الدكتور علاء رزق يكتب : إستقرار الإقتصاد الكلي وخيارات صندوق النقد

الدكتور علاء رزق

يدخل العالم الآن مرحلة جديدة من المتغيرات العالمية السريعة والمدفوعة بتحولات كبيرة مثل التحولات الديموجرافية، وتوزيع الثروة غير العادل، والتقدم التكنولوجي، والتغير في المناخ، لدرجه أن النمو الإقتصادي لدول العالم قد جاء متفاوتا وعلى حساب البيئة، كما تلاحظ ان هذا النمو يتباطأ تدريجياً بسبب التغيرات المناخية الحادة والجوائح الصحية التي داهمت العالم خلال السنوات الماضية، وتتفاقم هذه التحولات والتحديات بسبب المخاطرة الكبيره التي يتعرض لها النظام المالي العالمي، والتي زادت بسبب زيادة حدة الصراع التجاري بين الصين وامريكا، كذلك زياده مستويات الديون بصوره غير مسبوقة لدرجه ان الإقتصاد الأول عالمياً وهو الولايات المتحدة الأمريكية بات يترنح من السيناريوهات الصعبة التي قد يتعرض لها بعد ان تجاوز حجم المديونيه 31.4 تريليون دولار،كذلك فإن فاعلية السياسة النقدية كأداة لمواجهة الازمات قد جاءت ضعيفة في مواجهة التغيرات الإقتصادية التي حدثت بعدها الأزمة الروسية الاوكرانية وما ترتب عليها من زياده معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، صاحبها إختلالات سلاسل التوريد العالمية التي بدات بعد جائحة كورونا،كل ما سبق كان شكل جزء من التحديات الكبيرة التي يواجهها الإقتصاد المصري والتي تواكبت مع الإتفاقيات التي أبرمت مع صندوق النقد الدولي منذ 2016 والتي حصلت فيها مصر على ما يقرب من 20 مليار دولار حتى الان بموجب عضويتها في هذا الصندوق وحصتها التي تبلغ 2.8 مليار دولار ،ومع القرض الأخير البالغ 3 مليار دولار والذي تم الإتفاق عليه في 16 ديسمبر 2022 وترتيب مدته ب 46 شهر في إطار تسهيل الصندوق الممدد الذي تم إنشائه في عام 1974 لمساعدة الدول الأعضاء في التغلب على مشاكل بطء النمو الإقتصادي، وميزان المدفوعات، لذا فإن مصر تأمل ان يسير هذا الإتفاق للتركيز على الإصلاحات الهيكلية التي تعالج جوانب الضعف المؤسسية والإقتصادية، مع التركيز على المحافظة على الإستقرار الإقتصادي الكلي، هذا الإستقرار الذي يسعى إلى دراسة وضع الإقتصاد ككل، مع تحليل السوق المصري ودراسه آثار الظواهر التي تشمل كلا من التضخم ،ومستويات الاسعار، والنمو الاقتصادي، والناتج المحلي الإجمالي، وتغيرات مستوى البطالة، مع وضع إجابة لهذه التغيرات حتى تصبح قادرة على إستخدامها في بناء وتقييم السياسة المالية والنقدية، والإقتصادية للدولة المصرية ،مع إمكانية إستخدام هذه التحليلات للشركات في وضع إستراتيجياتها للسوق،ووضع هذه الدراسات والتحليلات تحت أعين المستثمرين بما يجعلهم قادرين على التنبؤ والتخطيط لإستثماراتهم، لذا فإن سعى الحكومة المصرية نحو إستعادة إستقرار الإقتصاد الكلي تقوم على مجموعة من الركائز الهامة أولاً ضمان الحصول على نمو إقتصادي مستدام ،وهذا النمو مرتبط بالعمل على زيادة الإنتاجية خاصة وأن السوق المصري يذخر بالفرص والمقومات الإستثمارية التي تشمل المواد الخام والأيدى العاملة المؤهلة ،وحزمة الحوافز الكبيرة من الدولة المصرية والتي أعقبت الإجتماع الأول للمجلس الأعلى للإستثمار برئاسة السيد الرئيس ،والذي يسعى من خلال رئاسة مصر للوكالة الإفريقية للتنمية” النيباد” إلى تحقيق التكامل الإقتصادي بين دول القارة الإفريقية، ودفع معدلات النمو الإقتصادي إلى مستويات عالية ومستدامة، مع تسريع وتيرة تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بمشاركة رؤساء التجمعات الإقتصادية الإقليمية بالقارة الإفريقية. ثانياً العمل على إستقرار الأسعار من خلال الحفاظ على قيمة العملة وتحقيق قيمة عادلة للجنية بعيداً عن المضاربات التي حدثت خلال الفترة الماضية.ثالثاً الوصول إلى العمالة الكاملة من خلال إستخدام الموارد الإنتاجية من العمالة وراس المال والأرض وريادة الأعمال، بما يسمح بتوفير فرص عمل تستوعب الزيادة السكانية العالية. ثالثاً السعي نحو تحقيق توازن ميزان المدفوعات من خلال تعادل العملة الأجنبية الداخلة مع العملة الأجنبية الخارجة ، وبالتالي التقليل من الفجوة التمويلية الحالية. أخيراً السعى نحو توزيع عادل للدخل من خلال فرض ضرائب، وتدعيم البرامج الإجتماعية القائمة. لذا فإن الجهود الحكومية خلال الفترة الماضيه ترتب عليها النجاح في الحصول على 1,9مليار دولار ناتجة عن توقيع عقود لبيع حصص في كيانات مملوكة لمصر بما يمثل ذلك من عنصر حاسم في برنامج تسهيل الصندوق الممدد ،ودعم وتوفير موارد للتمويل،وتقليل الديون الخارجية ،وبالتالى فإن هذه الجهود ترتب عليها إستعادة الثقة خاصة من قبل مؤسسات التمويل الدولية على راسها صندوق النقد الدولي، وبالتالي قرب الإنتهاء من المراجعة التالية واللاحقة، مع ضرورة التنبؤ بأن هناك مجموعة من العناصر الرئيسية سوف يتم تناولها في الفترة القادمة وعلى راسها التعامل مع القضايا المتعلقة بتقليص دور وحجم الدولة في الإقتصاد، ووجود مجموعة من الضمانات تسعى إلى تحقيق الحياد التنافسي بين الإستثمار الخاص، والشركات المملوكة للدولة،والتأكيد من إرتفاع الطلب على الإقتصاد، مع الإنتقال الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن وبما لا يتعارض مع الأمن القومي الإجتماعي، وسعى الحكومة إلى وضع أولوية الإستجابة لإحتياجات الشعب في المقام الأول،وإدراك الإمكانيات التي يتمتع بها الإقتصاد المصري لوضع مصر في مكان أفضل بعد التعامل المناسب مع المقاومين المحتملين للإصلاح الإقتصادي.

كاتب المقال رئيس المنتدى

الإستراتيجى للتنمية والسلام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.