الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : ” جردل منة .. و فكة غوايش !! “

الكاتب الصحفي
عصام عمران
واقعتان غريبان و  مهمتان فى نفس الوقت شهدتهما البلاد مؤخرا ، أرى بينهما ارتباطا وثيقاً رغم الاختلاف فى شكل ومضمون وبطلة كل واقعة ، فالأولى تخص السيدة ” غوايش” أو المتسولة المليونيرة كما اطلق عليها البعض والتى عثر بمسكنها المتواضع بقنا بعد وفاتها على مليون جنيه معدن ” فكة” إضافة لمشغولات ذهبية ، فيما تخص الواقعة الثانية التلميذة منة الله عماد الأولى على الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ رغم ظروفها الصعبة لدرجة أنها كانت تذاكر دروسها فوق ” جردل” تضعه على الأرض بمسكنها البسيط !! .
ورغم اختلاف شكل ومضمون وبطلتى الواقعتين كما ذكرت في البداية ، إلا أننى أراهما مرتبطين بشكل كبير فيما وصل إليه حال المجتمع المصرى ، ولن أبالغ إذا قلت التفكك الذى بات يهدد كيان الكثير من الأسر على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية ، وهو ما يجب أن نفطن إليه جميعا مسئولين وأهالي وكذلك الإعلام حتى لا تتفاقم الأوضاع بشكل أكبر .
فالتلميذة ” منة” بطلة الواقعة الثانية تعيش ظروفاً صعبة بعد انفصال والديها وترك الأب البلاد للعمل فى الخارج دون أى مسئولية تجاه الابنة الصغيرة التى تحدت الظروف والصعاب وذاكرت واجتهدت حتى كانت الأولى على الشهادة الاعدادية بمحافظة كفر الشيخ ، وحسنا فعل الإعلام بعرض مشكلتها وأزمتها ، فكانت الاستجابة الفورية والسريعة من الرئيس الإنسان عبد الفتاح السيسى الذى أصدر توجيهاته بتبنى التلميذة المجتهدة حتى تتخرج من الجامعة.
أما واقعة “الست غوايش” ابنة محافظة قنا .. رحمة الله عليها.. والتى عثر بمنزلها المتواضع -كما ذكرت في البداية- على مبلغ مليون جنيه ومشغولات ذهبية فهى مثار دهشة، والأغرب أنها كانت تخصص مبالغ شهرية لسداد ديون بعض الغارمين والغارمات بالمنطقة التى تقطنها ، علاوة على توفير اللحوم والسلع الغذائية لعدد آخر من فقراء المنطقة ، رغم أنها كانت تتسول لجمع هذه الأموال طوال عشرين عاما قضتها بالمنطقة قبل وفاتها ، وهو أمر يدعو للدهشة ، والأغرب هو رفض أهلها دفنها بالمقابر الخاصة بهم !!
أعود وأكرر لا بد من الاهتمام بمثل هذه الوقائع والأحداث لمعرفة أسبابها والعمل على علاجها ، والأهم عدم تكرارها، فهناك الكثير والكثير من أمثال منة وغوايش” يعيشون بيننا ويحتاجون الى من يوصل صوتهم وينقل حالتهم للمسئولين، وهذا هو دور الإعلام بشتى أنواعه ، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة بحث ظاهرة التسول ومواجهتها بحسم وحزم ، وكذلك فيما يتعلق بالخلافات الأسرية التي تصدر لنا يوميا المئات ، بل ربما الآلاف من أمثال التلميذة المجتهدة “منة” ، ولكنهم لا يجدون من ينصفهم أو ينقذهم من مصير مجهول !! .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.