رسالة دكتوراه حديثة بجامعة طنطا حول فلسفة رئيس جامعة القاهرة بالمقارنة بعدد من الفلاسفة العرب

كتب / شوقى الشرقاوى
ناقشت دراسة دكتوراه حديثة “فلسفة الدين في الفكر العربي المعاصر”، ووضعت أفكار الفيلسوف المصرى الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، نموذجًا مع المقارنة بأفكار عدد من الفلاسفة الأخرين ومن بينهم مواقف الفيلسوف المغربى طه عبدالرحمن والفيلسوف التونسى أبويعرب المرزوقي، وذلك حول معني الدين وأهميته في تحقيق التقدم والنهضة، وتجديد الفكر الديني و تفكيك الخطاب الديني التقليدي.
أشارت الدراسة التي قدمتها الباحثة عايدة هشام فاروق عبد المعبود بقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة طنطا، وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور صابر أبازيد أستاذ الفلسفة الاسلامية بكلية آداب قنا جامعة جنوب الوادي، والدكتور إبراهيم طلبة أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة ووكيل كلية الآداب لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على الباحثة، والدكتور مختار البسيونى أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب جامعة طنطا، إلى أن أخلاق التقدم التي يسعي إليها د. الخشت هي إجماع جوهري علي قيم ملزمة معايير محددة وسلوكيات أساسية يتم إقرارها من قبل جميع التيارات على اختلاف أيديولوجياتها، وكل الأديان على اختلاف عقائدها في مجتمعنا.
وبينت رسالة الدكتوراه أنه إذا كان د. طه عبد الرحمن قد طالب بإعادة النظر في كل المفاهيم التي نتلقاها والاعتماد على مصطلحات وليدة من ثقافتنا وإبداع المصطلحات والمفاهيم اللازمة لعملية التجديد لأن المفاهيم هي المدخل للمعرفة وضبط السلوك المعرفي للإنسان، فإن د. أبو يعرب المرزوقي يسعى باتجاه التأسيس لفلسفة عربية معاصرة لتناسب الدين وتسترشد بتوجيهاته، أما د. الخشت فهو رائد تيار العقل النقدي في فلسفة الدين، وهو فيلسوف التنوير والمواطنة في العالم العربي نظرًا للثقل الفكري والأكاديمي الذي يظهر في كتبه ومقالاته المختلفة، فقد جمع بين التعمق في التراث الإسلامي والفكر الغربي وتقدم أعماله رؤية جديدة في التجديد وتجديد الخطاب الديني، وتتميز بالجمع بين المنهج العقلي والخلفية الإيمانية في فنون التأويل وصدر عنه أكثر من 78 بحثًا علميًا محكمًا وقد ترجمت معظم أعماله إلى لغات أخرى.
أشارت رسالة الدكتوراه إلى أن د. الخشت لم ينزلق إلى ما انزلق إليه غيره من المفكرين في مستنقعات الفلسفات المادية أو الإلحادية أو الفلسفة الوجودية أو الماركسية أو الشيوعية، بل تحمل كل كتاباته نقدًا واضحًا ومباشرًا لكل هذه الأيديولوجيات التي ثبت فشلها في البيئة الإسلامية، مضيفة أن حضور الدين في فلسفة د. الخشت حضور بارز وقوي، يكفي أن ندرك إلى أي مدى كان منشغلًا بإبراز أثر الدين في مفكري الفلسفة الغربية لنعلم إلى أي مدى كان الدين عامة -وأصول الفقه خاصة- موجهًا حقيقيًا لأفكاره في فلسفته.
