أكد د. محمد أبو بكر حسبى- رئيس جمعية الدعوة الإسلامية في سنغافورة، المسئول الإقليمي لمنظمة الإيسيسكو- أن مسلمي بلاده ينعمون بكل المساواة والاندماج الإيجابي الذي كفله الدستور، والذي منحهم ميزة خاصة بـ”حُرِّيَّة إنشاء دُور العبادة”، وممارسة كل الطقوس الدينية، بل مشاركة المسئولين احتفالاتهم.
أشار إلى أن جمعية الدعوة دَشَّنت حملة “سفراء السلام”، على شبكات التواصل الاجتماعي، لنشر فيديوهات توضّح الصورة الصحيحة للإسلام، وأنه دين يدعو للتسامح والتعايش ونبذ العنف والتطرّف، مؤكّدا أن مدارس “آخر الأسبوع” التي تنظّمها الجمعية حافظت على الهُويّة الإسلامية من الذوبان.
وفيما يلى نص الحوار الذى أُجرى معه، على هامش مشاركته فعاليات المهرجان الدولى السابع للأم المثالية، والذى أقامته مؤخّرا بساحة معبد الكرنك بالأقصر، مؤسّسة مشوار التنمويّة، برئاسة د. صلاح الجعفراوى، ورعاية مؤسّسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيريّة والإنسانيّة.
*بداية نودُّ التعرّف على تاريخ دخول الإسلام إلي سنغافورة؟
– الإسلام دخل سنغافورة عام 625هـ، ما يعني أنه وصل متأخِّراً بعض الشئ عن باقي الأقطار المحيطة بنا في شرق آسيا، كما أن المؤرّخين قالوا: إن الإسلام جاء على يد التجّار اليمنيين ومسلمي الهند. والمسلمون اليوم يشكّلون أكثر من 20% من السكان الأصليين، ومع ذلك فالإسلام في نمو مستمر سنوياً.
ويعدُّ الإسلام ثالث أكبر ديانة في سنغافورة، وغالبية المسلمين من السُنّة الذين يتبعون المذهب الشافعي أو الحنفي، وهم حوالي 80٪ من الملايو، بينما 13٪ من أصل هندي. وهناك آخرون من المجتمعات الصينية والعربية والأوراسية. وعندما انتشر الإسلام في الملايو والهند وأندونيسيا، وانتقل مع هذه البلاد في هجرتها إلى سنغافورة، اتسع انتشار الإسلام في القرن التاسع الهجري، ووصلت سنغافورة جماعات عديدة من البلدان المجاورة لها.
ومعروف أن عدد سكان سنغافورة تجاوز الـ 6 ملايين نسمة، وهذا يعادل ما مقداره 0.08% من إجماليّ سكان الكُرة الأرضية، ممّا يعني حصول سنغافورة على المرتبة 114 بين دول العالم تبعاً لعدد السكّان، كما تصل الكثافة السكّانية فيها إلى 8,292 نسمة/ كم2، وبنسبة بلغت 100% للمناطق الحَضَرية، ومن الجدير بالذكر أنّ مُتوسّط الأعمار في سنغافورة يبلغ حوالي 40 عاماً.
لغات متعدّدة
*وماذا عن لغة البلاد؟
– تُعدّ سنغافورة من البلدان ذات اللغات المُتعدّدة؛ إذ إنّها تضمّ أربع لغات محلّيّة، وتنتهج سياسة تعليمية بلُغَتَين، ممّا يعني أنّ معظم أهل البلاد يتحدّثون أكثر من لُغة، وبعضهم يتحدث ثلاث لغات بطلاقة، وفيما تأتي اللغات الدارج استخدامُها في سنغافورة: لغة ملايو: وتُعتبَر إحدى أبرز اللغات الرسمية في البلاد، تمّ اعتمادها كلُغة وطنية عام 1819م قبل أن يحكم البريطانيون البلاد.
لغة الماندراين: ويُشكّل السكّان من ذوي الأصول الصينية ثلاثة أرباع سكّان سنغافورة، وقد هاجروا إلى سنغافورة من جنوب الصين؛ لهذا تُعَدّ اللغة الصينية لغة رسمية أخرى في سنغافورة، ويُطلق عليها اللغة الصينية السنغافورية، أو هوايو، أو الماندراين، وتعتمد هذه اللغة اعتماداً كلّياً على لهجة بكِّين، أمّا فيما يتعلّق بنظام الكتابة خاصّتها، فهو يتمّ باستخدام النسخة المُبسَّطة من الصينية.
