عبد الناصر البنا يكتب : الساحل .. الشرير !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
مش عاوز أقول كنا وأصبحنا ، لكن شئنا أم أبينا أصبح الساحل الشمالى مدعاة للأبهة وللتباهى والتفاخر لا وللتعالى احيانا ، لدرجة أن الواحد من ” عامة الشعب ” عندما تسأل عنه تأتيك الـ إجابة يومين كده فى الساحل العيال زهقوا من الحر وقطع الكهرباء ، رحنا نغير جو ، مع إن كبيره الكيلو 21 أو سيدى كرير على أقصى تقدير ؛ وهذه ليست المشكلة ” لو بطلنا نحلم ” !!
الأخبار التى ترد إلينا عن الساحل الشمالى كل عام كلها أخبار غير ساره بالمره ، ويكفيك أن تكتب على محرك البحث Google خناقة أو خناقات وفضائح أولاد الذوات فى الساحل الشمالى ينهال عليك سيل من الفضايح ” شىء محزن ” هذا العام مشاجرة حامية الوطيس بين أولاد الذوات فى أحد الكافيهات أطلق عليها البعض ” خناقة المايوهات بالساحل ” والخناقة فى الغالب تكون مجهولة الـ أسباب أو لـ أسباب تافهة توثقها مقاطع فيديو يتم تداولها عبر وسائل التواصل الـ إجتماعى والـ Social Media وكلها مشاهد غير أخلاقية سواء فى اللبس أو الألفاظ المتداولة أو حالة السكر البين التى يظهر عليها هؤلاء الشباب .. إلخ ” .
إضافة إلى ماتسببه هذه الخناقات من هلع وإستغاثة لـ رواد تلك الأماكن وخاصة وأن منهم المحترم لأننى لا أعتقد أن كل رواد هذه الـ أماكن هم من الفرافير أو ” النايتى ” كما يطلق عليهم ، وأيا ماكان الأمر يبدو أن الامور هناك عادة ماتخرج عن السيطرة ، أو يتم إحتواءها من قبل الجهات المعنية بسرعة ليس لـ شىء إلا أنهم أولاد الذوات !! .
البعض وأنا أقصد كلمة ” البعض ” عبر عن غضبه وإستياءه من الـ إرتفاع الغير مبرر فى أسعار الأطعمة والمشروبات أو فى رسوم دخول الشاطئ فى الساحل الشمالى ، خاصة لو علمنا أن الليلة الواحدة قد تتخطى الـ 20 ألف جنيه ، وهذا بالطبع لايمثل شىء للفئة الثانية ، أما الفئة الثالثة وهى ” العامه ” من المصريين الذين يتلقوا مثل هذا الاخبار بشىء من السخرية الممزوجة بالمرارة احيانا على الـ أحوال التى يعيشوا فيها .
والحقيقة أنه رغم هدوء الساحل الشمالى وسحر الطبيعة فيه ، لكن لاتنخدع فى هذا الجمال فقد تشتعل خناقة حامية الوطيس بسبب وجبة ” برجر ” ، أو خناقة لـ يثبت كل طرف فيها أنه صاحب نفوذ أقوى من الطرف الثاتى مثل ماحدث مع رجل الأعمال الشهير الذى أفرج عنه منذ فترة ؛ وإبن أحد الوزراء السابقين والتى انتهت إلى هدم جزء من مطعم ” لوسيدا ” فى قرية ” هايسندا ” بالساحل الشمالى ، والخناقة دى تحديدا كانت وجبة دسمة لـ وسائل إعلام جماعة الـ ” خوان ” التى زجت بإسم الجيش فبها ، ويقية الحكاية أكيد كلكم عارفينها !!
عاوز ” تهيص وتهنكر ” روح الساحل الشمالى ح تلاقى كل إللى نفسك وإللى مانفسكش فيه ” سكر عادى ، عربده ، عرى ، فضايح ، حفلات شغااال ، لا وإيه أسعار تذاكر فلكية ، ولك أن تتخيل أن سعر تذكرة عمرو دياب فى العلمين تخطت الـ 100 ألف جنيه ، والطاولة الواحدة تعدت الـ خمسة آلاف دولار ، ويلتزم الجميع الحضور بإرتداء اللون الأبيض ، أما تذكرة روبى ب 35 ألف جنيه ، حفلات الرقص فى الساحل شىء طبيعى جدا ، بكينى يوووه مولد ياسيد .. والدولة فين ؟ خليهم يتبسطوا . طيب والمشاكل والخناقات إللى بنسمع عنها ؟ كلها بتتلم ؛ العيال بيفرغوا طاقتهم وبعدين يتصالحوا وكله بيبقى سمن على عسل ومرضى ومفيش حتى محضر واحد بيتحرر .. أيوه الله !!
