عبد الناصر البنا يكتب : لست وزيرا .. ولا أطمح أن أكون !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
” لست وزيرا ولا اطمح أن أكون ” عبارة لطالما رددتها كثيرا كلما تطرق بنا الحديث للشأن العام فى مصر ، هناك سؤال يشغل الرأى العام دوما ، خاصة عندما تخفق الدولة فى إحراز تقدم فى أحد الملفات ، وهو ماهى ضوابط شغل الوظائف العامة فى مصر ؟ أو ماهى ضوابط من يتبوأ منصبا ما ” وزيرا كان أم خفيرا ” فى بر المحروسة ؟
فى الواقع أن السينما المصرية تطرقت لتلك القضية فى فيلم ” معالى الوزير ” الذى يجسد واقع حدث بالفعل فى مصر فى عهد النحاس باشا ، ولك أن تتخيل عندما يبلغوك أنك بقيت وزير ، وتروح تحلف اليمين وتكتشف أنه تم إختيارك بالخطأ أو بالصدفة لتشابه إسمك مع إسم الشخص المقصود ، هو دا حرفيا الواقع إللى كتبه ” وحيد حامد ” فى فيلم ” معالى الوزير ، وأبدع الفنان أحمد زكى فى تجسيد شخصية الدكتور رأفت رستم وأداها
بعبقرية شديدة ، القيلم إنتاج مصرى عام 2002 من إخراج ” سمير سيف” .
وزير الصدفه الذى جسده أحمد زكى فى فيلم معالى الوزير والذى نجح فى البفاء فى منصبه لفترة طويلة وفقا لـ احداث الفيلم ، نموذج قد يتكرر فى حياتنا بطريقة ما أو بأخرى ، والطريف ان بتأخر إعلان تشكيل وزارى إنتظارا لـ موافقه شخص أو من أجل البحث عن أشخاص مناسبين لـ شغل المنصب .. إلخ ، وقد حدث ذلك بالفعل فى حكومة أحمد نظيف عندما تأخر إعلان التشكيل الوزارى حتى يعلن ” أحمد المغربى ” عن موافقته على الترشيح لشغل حقيبة السياحة ، وجاء الإختيار كونه رجل أعمال ويمتلك مشروعات أغلبها سياحية ” فنادق وشركات سياحة واستثمارات عقارية .. إلخ ” ، ثم أعيد تعيينه مرة أخرى وزيرا للإسكان والتعمير مع التعديل الوزارى فى حكومة أحمد نظيف أيضا !!
وأنا لم أقصد أن ” المغربى ” جاء وزيرا بالصدفة ، وإنما مامعنى أن يتأخر إعلان تشكيل وزارى على موافقة شخص ؟ ومامعنى أن يتأخر إعلان تشكيل وزارى لعدم إكتمال التشكيل من أجل البحث عن أشخاص مناسبين لـ شغل الوظيفة !!
فى الواقع نحن لانخترع العجلة ، ففى كل دول العالم المتقدمة يتم وضع ضوابط محدده ، وشروطا بعينها لـ شغل الوظيفة العامة ، ومن البديهيات أن تكون هناك قاعدة بيانات أو Data Base موجود عليها CV أو سيرة ذاتية لكل صاحب كفاءه ، مدون فيها كل المعلومات الخاصة به ، ومن ثم تتم المفاضلة بين هؤلاء الاشخاص وفقا لتخصصاتهم لبيان مدى صلاحيتهم لـ شغل الوظيفة المرشح إليها ، وبديهى أن يكون هذا الشخص لديه رؤية وفكر فى المنصب الذى سوف يشغله ، وبديهى أيضا أن يكون هناك تقييم ومتابعة دقيقة للمهام الموكلة إليه ومدى ماتحقق من إنجازات وفقا للخطة الموضوعة ، لكى لايتحول المسئول لـ “سكرتير ” ينفذ مايملى إليه وحسب !!
