تأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة فى منطقة الجنوب الأفريقى لـ ” أنجولا ، وزامبيا ، وموزمبيق ” تتويجا للتواصل والتنسيق مع أشقاءنا الأفارقة فى كافة المجالات ، وتأكيدا على دعيم التعاون المتبادل مع دول القارة على مختلف الأصعدة ” الاقتصادية ، والتجارية ، والاستثمارية .. إلخ ” وكون قضايا أفريقيا لها أولوية على أجندة السياسة الخارجية المصرية ، خاصه وأن مايحدث فى السودان الشقيق ، وتعثر مفاوضات سد النهضة فى أثيوبيا يمثل تهديدا أفريقيا مباشرا لـ عمق أمن مصر القومى والاستراتيجى .
وقد لايسع المقام هنا للحديث عن العلاقات بين مصر وأفريقيا على مر التاريخ والحقب والازمنة الغابرة خاصة ونحن نعلم أن حدود مصر الفرعونية إمتدت إلى بلاد ” بونت ” خليج عدن الحالى ، وفى العصر الحديث إمتدت حدود المملكة المصرية إلى جنوب السودان ، ومن هنا تأتى أهميه أفريقيا لـ مصر .
والحديث عن القارة السمراء قديم جدا ، وكلنا يعلم مساندة الرئيس جمال عبدالناصر لحركات التحرر فى أفريقيا ، قد تكون علاقات مصر بأفريقيا قد إعتراها بعض الفتور إبان فترة حكم الرئيس مبارك ، إلى أن جاءت محاولة الإغتيال الفاشلة في أديس أبابا عام 1995 لـ يتوارى ملف أفريقيا تماما عن إهتمامات السياسة الخارجية المصرية . ومع بزوغ فجر تورة الـ 30 من يونيو 2013 بدأت العلاقات مع دول أفريقيا تحتل مرتبة متقدمة على أجندة صنع القرار فى مصر ، وبدأت مصر تهتم إهتماما غير عادى بالقارة الأفريقية ، وبدأت جولات الرئيس السيسى لـ أفريقيا بالمشاركة فى قمة الإتحاد الأفريقى فى كل من غينيا الإستوائية ، وأديس أبابا ، وتبادلت الأطراف الزيارات وبدأت الشركات المصرية تعود لـ تنمية دول القارة الافريقية .
وطوال السنوات الـ 9 الماضية عادت مصر نجما بتلألا فى سماء أفريقيا ، وأعادت للعلاقات الأفريقيه دفئها
، وكان لمصر إسهاماتها فى مواجهة القاره لتحدى الإرهاب ، والجريمة المنظمة ، ومكافحة الفقر والأوبئة وتدهور البيئة ، وعملت مصر على تنمية دول القارة عموما ، وحوض النيل خصوصا ، ونجحت سياسة الرئيس فى إعادة مصر إلى محيطها الإقليمى .
وإفريقية ، هي ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان ، حيث يوجد بها 54 دولة ، وتعتبر دولة نيجيريا هى الأغنى فى أفريقيا وتحتل مركز الصدارة من حيث الناتج المحلى الإجمالى ، ودولة جنوب أفريقيا فى المرتبة الثانية ، وتاتى مصر فى المرتبة الثالثه ، وتليها الجزائر ، ثم السودان ، وتأتى المملكة المغربية فى المرتبة السادسة . وتتربع دولة ” غانا ” على عرش أكبر الدول المنتجة للذهب في أفريقيا ، وتحتفظ القارة الافريقية بالنصيب الـ أكبر من الموارد الطبيعية فى العالم ، ومن مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة ، ومن الأراضى الممتدة الصالحة للزراعة ، وبثرواتها المعدنية وبالمياة والنفط والغاز والغابات والمراعى والحياة البرية .
وتمتلك أفريقيا إحتياطيات ضخمة من المعادن ، ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي , تمتلك أفريقيا 30% من إجمالي احتياطات المعادن عالميا ، بالإضافة إلى 8% من احتياطي الغاز الطبيعي و12% من احتياطي البترول. هذا بالإضافة إلى 65% من الأراضي الزراعية الموجودة في العالم . وتملك جنوب افريقيا وحدها حوالي نصف الاحتياطي من الذهب . وبنسب أقل في ” زيمبابوي , كونغو , غانا , بوروندي , ساحل العاج والجابون ” .
وتضم القارة نصف احتياطي العالم من الكوبالت الموجود بكميات كبيرة في ” الكونغو وزامبيا والمغرب “إضافة إلى إحتياطى كبير من المنجنيز والتيتانيوم والليثيوم ومن الألماس واليورانيوم .. وغيرها مما جعلها محط أطماع القوى الإستعمارية العظمى منذ قديم الأزل وحتى اليوم ، وبعد أن نجحت USA فى تحويل اليورانيوم إلى قنبلة نووية تحولت افريقيا إلى ساحة للتنافس بين القوى العظمى على موارد أفريقيا من ” الطاقة ــ اليورانيوم ــ الذهب “
وتتظل أفريقيا ساحه للصراع على النفوذ أو الحرب الباردة بين ” واشنطن وموسكو وبكين” ومخاولة كل دولة فرض النفوذ العسكرى عبر إقامة القواعد العسكرية في عدد من دول القارة أبرزها ” جيبوتي ” المطله على البحر الأحمر ، وويتركز الصراع في الدول ذات الاحتياطيات البترولية الكبيرة ، أو التي تضم مناجم للذهب والنحاس مثل ” أنجولا ونيجيريا والكونغو ودول أفريقيا الوسطى ، وزامبيا ، وجنوب أفريقيا ، إضافة إلى دول شرق أفريقيا ، والساحل .
ولما كان لمصر من نصيب كبير من العلاقات مع دول أفريقيا لـ وحدة الدم ، ومساعدة مصر للعديد من دول أفريقيا للتتحر من الإستعمار ، إلى جانب الدور الكبير الذى يقوم به الازهر . ومعالجة مصر لـ جذور المشكلات الأمنية الناجمة عن عوامل التهميش ومعاناة الفقر ، وتنفيذ إتفاقيات التعاون القائمة على تحسين مستوى معيشة المواطن فى أفريقيا ، وتجفيف بيئة العنف ومنابع الإرهاب ، وتلما تتمتع به مصر من علاقات متميزة مع كاقة الأطراف ، ويأتى التطور الكبير الذى حققته مصر فى البنية التحتية من ” طرق وكبارى وموانى ” جعلت من مصر مركزا لوجستيا عالميا ، وتصبح مصر مركز ” ترانزيت ” للتجاره الأفريقيه خاصه وأنها ترتبط مع أغلب دول القارة بحدود برية مما يؤهل مصر أن تتبوا مركز الصدارة للإستفادة من ثروات أفريقيا التى تتكالب عليها القوى الإستعمارية