قد نتفق أو نختلف على هذا العنوان ، لكن الشىء المؤكد أنه ليس تملقا أو نفاقا أو رياءا أو جريا وراء مصلحة أو منفعة ما كانت ، ولعل القاصى والدانى بعلم اننا أبناء جيل ” لا طال بلح الشام ، ولا عنب اليمن ” كما يقول المثل العامى ، أو كما قالت كلمات الـ أوبريت ” لا هيدينى ولا يرقينى ولا فيه مصلحة بينه وبينى ” وعلى ذلك نحمد الله ونشكر فضله على نعمة الستر ، ما قصدت أن أقول أن هموم الوطن تعلو على أية مصلحة شخصية كانت وهذا هو الدافع على الكتابة .
دعونا نتفق فى البداية على بعض النقاط الهامة التى عايشناها جميعا فى الفترة الماضية التى أعقبت ثورة يناير 2011 ، حتى وإن إختلف البعض عليها فالإختلاف فى الرأى لايفسد للود قضية . عندما قامت ثورة يناير 2011 وشاء القدر أن تعتلى جماعة الإخوان سدة الحكم فى مصر ، وهو ماكانت تسعى إليه الجماعة منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928 ، لم يكن الإخوان يشغلهم معنى الوطن فهو بالنسبة لهم حفنة تراب ؛ ولذلك هم لم يكونوا على قدر مسئولية حكم دولة فى حجم مصر ، يعنى بتعبير ولاد البلد ” الكرسى كان واسع عليهم ” على الرغم من أن قيادتهم كانت تردد دوما ” إحنا ح نحكم مصر 500 سنة ” !!
إحنا عارفين أن تنظيم الإخوان تنظيم قائم على ” السمع .. والطاعة ” ، ولذلك لم يكن محمد مرسى العياط ” رئيس الجماعة ” حرا فى إتخاذ قراره ، وإنما كان يتحتم عليه أن يتلقى ” أربعة أوامر ” لـ قيادات تعلوه فى التنظيم ولايملك حيالها إلا السمع والطاعة بدون نقاش ، ولك أن تتخيل أنه لم يكن مسموحا له بالجلوس فى وجود المرشد العام للجماعة ” محمد بديع ” إلا إذا أمره بالجلوس وقال له أقعد يامحمد ، وأتمنى أن لايفسر ذلك بأنه تأدبا .
وقعت جماعة الإخوان فى أخطاء فادحة عجلت بسقوطها فى السنة السوداء التى حكمت فيها مصر ، ويأتى فى مقدمة هذه الأخطاء الأزمة التى تفجرت بين الجماعة وحزب النور السلفي على خلفية إقالة محمد مرسي للدكتور خالد علم الدين القيادى فى حزب النور بعد اتهامه بـ “استغلال النفوذ” ، مرورا بقبضة الإخوان على مفاصل الدولة من خلال شغل بعض الوزارات السيادية بأشخاص غير مؤهلين ، ومازاد الطين بله العناد والمكابرة ورفض الجماعة التعاون مع مؤسسات الدولة ، ” التى بادلتها المشاعر ” ، وتصدت الجماعة لـ أزمات عجزت الدولة المصرية سابقا عن الخروج منها مثل أزمه ” الطاقة ـ المرور ـ الأمن ـ النظافة ـ رغيف العيش ” وحدد مرسى العياط مدة الـ 100 يوم لـ إنهاء تلك الأزمات ، وهو ما أوقعه فى حرج شديد .
خاصة وأن الجماعة لاتملك الخبرة الكافية لـ حل تلك الأزمات ورفض مؤسسات الدولة مد يد العون والمساعدة لهم ، وبذلك وقعت الجماعة تحت مطرقة الجهل وعدم الخبرة وسندان الصحافة التى بدأت بالعد التنازلى . وللأسف إنقضت المدة دون تحقيق أى إنجاز يذكر فى تلك الملفات ، بإستثناء منظومة الخبز التى نسبت للوزير باسم عوده ، وهى من بنات أفكار ا. عبد الله غراب رئيس الشعبة العامة للمخابز باتحاد الغرف التجارية الذى تحدى بمناظرة عوده على الهواء فى لقاء على شاشة المصرية .