إنما إيه أصل حكاية الساحل الشمالى إللى مافيش ورانا غيرها وغير خناقاتها كل سنة ، الساحل الشمالى وفقا لـ ” ويكيبيديا ” هو الشريط الواقع في أقصى شمال مصر والممتد على مسافة 1050 كم من مدينة رفح في شرق سيناء إلى السلوم في أقصى غرب مصر على الحدود الليبية على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، ويتميز بمياهه الزرقاء ورماله الذهبية الناعمة.
الساحل الشمالى هو قبلة الأثرياء أو المكان الذى يعكس الثراء الفاحش فى مصر . فكرة الساحل الشمالى بدأت مع منتصف الثمانينات من القرن الماضى على يد الوزير حسب الله الكفراوى وتلقغها الدكتور ميلاد حنا ” رحمه الله ” من أجل احتواء فئه من ” أثرياء ” الشعب المصرى من طبقة رجال الأعمال والحرامية .. إلخ كانوا يروحوا يصيفوا فى الخارج فى ” مالطا وقبرص وأثينا واليونان وتركيا ودول أوربا .. إلخ ” ويقضوا فترة الصيف هناك . الدوله حاولت تخليهم يصرفوا فلوسهم هتا ” فكر جديد ” والحكاية بدأت بعدد محدود من القرى السياحية هى ” مارينا ـ ماراقيا ـ ماربيلا ” لـ إجتذاب تلك الشريحة ، ولما نجحت الفكرة ظهرت قرى أخرى لـ إجتذاب من هم أكثر ثراءا !!
أرجوك أن تترك جانبا أننا بلد يعاني كثيرا من الناحية الاقتصادية ، أو اننا نلهث وراء تعليمات صندوق النقد الدولي بسبب القروص ، أو أن كثير من يجدوا صعوبات كبيرة لـ إرتياد مثل هذه الأماكن ، فهذا ليس مجال حديثنا الآن . حتى وإن دفعك الفضول مرة لـ زيارة إحدى هذه القرى كما حدث أسغفر الله العظيم معى منذ سنوات ، فلن تشعر بالراحة مطلقا على الأقل من الناحية النفسية ويكفى نظرات الناس إليك !!

بقى أن أشير إلى أن البعض بقسم الساحل إلى قسمين ” الطيب ــ والشرير ” ويقصد بالقسم الطيب أن مرتاديه هم أصحاب الطبقة المتوسطة ، أما الشرير هو الخاص بطبقة الأثرياء ، ويبدأ الساحل الطيب من ” مارينا وسيدي كرير ومراقيا وماربيلا .. إلخ ، أما الساحل الشرير أو الأعلى سعرا فيبدا من ” مراسى ومارسيليا وزهرة وهاسيندا وأمواج وألماظة باي .. وغيرها من الأماكن التى تستطيع أن تلوى لسانك عند نطقها كما يحلو لك .

فى مطلع الألفية زرت مدينة العلمين ومتحفها القومى ؛ ومقابر العلمين التى دفن فيها الجنود الذين قتلوا فى معركة العلمين تزامنا مع إحتفال دول الكومنولث بذكرى معركة العلمين الشهيرة ، والتي كانت من أهم أسباب انتصار الحلفاء وإنهاء الحرب العالمية الثانية عام 1942 وهى المعركة التى خلفت وراءها حوالي 17 مليون لغم مزروعة في الساحل الشمالي الغربي للصحراء الغربية ، وكانت تعوق عملية التنمية والاستفادة من الموارد الطبيعية فى هذه المنطقة .
واليوم نحمد الله على ماوصلت إليه مدينة العلمين من تطور ؛ ويكفى أن نفتخر أن الترويج لـ صيف وإحتفالات العلمين هذا العام كان شعاره ” العالم علمين ” حفظ الله مصر !!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.