحثات مختلفة وتم التوقيع على الاتفاقيات.
وهذا يشير إلى أن العلاقات المصرية الأذربيجانية المتطورة التي أقيمت بفضل الزعيم القومي سوف تتقدم إلى الأمام
نتيجة لسياسة الرئيس إلهام علييف، على وجه الخصوص، ويمكن الإشارة إلى أن هذا يلبِّي المصالح الوطنية لكلا
البلدين الممثلين في منظمة المؤتمر الإسلامي ولهذا أهمية كبيرة .
كاتب المقال مؤسس اتحاد الحكماء الأتراك
ورئيس المجموعة الإعلامية “مسيا”.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.