وعلى الصعيد الداخلى ظهر الإنقسام فى الشارع المصرى تحت ” شعار الدين ” وبدأت الخلافات تدب هذا ليبرالى ،
وهذا علمانى وهذا مسلم ، وذاك نصرانى ، وأطلت علينا اللحى المتدلاه على الكروش ، وظهر البنطال القصير ،
والذبيبة ، وغطيت التماثيل وأصبحت الآثار أوثان ، والفن حرام وتراجعت القوى الناعمة لـ مصر ، وبات الظلام يخيم على
سماء مصر ، وأصبحنا وكاننا نعيش فى ” قندهار أو تورا بورا ” والحقيقة أن الشعب المصرى ليس من السهل خداعه ،
حاصل القول أن الجماعة ناصبت أيضا العداء ” للجيش ــ والشرطة ــ والقضاء ” وحاصرت الجماعة المحكمة الدستورية
العليا ، وإكتملت المأساة بالإعلان الدستورى الذى حصن قرارات الرئيس من الطعن ، وتم تعطيل العمل بالدستور ،
وأرادت الجماعة أن ” تجمد ” ملف الإعلام لـ حين الإنتهاء من الصراع مع الجبهات السابقة .
ولعلنا نتذكر ” لبيك ياسورية ” ومباركة مرسى وجماعته ” للجهاد ” فى سورية ، ولعلنا نتذكر أيضا الجريمة الكبرى
التى إرتكبها مرسى العياط فى حق نصر أكتوبر المجيد عندما أجلس الإرهابيين وقتلة السادات محل الأبطال فى
مشهد مؤسف ، وهو يزهو مختالا يطوف أستاد القاهره بسيارة مكشوفة ، إحتفالا بنصر لم تشارك فيه جماعته أصلا ،
وهو مما سبب إستياء الشعب المصرى .
أما زيارات قاسم سليمانى رئيس الحرس الثورى الإيرانى المتكررة لمصر لـ تطبيق تجربة الحرس الثورى الإيرانى فى
مصر وتكوين ” جيش ــ وشرطة ” موازى للقوات المسلحة وجهاز الشرطة ، جاءت وسط نفى قاطع للجماعة التى
غاب عنها أنه دخل من مطار القاهره الدولى وأخذ ختم دخول لـ 3 مرات ، وإعترفت الجماعة بعد أن حاصرتة الصحافة
فى مكتب الإرشاد بالمقطم ، وجاء إختيار المحافظين من قبل ” خيرت الشاطر ” لـ يزيد الأمر تعقيدا ويفقد المواطن
ثقته التامة فى حكم الجماعة ، خاصة بعد تعيين عادل الخياط أحد أعضاء الجماعة الإسلامية محافظا للاقصر التي
قتل فيها أعضاء من جماعته 58 سائحا في معبد حتشبسوت عام 1997 !!
أما سياسة مصر الخارجية والـ 15 زياره خارجية التى قام بها مرسى العياط خلال الـ 9 أشهر كانت فضيحة بكل
المقاييس ، إما بسبب جهله ” البروتوكولات ” الرئاسية أو إتيانه تصرفات يجب أن لاتصدر من شخص فى مكانه ، وظهر
ذلك فى لقاءه مع المستشارة الألمانية ميركل ، وفى زيارته لـ ” أثيوبيا وروسيا ” التى إستقبل فيها إستقبالا لايليق
برئيس دولة فى حجم مصر ، أما تكريمه فى الباكستان فكان أضحوكة العالم خاصة الكلمة التى القاها وكانت مليئة
بالأخطاء ، وفى زياراته لـ ألمانيا وإيران وأوغندا والسودان .. إلخ التى عاد منها بـ “خفى حنين” !!
كل ماسبق كان ” قطر من فيض ” أردت من خلاله أن تكون التجربة المريرة التى عاشتها جموع المصريين ماثلة أمام
أذهاننا وأعيننا ، ونحن نقف اليوم فى مفترق طرق ، وقد باتت الإنتخابات الرئاسية القادمة على مرمى حجر وربما
تكون قبل نهاية هذا العام بدلا من شهر مارس للعام 2024
وللحديث بقية .. للإجابة على السؤال : لماذا السيسي هو رجل المرحلة ؟