أما مسألة التقارير الرقابية التى تسبق الإختيار ، يبدو أننا أحيانا نضرب بها عرض الحائط ، ولعل ماحدث فى العهد السابق مع وزير الزراعة الأسبق ” صلاح هلال ” ومدير مكتبه الذى حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات هو خير دليل على ذلك ، والشىء بالشىء يذكر لعلنا أيضا نتذكر هشام عبدالباسط محافظ المنوفية الأسبق الذى إستمر فى منصبة قرابة الـ 3 سنوات ، رغم فساده فى كل المواقع التى شغلها ، والطريف أن من أوقع به ” كيد النسا ” لـ يتم القبض عليه فى قضية رشوة الـ 2 مليون جنيه ، بعد أن أدلت زوجته الثانية بمعلومات تفيد تورطه فى قضايا فساد ، نكاية فيه لعلمها بزواجه للمرة الثالثة !!
وأنا أسوق تلك الأمثلة لا بغرض التشهير بأحد ، وإنما كونها “ناقوس” أو إضاءة لـ متخذ القرار فى التدقيق فى عملية إختيارات شغل الوظيفة العامة ، وهناك مسألة فى غاية الاهمية وهى أن أغلب الدول المتقدمة تعمل فى إطار مؤسسى تضع فيه الدولة السياسة العامة وخطة عمل كل وزارة خلال فترة محددة ، ويأتى الوزير أيا ماكان”زيد” أو “عبيد” لـ تنفيذ تلك السياسات ، وإذا مافشل أو لم يحالفه الحظ وهذا أمر وارد ، فإما أن يتنحى ويتقدم بإستقالته من تلقاء نفسه معلنا فشله ، مثل مايحدث فى كوكب اليابان التى قد يصل فيها الامر لـ إنتخار المسئول أحيانا خجلا . أو أن تتم إقالته ، وفى كل الأحوال يأتى من يكمل مابدأه سايقه وفقا للخطة الموضوعة .
أما أن يأتى الوزير لـ يهدم تماما جهود ماسبقه ، فهذا أمر يؤسف له ، وأعتقد أن هذا ماحدث بالحرف الواحد مع وزير التعليم السابق الدكتور طارق شوقى جلال ، الذى بدأ مشروعا طموحا لـ تطوير التعليم فى مصر ، وأتى بمنظومة جديدة للتعليم غير مسبوقة ، وإستطاع الصمود متحديا لوبى ” الدروس الخصوصية ـ الكتب الخارجية ـ شلة المنتفعين فى مختلف الهيئات التابعة للوزارة ــ إضافه إلى البنية التحتية .. إلخ ” وقد تكالبت القوى لـ إفشال مشروعه ، وتعرض الرجل لـ ضغوط لاحصر لها ، ولشدة إيمان القيادة السياسية بمشروعه تم الإبقاء عليه وإعطاءه الفرصة .
وفجأة وبدون مقدمات وفى تطور مفاجىء ، أطيح به دون إحاطة الراى العام بسبب إعطاءه الفرصة بداية ؟ وما الذى حققه أو أخفق فيه ؟ ولماذا أطيح به ؟ ليأتى وزير جديد برؤى وفكر مختلف تماما عن سابقة ، وكأنما نطبق المثل القائل ” تسير القافلة الكلاب تعوى ” !!
اليوم .. ونحن نخطو بخطى ثابتة وواثقة نحو الجمهورية الجديدة ، وبعد أن أشرت فى مقالات سابقه أن السيسى هو رجل المرحلة ، وبعد أن أصبح تغيير الحكومة الحالية مطلبا شعبيا من كافه المصريين ، وقد يكون من الحكمة القول أن الحكومة قد أدت دورها ووفقا لـ إمكانياتها على الوجه الأكمل ، ولذا وجب أن نقول لها شكرا ، وعلى القيادة السياسية وهذا قطعا لايخفى عليها أن لاتقع فى أخطاء الماضى ، خاصة أن مصر اليوم ليست على إستعداد لخوض تجارب تحتمل النجاح والفشل بل أنها ليست على إستعداد لـ مجرد أن تنظر ولو نظرة للوراء .
أقول وقد ذكرت آنفا ” أننى لست وزيرا ولا أطمح أن أكون ” لابد أن تكون الحكومة القادمة حكومة ” تكنو قراط ” وأن لانعتمد فيها على أهل الثقة فقط ، وأن يتم إختيار أشخاص ” fighter ” فايتر أو مقاتلين قادرين على إجتياز تلك االأوضاع الصعبة التى يمر بها العالم ومصر خاصة ، وأن تواكب القفزات المتتالية التى تقفزها مصر للأمام ،
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.