إستعرضنا فى المقال السابق كيف ان الاقتصاد المصري واجه مجموعه من التحديات الكبيره تواكبت مع الاتفاقيات التي ابرمت مع صندوق النقد الدولي منذ عام 2016 وان هذه الاتفاقيات تاتي في اطار تمثيل الصندوق الممدد لمساعده الدول الاعضاء في التغلب على مشاكل اهمها بطء النمو الاقتصادي وعجز ميزان المدفوعات ، لذا فإن الحكومة المصرية تسعى نحو إستعادة إستقرار الاقتصاد الكلي ، الذى يقوم على مجموعة من الركائز الهامة؛ أولاً ضمان الحصول على نمو اقتصادي مستدام، وهذا النمو مرتبط بالعمل على زيادة الإنتاجية خاصة وأن السوق المصري يذخر بالفرص والمقومات الاستثمارية التي تشمل المواد الخام والأيدى العاملة المؤهلة، وحزمة الحوافز الكبيرة من الدولة المصرية والتي أعقبت الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار برئاسة السيد الرئيس، والذي يسعى من خلال رئاسة مصر للوكالة الإفريقية للتنمية “النيباد” إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة الإفريقية، ودفع معدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات عالية ومستدامة، مع تسريع وتيرة تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بمشاركة رؤساء التجمعات الاقتصادية الإقليمية بالقارة الإفريقية ، وعلى هذا الاساس فإن المجموعة الاقتصادية في مصر تسعى إلى توقيع إتفاقيات العمل المشترك للتعاون في كافة المجالات سواء كانت صناعية او زراعية او خدمية، فمنذ ايام تم توقيع إطار عام للعمل المشترك للتعاون الصناعي بين مصر ودولة بيلاروسيا، بما سيساهم في إمكانية التصنيع المشترك لعدد من المنتجات بالسوق المصري الذي يضم 104 مليون نسمة، مع التفكير جدياً في إقامة صناعة السيارات ،بما يمثله ذلك من توطين حقيقي للصناعة، وتوطين اعمق للتكنولوجيا ،وهو الآمر الذي يمثل أضلاع مثلث الإصلاح الاقتصادي الثاني الذي بداته مصر في نوفمبر 2021 بعد نجاح عمليك الإصلاح الاقتصادي الاول الذي بدا
في نوفمبر عام 2016، عملية الإصلاح الاقتصادي الثانية تقوم على ضمان إقامة صناعات تحويلية، وتنميه إستراتيجية
زراعية، وثورة تكنولوجية تضمن بها مصر توطين الصناعة والتكنولوجيا على اراضيها عبر إتفاق التجارة الحرة بين مصر
ودول الإتحاد الاقتصادي الاوراسي لتعميق صناعة المنتجات التي تستخدم كمدخلات لصناعات هامة، مع الإستفادة
بالثروات الطبيعية والمعدنية، وتحقيق قيمة مضافة لذلك تبرز اهمية اتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقيه AFCFTA
لتصدير منتجات هذه الدول من داخل السوق المصري وهو امر قد يساهم في تقليل الاعتماد على العملة الصعبة عبر
إبرام صفقات متكافئة تستوفي احتياجات كل جانب من اطراف هذه الإتفاقيات. وضمان عدم تاثر مصر تحديدا بعد إعلان
روسيا الإنسحاب من إتفاقية تصدير الحبوب الاوكرانيه بموانئ البحر الأسود، وهو ما تسعى اليه مصر عبر البحث عن
مسارات وبدائل اخرى تضمن بها عدم تهديد مخزونها من القمح. ثانيًا: العمل على استقرار الأسعار من خلال الحفاظ
على قيمة العملة وتحقيق قيمة عادلة للجنيه بعيدًا عن المضاربات التي حدثت خلال الفترة الماضية. ثالثًا: الوصول
إلى العمالة الكاملة من خلال استخدام الموارد الإنتاجية من العمالة ورأس المال والأرض وريادة الأعمال، بما يسمح
بتوفير فرص عمل تستوعب الزيادة السكانية العالية. رابعًا: السعي نحو تحقيق توازن ميزان المدفوعات من خلال
تعادل العملة الأجنبية الداخلة مع العملة الأجنبية الخارجة، وبالتالي التقليل من الفجوة التمويلية الحالية. أخيرًا
السعي نحو توزيع عادل للدخل من خلال فرض ضرائب، وتدعيم البرامج الاجتماعية القائمة؛ لذا فإن الجهود الحكومية
خلال الفترة الماضية ترتب عليها النجاح في الحصول على 1,9مليار دولار ناتجة عن توقيع عقود لبيع حصص في
كيانات مملوكة لمصر، بما يمثل ذلك من عنصر حاسم في برنامج تسهيل الصندوق الممدد ، ودعم وتوفير موارد
للتمويل، وتقليل الديون الخارجية، وبالتالى فإن هذه الجهود ترتب عليها استعادة الثقة خاصة من قبل مؤسسات
التمويل الدولية على رأسها صندوق النقد الدولي، وبالتالي قرب الانتهاء من المراجعة التالية واللاحقة، مع ضرورة
التنبؤ بأن هناك مجموعة من العناصر الرئيسية سوف يتم تناولها في الفترة القادمة وعلى رأسها التعامل مع القضايا
المتعلقة بتقليص دور وحجم الدولة في الاقتصاد، ووجود مجموعة من الضمانات تسعى إلى تحقيق الحياد التنافسي
بين الاستثمار الخاص، والشركات المملوكة للدولة، والتأكد من ارتفاع الطلب على الاقتصاد، مع الانتقال الدائم إلى
نظام سعر الصرف المرن وبما لا يتعارض مع الأمن القومي الاجتماعي، وسعي الحكومة إلى وضع أولوية الاستجابة
لاحتياجات الشعب في المقام الأول، وإدراك الإمكانيات التي يتمتع بها الاقتصاد المصري لوضع مصر في مكان أفضل
بعد التعامل المناسب مع المقاومين المحتملين للإصلاح الاقتصادي.