إبراهيم نصر يكتب : رفقا بنا أيها المتنطعون

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

كن على يقين عزيزى القارئ بأن الله سبحانه وتعالى قد يعطى الأجر الكثير على العمل القليل، وأنه لا حرج على فضل الله، ولا تلتفت إلى أولئك المتنطعين فى دين الله الذين لا هم لهم إلا الحكم على عباد الله، وتسفيه أعمالهم والتشويش عليهم، والزج بهم فى نار جهنم بحهل،

وكأنهم أوصياء على الجنة والنار يدخلون فيهما من يشاءون ويخرجون منهما من أرادوا، وهذا محض افتراء واجتراء على الله سبحانه وتعالى.

تجد الواحد من هؤلاء متحفزا على ما يصدر منك من فعل أو قول، ليحكم عليه بالصحة أو البطلان،

وكأنه قيم على أفعال العباد وأقوالهم، وليته ينصح بالرفق واللين أو يلقاق بوجه طلق،

كما أمر بذلك صاحب السنة صلى الله عليه وسلم، التى يزعم ذلك المتنطع أنه نصيرها ويجتهد فى إقامتها.

 

يردد هذا الحديث الصحيح مستدلا به على صحة ما يفتريه

هذا الصنف من الناس قد يقف مثلا عند حديث أخرجه الإمام مسلم فى صحيحه عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت:

“ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائما فى العشر قط”، أى فى العشر الأوائل من ذى الحجة،

وتجده يفتى بعدم جواز الصيام فى هذه الأيام، وأن الصيام مخالف لسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- لأنه لم يثبت أنه صام فى هذه الأيام،

ويردد هذا الحديث الصحيح مستدلا به على صحة ما يفتريه.

هذا الجاهل الجهول الذى وقف عند حرفية النص، ويردده كالبغبغاء، لم يقرأ ما قاله الإمام النووى فى شرح هذا الحديث.

ليس في صوم هذه التسعة كراهة

قال الإمام النووى رضى الله عنه فى “شرحه على مسلم”: قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر،

والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة،

بل هي مستحبة استحبابا شديدا، لا سيما التاسع منها وهو يوم عرفة، وقد وردت الأحاديث في فضله.

ليس ذلك فحسب، بل لم يطلع ذلك الجاهل المجترئ على الفتوى بغير علم على ما ثبت في “صحيح البخارى”

أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:

“ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه فى هذه” يعنى العشر الأوائل من ذى الحجة.

يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة

ويكمل الإمام النووى شرح الحديث فيقول: فيتأول قولها – أى قول عائشة رضى الله عنها وأرضاها -:

“لم يصم العشر” أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائما فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه.

وأيضا ورد فى فضل صيام هذه الأيام، حديث عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال:

“ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذى الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر”

أخرجه الترمذى فى سننه.

أرأيت عزيزى القارئ: كيف أن عطاء الله واسع، وأنه لا حرج على فضله، ولا شئ يمنعه سبحانه وتعالى من إعطاء الأجر الكثير على العمل القليل.

فلا تنزعج ولا تركن إلى غير متخصص فى الفقه يأتيك بحديث صحيح ليقنعك بحكم شرعى أو يقول لك بموجبه هذا حلال وهذا حرام،

لأنه قرأ حديثا وغابت عنه أحاديث، لذا جهل الحكم الصحيح الذى يقول به الفقهاء، ومن يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين.

استمتعوا أيها الأحباب بعلاقتكم بالله، وثقوا بجزيل عطاء ربكم، والمتنطعون يمتنعون رفقا بنا، ورحمة بأنفسهم.

Ibrahim.nssr@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.