وتابعت رسالة الدكتوراه، أن جهود د.الخشت تندرج ضمن إطار عام يعلي من قيمة العقل النقدي ومركزية الإنسان،
فهو بذلك تجاوز ثنائيات تراثية من قبيل العقل والنقل، الدين والفلسفة، وبهذا يهدف إلى إعادة التفكير العقلاني الحر
في الدين من حيث هو دين وتكوين معرفة علمية وتكوين تفكير ديني. ويعتبر هذا أحد العوامل الرئيسية للخروج من
دائرة التفكير الأسطوري في طبيعة العلاقة مع المطلق وحلقة مهمة للانتقال من التقليد إلى الاجتهاد ومن الاتباع
إلى الاستقلال ومن منهج حفظ المتون إلى منهج نقد الأفكار، لكن هذا التجاوز الذي ينادي به الخشت يطرح معه
تساؤلات كثيرة ليس من السهل الإجابة عنها.
أكدت الدراسة أن د. الخشت يرى أن اعتبار التراث نصًا مقدسًا أحد أهم أسباب تخلف المسلمين، وأن الفتن الحالية
التي نعيشها هي نتيجة توظيف الجماعات المتطرفة للدين والتراث لأغراض سياسية، و يجب مراعاة المقومات
العلمية المهمة عند التعامل مع الدين والتراث، والتراث ليس دينًا بل جهود بشرية، وأن من يعتقد بعصمة التراث فعليه
أن يراجع نفسه جيدًا.
وتابعت رسالة الدكتوراه، أن د.الخشت يرى أن حركة الإصلاح الديني التي ظهرت مع مطلع العصور العربية الحديثة لم
تنتج علومًا جديدة ولا واقعًا جديدًا بل استعادت عصور الشقاق وحرب الفرق العقائدية والسياسية لأن الجديد مع
حركة الإصلاح الديني أنها أنتجت أجيالًا من المسلمين تتكالب من الداخل على أمتها ووطنها لذلك يجب الاعتراف
بمواطن القصور في هذا الخطاب وضرورة التحرر من الاعتماد على خطاب تمجيد وتضخيم الإنجازات التاريخية والعيش
في عبادة الماضي ولذلك لابد من أن يكون لرواد الفكر الدور الرئيسي في تجديد هذا الخطاب وإعادة إنتاجه إنتاجًا
عصريًا وعلميًا.
كما يرجع د.الخشت التجديد إلى المعنى الأصلي للدين من أجل تغيير معان راسخة في العقول تكونت في مدارس
التقليد والاتباع الأعمى، وترتبت على مبدأ السمع والطاعة وإلغاء العقل وتحصيل المعلومات المحلية، ولذا من غير
الممكن تأسيس عصر ديني جديد دون تفكيك العقل الديني التقليدي وتحليل التمييز بين المقدس والبشري في
الإسلام ولا يمكن هذا إلا بتخليص الإسلام من الموروثات الاجتماعية وقاع التراث والرؤية الأحادية للإسلام فإن من
الفرائض الواجبة توجيه النقد الشامل لكل التيارات أحادية النظرة سواء كانت إرهابية أو غير إرهابية حيث أن كل ما جاء
في التاريخ بعد لحظة اكتمال الدين التي أعلنها القرآن جهد بشري قابل للمراجعة، وهو في بعض الأحيان اجتهاد
علمي في معرفة الحقيقة، وفي أحيان أخرى آراء سياسية تلون النصوص بأغراضها المصلحية المنحازة.
أكدت الدراسة على أن الدكتور الخشت يرى أن التطوير يتطلب تغيير طرق التفكير وتطوير العلوم الدينية وليس إحياؤها
من جديد وهذا يتطلب الخروج من الدائرة المغلقة من العلوم الإنسانية والاجتماعية.
وطرحت الباحثة فى نهاية رسالتها عدة توصيات منها تقديم مزيد من الدراسات حول القضايا التي طرحها أبو يعرب
المرزوقي وطه عبد الرحمن ود. محمد عثمان الخشت ومنها: “مفهوم فلسفة الدين” و “مشكلة التراث” و”إشكالية
التجديد” و “العقل والنهضة” و”العلم و الأخلاق” و “أخلاقيات التقدم” و”فلسفة التقدم والنهضة”.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.