عبد الناصر البنا يكتب : أهلا .. بالأشقاء !!
لما دارت الحرب رحاها فى السودان الشقيق وتفجرت الأمور وتأزمت بالقدر الذى جعلها على شفا حرب أهلية وضعت يدى على قلبى ، وقلت ربنا يسترها على السودان كبلد شقيق هو عمق إستراتيجى لـ مصر ، وعلى أهله الذى يربطنا بهم ” صهرا ونسبا ” وتاريخا وجغرافيا ، ودعوت الله أن يحفظ أهل السودان ، وان يسبل عليهم ستره خشية الشتات فى الأرض ، كما حدث لـ غيرهم من أبناء الدول العربية .
مع بداية الأزمة فى السودان سارعت مصر ودول عربية وأجنبية بمد يد العون والمساعدة إلى أهالينا فى السودان ، وقامت بإجلاء رعاياها ومن يرغب من أهل السودان فى ” بروبجندا ” غير مسبوقة من ” قناة العربية ” فى الوقت الذى كانت تعمل فيه مصر بصمت ، بعد أن فتحت ذراعيها وأبوابها للفارين من جحيم الحرب فى السودان برا وبحرا وجوا ، وإستقبلنا عشرات الآلاف من النازحين ممن قدموا إلى مصر .
دعونا نؤكد أن هناك إحصائية على وسائل التواصل الـ إجتماعى والـ Social Media نسبت إلى جهاز ” التعبئة والإحصاء ” تفيد بأن عدد العرب المقيمين في مصر من الجالية ” السورية ــ العراقية ـ اليمنية ـ السودانية ـ الفلسطينية ” يصل لـ” 16 مليون وبـ 480 ألف” وبمراجعة نشرات وبيانات ” التعبئة والإحصاء ” لا توجد إحصائية تؤكد ذلك العدد ، وإنما تُحصي فقط عدد العاملين الأجانب في القطاع الخاص والحكومي ، ولكن ” منظمة الهجرة الدولية ” فى أغسطس 2022 تحصى وتفيد بأن عدد المهاجرين واللاجئين في مصر من كل الجنسيات ” وليس العرب فقط ” بلغ نحو 9 مليون ، وفى كل الـ أحوال هذا العدد ليس بقليل على بلد يبخطى تعداد سكانه الـ 100 مليون نسمة !!
تعالو نتأمل الموضوع بشىء من العقل يقول الله تعالى { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا } أى لاتكلف نفسك فوق طاقتها ، فالحياة أقصر من أن تشرح للناس حسن نواياك ، والمثل العامى يقول ” اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع ” وأنا مازلت أخاطب العقل فلا عنصرية ولا حنق ولاكره ولا من على أحد فى ما أقول ، ومعلوم عنا أبناء الصعيد أهل خير وإكرام الضيف واجب مقدس عندنا ، وهذا ليس موضوعنا . وأنا هنا أدلى بدلوى كمواطن إكتوى بنار الغلاء والأسعار التى لاترحم ، بالقدر الذى جعلنا نعيد النظر فى أولوياتنا فى اليوم الواحد لـ مرات ، وكلنا أبناء الطبقة الوسطى عجزنا حقيقة عن سد إحتياجاتنا الضروية من الـ أكل والشرب !!
لما تحسبها بعقلك تلاقينا عايشين على حد الكفاف فى هذه الأوقات العصيبة التى يضرب العالم فيها موجات من التضخم غير معهودة ، ومن هنا يتحتم علينا ” كقيادة سياسية ” أن لانفتح صدورنا أكثر من اللازم لـ إستقبال المزيد من الضيوف ، خاصه وأن مصر لاتتعامل معهم كونهم ” لاجئين ” فهم يعيشوا وسطنا ونعتبرهم أهلنا ولهم كافة الحقوق والواجبات ، وغير معزولين فى أماكن إبواء كما تفعل الدول التى تتغنى بحقوق الـ إنسان وهذا واقع ، والدولة لم تتاجر بقضيه هؤلاء الـ أشقاء ، أو تهدد بترحيلهم إلى أوربا كما تفعل تركيا ، أو تطلب العون والمساعدة من المؤسسات الدولية ، وهذا واقع . أما كون هذه الخطوة ” صح ” أو ” غلط ” فهذا ليس شأننا .
نحن لنا واقعنا ، والواقع يقول أننا إستقبلنا أهلنا من ” دولة الكويت” إبان غزو صدام للكويت ، وطويت التجربة بكل مالها وماعليها ، ولاداعى للخوض فيها حفاظا على أواصر الصداقة التى تجمعنا . إستقبلنا أشقاءنا من ” العراق ” إبان غزو أمريكا للعراق وشلناهم فوق رؤسنا ، وأخذوا فترتهم ورحل من رحل منهم وبقى من طاب له المقام فى مصر . وإستقبلنا من قبلهم إخوتنا من ” فلسطين ” المحتله . وقدم إلينا أخوه من” اليمن ” الذين لم ينقطع ترددهم على مصر طلبا للعلاج ، وإختاروا أحياء بعينها مثل ” العجوزة والدقى ومؤخرا الهرم وشارع فيصل ” وإفتتحوا فيها مطاعم لهم تحمل إسم ” حضرموت ــ البيت اليمنى ” .. إلخ لـ تقديم الأكلات اليمنية مثل ” المندى ـ المظبى ـ المقلوبة ـ الأرز البخارى .. إلخ ” .