اللغة التاميلية: فقد أسفرت الهجرة المتزايدة من منطقة تاميل نادو، الكائنة في جنوب الهند، عن اعتماد اللغة التاميلية لغة رسمية في البلاد؛ إذ إنّ ما يقارب نصف هنود سنغافورة من منطقة تاميل نادو، وما يقارب 10٪ من سكّان سنغافورة هم هنود، والتاميلية هي اللغة الهندية الوحيدة التي تُدرَّس في المدارس في سنغافورة.
أما اللغة الإنجليزيّة: فقد اعتُمِدت لغةً رسميةً أخرى في البلاد من منطلق توحيد الشعب من مختلف أعراقه، وأصوله، وثقافاته، ممّا يعني استخدامها في أماكن العمل، والمدارس، فأصبحت تُستخدَم في الإجراءات القانونية، وتعاملات الشركات، كما تنبثق لغة أخرى من الإنجليزية يُطلق عليها اللغة “السنغلية”؛ وهي لغة غير رسمية رغم انتشارها، ويرجع نشوء هذه اللغة إلى الإنجليزية ولكن بلهجة مختلفة؛ حيث يتم فيها تجاهل القواعد اللغوية، واستخدام القواعد والكلمات الأساسية فقط، وتُعدّ هذه اللغة مُميّزة في سنغافورة، كما أنّها تُعدّ رمز الشعب السنغافوري مُتعدّد الثقافات.
كما يتمّ تدريس إحدى اللغات الآتية للطلبة الدوليّين، وللطلبة الواعدين في سنغافورة: العربية، الإندونيسية، اليابانية، الألمانية، الإسبانية، الفرنسية.
تعدّد الديانات
*وماذا عن ديانة الشعب السنغافورى؟
– ترتبط الانتماءات الدينية للسّكّان بالأصول والأعراق؛ إذ إنّ ثلثي الصينيين تقريباً هم من أصحاب الديانات الكونفوشيوسية، أو البوذية، أو الطاوية، بينما يدين جميع الملايو تقريباً وبعض الهنود بدين الإسلام الذي يُعدّ الديانة الرسمية لحوالي سُبع السكّان، في حين يوجد انتشار للصينيّين الذين يعتنقون المسيحيّة في سنغافورة، أمّا ما تبقى من السكّان فهم إمّا يدينون بالهندوسيّة، أو أنّهم لا يتبعون أيّ ديانة.
شعب متنوِّع
*معنى هذا أن الشعب السنغافورى، متعدّد اللغات، وأيضا متنوّع الديانات والثقافات؟
– هذا صحيح، فالتنوّع الدينيّ ساعد على تنوّع الثقافات، وبناء الأُسُس الروحيّة في البلاد، فضلا عن أن التنوّع الثقافي والعِرْقِي جعل المجتمع السنغافوري مجتمعاً ذا تنوّع ثقافي وديموغرافي كبير؛ إذ إنّ 74% من المجتمع هم من أصول صينية، فيما يشكّل الملايو الأصليّون 13% من السكان، أمّا الهنود فإنّ نسبتهم تبلغ أكثر من 9% من عدد السكان، وتُعدّ لغة الملايو اللغة الوطنية لسنغافورة رغم أعداد المهاجرين من الهند، والصين.
تأسيس الجمعية
• وماذا عن جمعية الدعوة الإسلامية في سنغافورة ودورها، وهى تحتفل بالعقد التاسع على إنشائها؟
– تم تأسيس الجمعية عام 1932م، من قِبل الشيخ عبدالعليم صدقي، وكان سفيراً هندياً متجوّلاً من أجل السلام، وكانت رؤيتها منذ التأسيس وحتى يومنا هذا نشر الإسلام المعتدل، وتقديم الخدمات للمحتاجين والمحرومين في المجتمع، بغضِّ النظر عن الجنس والدين، وعلى مدى تسعة عقود أصبحت جمعية الدعوة الإسلامية المنبر الرسمي لمسلمي سنغافورة.
التعليم الديني
• هل توجد للجمعية فروع أو مراكز تعليمية، وما دورها في التعريف بالإسلام؟
-التعليم الديني من الركائز المهمّة لجمعية الدعوة الإسلامية، حيث نرى أن وضع المناهج الإسلامية أمر ضروري لمصلحة المجتمع، لذا فالجمعية يتبعها عدة مراكز تعليمية، كمركز الدراسات الإسلامية من أجل إنجاز أبحاث دينية مهمّة تُلبِّي احتياجات مسلمي سنغافورة، وهناك أيضاً المراكز التعليمية المُبكِّرة والخاصة للأطفال ومناهجها تُركِّز على تنمية الطفل المسلم تنمية شاملة دينية ودنيوية، كما أن لدينا مراكز الموهوبين، وهذه المراكز تُعدّ الطلبة المسلمين ليكونوا قادة بارزين في المستقبل، واكتشاف مواهبهم وتنميتها بالمبادئ الإسلامية والأخلاقية الصحيحة.
مدارس “آخر الأسبوع”
• وكيف تحرصون على تعليم أبناء المسلمين دينهم، فى ظلّ هذا التعدّد والتنوّع؟
– يتلقى أبناء المسلمين تعليماً إسلامياً في بعض المدارس الإسلامية، ويتلقى ثلث أبناء المسلمين قواعد الدين عن آبائهم، ويُدرَّس الدين في المساجد لبعض الشباب المسلم، ويوجد حوالي 90 مدرسة تعاني من نقص الكفاءات، كما تواجهها صعوبات مالية، وبسنغافورة دار للعلوم كمدرسة عُليا لتخريج علماء الدين، ويعاني المسلمون بسنغافورة من قِلَّة الحَفَظَة للقرآن الكريم، وتحفيظ القرآن قاصر على جهود المجلس الإسلامي بسنغافورة، وتوجد 6 مدارس عربية بسنغافورة، ويتلقى بعض علماء الدين دراستهم بأندونسيا والبلاد العربية.
ونظراً لتعدّد التعليم في سنغافورة، حرصت الجمعية على أن يكون للشباب المسلم تعليم خاص بهم وهو تعليم غير إلزامي، حيث إن الطلبة المسلمين يدرسون التعليم الإلزامي طوال الأسبوع ويأتون لتعلّم أمور الإسلام نهاية الأسبوع أي في وقت خاص، وتدريس علم الأخلاق والفقه والتوحيد والسيرة، وتنمية التعليم الإبداعي وتعليم الأطفال مبادئ الاقتصاد والتكنولوجيا، ولذا سمَّيناها “مدارس آخر الأسبوع” وهى التى حفظت لمسلمى سنغافورة هويّتهم الدينية من الذوبان فى ثقافة العولمة.
وبصفة عامة فإن الشعب السنغافوري لديه مجموعة من الآداب العامة التي تُنظِّم تعاملاته مع نظرائه من السنغافوريّين وغيرهم، وهى آداب إسلامية بحتة، منها: يُعدّ حفظ ماء الوجه من القِيم المهمّة، ممّا يعني أهمّية عدم انتقاد الآخرين علناً، أو الإشارة إلى أخطائهم، وغيرها من الأمور التي تُفقِد الشخص ماء وجهه. كما يدلّ الاتِّصال المباشر بالعين فترة زمنية طويلة مع شخص أكبر من المُتحدِّث في السنِّ أو في المنصب، على عدم الاحترام.
وتُعدُّ المصافحة التحيّةَ المناسبة بين شخصَين، إلّا أنّ الملايو، والسنغافوريّين الهنود قد لا يميلون إلى مصافحة الجنس الآخر. كما يُعدُّ لمس رأس شخص ما من الأمور المُسيئة وغير اللائقة لدى السنغافوريّين.
المسلم الإيجابى
• ما مدى مشاركة المسلم السنغافوري في الحياة العامة؟
– المسلمون موجودون في كل المجالات داخل المجتمع السنغافوري، ولنا تمثيل في البرلمان، بواقع 11 عضواً من أصل 81 هم أعضاء المجلس، ومنهم الطبيب والوزير والمُعلِّم، فلا توجد تفرقة بين أبناء المجتمع، والمسلمون ينعمون بكلِّ حرّيّتهم التي كفلها نظام المجتمع، فلدينا قانون حماية الوفاق الديني، الذي بموجبه يُمنع أي إنسان أن يدعو إلى إثارة العداوة بين الناس بسبب المُعتقد الديني، فالمسلمون ينعمون بكل حرّيّتهم، وتمثيلنا عادل في البرلمان.
هذا فضلا عن وجود عدّة جمعيات إسلامية، بجانب (جمعية الدعوة الإسلامية) التى شيَّدت مركزاً إسلامياً ومستشفي ومستوصفاً، فهناك جمعية (التاميل المسلمة)، (المسلمين الجدد)، (تثقيف النشء)، (الشبان المسلمين)، (الملايويين)، (دار الأرقم)، (الشابات المسلمات)، (الطلاب المسلمين)، (منداكي)، وللجمعيات الإسلامية بسنغافورة صلات مع المنظمات الإسلامية في ماليزيا وإندونسيا وبروناي، كما لها صلات مع رابطة العالم الإسلامي ومؤتمر العالم الإسلامي، ويصدر المجلس الإسلامي بسنغافورة بعض النشرات باللغة الملاوية، والإنجليزية.
جهات الفتوى
• ما الجهات الدينية التي يستمد منها مسلمو سنغافورة الفتوى؟
– هناك عدّة مصادر لمعرفة الأمور الشرعية، منها المساجد والكتب الدينية المعتمَدة للفتوى، وكذلك المراكز
الإسلامية، ومن أجل الأمور الشرعية قرّر البرلمان إنشاء محكمة شرعية ومكتب لتوثيق الزواج الإسلامي، لتيسير
المعاملات وفضِّ المنازعات بمرجعية إسلامية.
“سفراء السلام”
• أعلنتم عن حملة تصحيح صورة الإسلام على شبكة الإنترنت، فما ملامح هذه الحملة؟
– دشَّنت جمعية الدعوة، ممثّلة في شبابها الواعين بتعاليم الإسلام الصحيح، حملة أطلقنا عليها “سفراء السلام”،
حيث قام شباب المسلمين بعمل عدد كبير من الفيديوهات بلغات متعددة عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل
الاجتماعي لنشر الصورة الصحيحة للإسلام ونبذ التطرّف والعنف والإرهاب، وكان لهذه الحملة مردود إيجابي في
مجتمعنا، وبعد نجاح هذه الحملة انضمّت إلينا منظّمَات دولية لدعم فكرتنا.
أبناؤنا فى الأزهر
• توفِدون سنوياً عدداً من أبنائكم للدراسة في الأزهر، فما مردود هؤلاء على الحياة السنغافورية؟
– لا شك أن هناك أعدادا كبيرة من مسلمي سنغافورة استفادوا من الدراسة في الأزهر وبعض الجامعات الإسلامية
الأخرى، كما أن هذه البعثات عملت على تقوية الصلات بيننا وبين العالم الإسلامي.
وهذا ما يجعلنا حريصين على الحضور والمشاركة فى عدد من اللقاءات والمؤتمرات الدولية خاصة المقامة في مصر،
كنوع من صلة الرحم أولا مع إخوتنا المصريين عامة، والعلماء والدعاة منهم خاصة، فالعلم رَحِمٌ بين أهله، ومصر الأزهر
هى قِبْلَة العلم والعلماء.
طقوس رمضانية
• شهر رمضان له طقوس خاصة بكل مجتمع مسلم، فما شكل هذا الشهر لديكم؟
– الجمعية لها نشاط غير عادي في هذا الشهر الكريم، لذا نقوم بتوزيع المنشورات والكتب الدينية على مسلمي
سنغافورة، كما تقدِّم الجمعية الإفطار الجماعي للصائمين، ونقيم صلاة التراويح، وننظِّم الاجتماعات الدينية واللقاءات
من خلال المساجد- لدينا 72 مسجدا فى كل أنحاء البلاد، ومن أقدمها مسجد “ملقا” بني (1236 هـ- 1845م)،
وخصصت أماكن لصلاة النساء ببعض مساجدها- والمدارس والمحافل العامّة، والأماكن المفتوحة لتوعية المسلمين
بتعاليم الإسلام الصحيحة، وحفظهم من الوقوع فيما نهى الله عنه.
“الجواهر السنغافورية”
*حظى المهرجان الدولى السابع للأم المثالية، بمشاركة سنغافورية متميّزة لمجموعة من السيدات اللائى أبدعن
فى إنشاد المدائح النبويّة، وجذبت إليها الأنظار، فماذا عنهن؟
– هذه الفرقة نُطلق عليها “الجواهر” وهى تضم مجموعة من المُنْشِدات والمُغَنَّيَّات، لإلقاء القصائد والمدائح النبويّة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم ،
معكم ، الطالب سامبو فاتي. دولة غامبيا
أرغب في طلب مساعدتكم لأكتمل دراستي
بارك الله فيكم