الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : ذات الرداء الأزرق .. والإعلام الأسود !!

الكاتب الصحفي
عصام عمران
عندما سئل فضيلة الإمام محمد متولي الشعراوي عن رأيه فى التليفزيون ، قال إنه مثل السكين المهم كيفية استخدامها فيمكن أن تستخدم في إعداد الطعام وغيره من الأمور المفيدة ، ومن الممكن أن تستخدم في القتل وإراقة الدماء وغيرها من الأمور الضارة ، وكذلك الحال بالنسبة للتليفزيون ، الذى يمكن يكون أداة ووسيلة للتعلم والمعرفة إذا حسن استخدامه من المتلقى ، وفي نفس الوقت قد يكون سبباً في تغييب وإفساد العقول وضرب القيم والمبادئ فى حالة إساءة استخدامه.
تذكرت ذلك وأنا أتابع ما يحدث حولنا هذه الأيام من تطور مذهل ، بل ومخيف فى شتى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لا سيما “الفيس بوك” ، ذلك الغول الذي اقتحم حياتنا بشكل يدعو للحيطة والحذر ، بل والخوف والذعر.
نعم باتت مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها “الفيس بوك” من أهم وسائل الإعلام فى عالمنا المعاصر ، ولكن القليل منها مفيد والغالبية العظمى ممكن أن تندرج تحت مسمى ” الإعلام الأسود” الذي يستهدف تدمير الشعوب وإسقاط الدول من خلال بث الشائعات ومحاولة الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد ، علاوة على ضرب الثوابت والقيم الأخلاقية في المجتمع ، مستغلا جهل البعض ، وطمع البعض الآخر واللهث وراء ” التريند” وتحقيق أكبر قدر من المشاهدة أو القراءة !!
وهناك الكثير من الوقائع والأحداث التي وقعت خلال الفترة الأخيرة تؤكد ما ذهبنا إليه من خطورة هذا الوافد الجديد أو
قل الضيف الثقيل ، ولكنني سوف أركز خلال هذا المقال على ثلاث وقائع كانت ملء السمع والبصر عبر مواقع التواصل
الاجتماعي مؤخرا في مقدمتها واقعة ذلك الشاب الذى قام بتصوير لحظة وفاة والده داخل الإسعاف وبث الفيديو على
مواقع التواصل الاجتماعي بحجة أنه أراد تحقيق أكبر عدد من الدعاء لوالده المتوفى ، ولكنه فى حقيقة الأمر كان
يستهدف اكبر قدر من المشاهدات والمشاركات التى وصلت وفق تصريحاته الى اكثر من مليون ونصف المليون
مشاهده ، متناسيا حرمة الموت وجلاله.
الواقعة الثانية التي باتت سلوكاً غريباً وأمرا يدعو للدراسة الاجتماعية النفسية لمنفذيها ، هى واقعة تصوير العروس
في ” الكوشة” تقوم بغسل قدمي زوجها ، وللأسف أصبحت ظاهرة في معظم الأفراح خاصة في المناطق الشعبية ،
ولا أجد لذلك تفسيراً علمياً ولا حتى منطقياً ، إلا البحث عن “الشو وركوب التريند!! “.
نأتي للواقعة الأخيرة ولن ابالغ إذا قلت الخطيرة والمعروفة على مواقع التواصل الاجتماعي بواقعة ” ذات الرداء الازرق”
فى إشارة إلى الفتاة التي دخلت في “وصلة” رقص خلال فرح صديقتها وهى ترتدى فستانا ازرق اللون ، وللحقيقة
هى ماهرة فى فنون الرقص الشرقي ويمكنها التفوق على دينا وصافينار ، وهو ما جعل آلاف المشاهدين والمتابعين
يعلقون على رقصها سلبا وايجابا بعدما انتشر الفيديو كالنار في الهشيم وطالتها الشائعات وخرجت بعدها تبكى على
الهواء وتطالب بحذف الفيديو .
الوقائع الثلاث قليل من كثير يبث عبر هذا الغول أو الإعلام الأسود كما ذكرت في البداية سواء بقصد أو بدون قصد وإن
كنت أرى أن معظمها مقصود ، بل ومخطط له من أجل النيل من ثوابت وقيم المجتمع وتغييب عقول أبنائه ، خاصة
الشباب والنشء الصغار الذين يمثلون نصف الحاضر وكل المستقبل في الوطن.. أى وطن.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.