إستطاعت مؤسسة مورجان ستانلي ان تحدد بعض المعايير الخاصة بالتفرقة بين الأسواق الناشئة والأسواق المبتدئة، فالأسواق الناشئة يجب ان تتميز بالخصائص التالية، أولاً قدرتها على السماح بالتملك المحدود للأجانب ولو بصورة جزئية، ثانياً قدرتها على السماح بتدفقات ولو جزئية ايضاً لرؤوس الأموال، ثالثاً وجود شركتين على الأقل لا تقل قيمتها السوقية عن 800 مليون دولار رابعاً وجود درجة عالية من المنافسة الحيادية. وطبقاً لما استقرت عليه هذه المؤسسة فإنه يوجد حوالي 29 سوق مبتدئة تبلغ القيمة السوقية لأسهمها حالياً 715 مليار دولار ،كما توجد 20 سوق ناشئة تبلغ القيمة السوقية لأسهمها 20 تريليون دولار، المعايير التي تستند إليها مؤسسه مورجان ستانلي تختلف عن المعايير التي تستند إليها بعض المؤسسات مثل صندوق النقد الدولي الذي يقر بوجود 23 دوله ضمن الأسواق الناشئة، اما فوتسي راسل فتقر بوجود 19 سوق ناشئة، وبالتالي فإن معايير تحديد السوق الناشئ أو المبتدئ يختلف من جهة لأخرى، ووفقاً لرأي هذه المؤسسات لابد أن تستند هذه المعايير على ضرورة الحماية الكاملة للمستثمرين، ثانياً ضمان أن تحقق هذه الأسواق العدالة، والكفاءة والشفافية للمعاملات المالية ثالثاً التقليل من المخاطر الناشئة عن المعاملات المالية وبالتالي فإن هذه الأسواق الناشئة الموجودة في هذه الدول تمتلك بعض خصائص الدول المتقدمة، ولكن لا تتوافق مع جميع معاييرها فالدول ذات الأسواق الناشئة تمثل 80% من شعوب الارض ولكن في المقابل فإنها تستحوذ على 20% فقط من حجم الإقتصاد العالمي ،ويمكن النظر إلى الدول ذات
الأسواق الناشئة بأنها دول إستطاعت ان تحقق بعض الإصلاحات بغض النظر عن حجمها فدول مثل اليابان جنوب
شرق آسيا كانت في فترة ما من الأسواق الناشئة، أما الصين ودول تجمع البريكس والسعودية فهي من ضمن
الأسواق الناشئة. وبالتالي فإن هذه الأسواق تتواجد في دول منخفضة ومتوسطة النمو مع الإعتماد على قدرات
متعددة لمواصلة التقدم والنمو مستقبلاً، وبالتالي فإن الفرق بين الأسواق الناشئة والأسواق المبتدئة قد يكون صعباً
فمدير الأصول يميل إلى ضخ الأموال في الأسواق المبتدئة بإعتبارها تمثل له ملذات آمنه في ظل الحرب المشتعلة
تجارياً بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي تلقي بظلالها على اداء الأصول في الأسواق الناشئة، التقرير
الذي أصدرته مؤسسة مورجان ستانلي والذي يفيد بإمكانية تراجع مصر من تصنيفها كسوق ناشئ إلى سوق
مبتدئ سوف يؤدي إلى إتجاة الصناديق التي تتبع حركه المؤشرات التي تبلغ قيمتها الآن 2 مليار دولار إلى الخروج
من السوق المصري ،بالإضافة إلى خروج مستثمرين آخرين وهو وهو ما يمثل لمصر خسارة فادحة، ولكن الأخطر هو
ان عودة مصر إلى وضعها كسوق ناشئة مرة آخرى لن يكون سهلاً خاصة وان مصر كانت من أفضل الأسواق الناشئة
بعد الهند وقبل جنوب افريقيا وهما دولتان من دول تجمع البريكس وذلك قبل عام 2011 ولكن بعد إندلاع ثورة 2011
خرجت مصر من هذه الأسواق الناشئة بسبب الإضطرابات السياسية والامنية وكان إنخفاض التصنيف الائتماني لمصر
هو الأساس الحاكم في دخول مصر في دوامات إقتصادية واجتماعية ولولا ثوره يونيو 2013 لتفاقمت هذه الإضطرابات
بصوره تنعكس سلباً على مجمل الأوضاع ،ولكن مصر إستطاعت بعد مجموعة من الإصلاحات الإقتصادية التي تبنتها
أواخر عام 2016 إلى الدخول مجدداً بعد عناء إلى دائرة الأسواق الناشئة على مستوى العالم، وبالتالي فإن توقعات
مؤسسة مورجان ستانلى بتراجع السوق المصري من الأسواق الناشئة إلى الأسواق المبتدئة تستند إلى نقص
العملة الأجنبية، وبالتالي التاثير على قدرة المستثمرين الأجانب على تحويل أموالهم في الوقت المناسب، ويمكن
الرد على هذا الإستناد بأنه ليس له أساس من الصحة الآن فالإحتياجات التمويلية من العملة الصعبة لمصر الآن لا
تزيد عن 126 مليار دولار متمثلة في فاتورة الإستيراد وفاتورة الديون، في حين أن مصادر العملة الصعبة من المصادر
الخمس الرئيسية تتعدى 120 مليار دولار الآن وبالتالي فإن الفجوة التمويلية تقلصت خلال الفترة الماضية من 17 مليار
دولار إلى حوالي 5 او 6 مليار دولار فقط، كذلك فإن الإستناد على التاثير على قدرة المستثمرين الأجانب على تحويل
أموالهم في الوقت المناسب لا أساس له من الصحة لاننا نستند على ضعف الإستثمارات الأجنبية التي تتواجد على
ارض مصر، بخلاف إستثمارات الأجانب في الغاز والبترول، كذلك فإن البيان الصادر من مورجان ستانلي لا يتناسب مع
وضع البورصة المصرية الآن التي بدات في التحسن النسبي مما دفع المؤشر الرئيسي EGX30 الى أعلى مستوى
له.
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام