كتب ـ مصطفى ياسين :
دعا الخبراء المختصون في التراث التاريخي والثقافي الساحلي والمغمور بالمياه من مصر وسلطنة عمان واليمن وليبيا وتونس والمغرب، إضافة إلى اللجنة العلمية العالمية للماء والتراث ( الإكوموس)، إلى خلق تخصصات في الجامعات ومعاهد الآثار تعنى بالبحث في التراث المغمور بالمياه وحفظ وترميم اللقى الأثرية؛ مشددين على ضرورة الانخراط في برامج بحث تشرف عليها منظمات وهيئات مختصة في التراث التاريخي والثقافي المغمور بالمياه؛ والعمل على تنسيق جهود المختصين في التراث المغمور بالمياه في الوطن العربي قصد إنشاء خريطة أثرية موحدة وتبادل المعلومات والتكنولوجيا الحديثة في الكشف والترميم؛
طالبوا بإعادة النظر في المدة التي يمكن للأثر المغمور بالمياه أن يدرج في عداد التراث المغمور المحدد في منظمة اليونسكو في 100 سنة؛ وتكثيف برامج البحث عن مواقع التراث المغمور بالمياه في السواحل الأطلنتية الجنوبية للمملكة؛ وتقوية التشريعات الوطنية والدولية الرامية لحماية هذا التراث التاريخي والثقافي؛ مع تشجيع الغواصين الهواة وتكوينهم ونشر مطويات تعريفية بأنواع الترات المغمور وأهميته الثقافية؛ وأوصوا بإدماج مواقع التراث المغمور بالمياه في جهة العيون الساقية الحمراء في مخططات التنمية وبرامح وزارة السياحة، وترميم كاسمار وتسجيلها في سجيل العالمي للتراث المائي المغمور بالمياه. وترميم المدافع الحديدية بطرفاية وعرضها في مكان يتيح لزوار مدينة طرفاية زيارتهم والتعرف على قيمتها التاريخية الأثرية؛ ورد الاعتبار لموقع سانتاكروز دي مار بيكينا بأخفنير كموقع تاريخي وثقافي؛ مشددين على وجوب محاربة الاتجار في التراث المغمور بالمياه خاصة؛
جاء ذلك في توصيات ملتقى الساقية الحمراء للآثار والتراث الدولي الأول حول “التراث التاريخي والثقافي المغمور بالمياه حصيلة البحث وسبل التثمين.. نماذج من المغرب والوطن العربي”، المنظم من طرف المديرية الجهوية للثقافة، بدار الثقافة أم السعد بالعيون المغربية، ومركز الساقية الحمراء لحماية الآثار وتثمين التراث، بمناسبة الاحتفال بشهر التراث “مايو” 2023.
يذكر أن اللجنة العلمية العالمية للتراث والماء “الإيكوموس”، وخبراء عرب قد عرضوا تجارب بلدانهم في حماية التراث التاريخي والثقافي المغمور بالمياه على مدى يومين ضمن فعاليات الملتقى الذي يسعى من خلاله منظموه إلى: التعريف بالتراث المغمور بالمياه كمكون تاريخي وثقافي في الوطن العربي؛ إبراز جهود المغرب في توثيق التراث المغمور بالمياه؛
الإطلاع على التجارب الدولية والإقليمية في مجال صون التراث المغمور بالمياه. لفت الانتباه لمواقع التراث الساحلي والمغمور بالمياه في السواحل الجنوبية للمملكة المغربية؛ التحذير من المخاطر التي يتعرض لها التراث المغمور من سرقة وتخريب مما يسيء للتاريخ والذاكرة المشتركة بين الشعوب القائمة على السلم والتسامح.
وقد تمحورت مداخلات المشاركين والمشاركات حول: مستجدات الأبحاث والتحريات الأثرية عن مواقع التراث التاريخي والثقافي المغمور بالمياه بالمغربية والوطن العربي؛ تقنيات الكشف عن اللقى المغمورة بالمياه وتأريخها؛ التقنيات الحديثة للحفاظ على محتويات المواقع الأثرية المغمورة بالمياه؛ الحماية القانونية والمؤسساتية ورهانات تثمين التراث المغمور بالمياه؛ دور المجتمع المدني في اكتشاف وحماية مواقع التراث المغمور بالمياه؛ سبل تثمين التراث التاريخي والثقافي المغمور بالمياه:
وقد استهل الملتقى بافتتاح معرض للصور بعنوان ” كنوز تاريخية وثقافية من الوطن العربي مغمورة بالمياه”، تلته الجلسة الافتتاحية التي تناول فيها كل من د. عبد العاطي لحلو الباحث في مجال الانتروبولوجيا والتراث الثقافي والرئيس السابق للجنة المغربية لايكوموس، وسعيدة بطحوي عضو اللجنة العلمية العالمية للماء والتراث (للإكوموس) موضوع التراث الثقافي الساحلي المغربي بين المحافظة والتثمين، معرجين على نماذج من الاقاليم الجنوبية للملكة كبناية دار البحر بطرفاية، بعد ذلك بسط المشاركون في الجلسة العلمية الأولى تجارب ومستجدات البحث الأثري للتراث المغمور بالمياه في الوطن العربي، وهكذا استهلت هذه الجلسة العلمية بمداخلة للباحثة وفاء سليمان والخبيرة في التراث المغمور المكلفة بالبحوث بقسم دراسة الآثار تحت الماء بالمعهد الوطني للتراث بتونس، وهي باحثة ومؤطرة للعديد من الورشات ورئيسة مجموعة من المشاريع العلمية في تونس والعالم العربي، بعد ذلك توالت المداخلات لكل من د. صلاح سلطان الحسيني، كبير أخصائي الآثار بالهيئة العامة للآثار باليمن، الذي عرض تجربة بلاده في هذا المجال، ثم مداخلة عن بعد لكل من: عز الدين كارا، المدير الجهوي لثقافة الرباط، الذي عرض تجربة المغرب في مجال جرد مواقع التراث المغمور وانضمام المغرب للمعاهدة 2001 بباريس، وما حققه من تراكم وتجربة لا زالت في بدايتها لكنها جد متميزة نظير النتائج المتحصل عليها، بعد ذلك تناول د. محمد مصطفى محمد عبدالمجيد، عضو المجلس الأعلى للآثار – وزارة السياحة والآثار المصرية، مداخلة موسومة، بإدارة التراث الثقافي المصري المغمور بالمياه في 25 سنة، ثم مداخلة أخرى د. أيوب البوسعيدي، مدير الآثار المغمورة بالمياه وزارة التراث والسياحة سلطنة عمان، عرض فيها تجربة سلطنة عمان في الحفاظ وتوثيق التراث المغمور بالمياه،
وفي الجلسة العلمية الثانية التي خصصت للحديث عن مواقع وآثار التراث التاريخي والثقافي المغمور بالمياه بالواجهتين المتوسطية والأطلسية الشمالية للمملكة، والتي تضمنت خمسة مداخلات، جاءت تواليا، ثم الجلسة العلمية الثالثة الموسومة بالسياق التاريخي لأثار التراث المغمور بالمياه بالسواحل الجنوبية للمملكةـ لتختتم الجلسات العلمية بالجلسة الرابعة حول تكنولوجيا الكشف عن مواقع التراث المغمور وإشكالية الحماية والتثمين، لتختتم فعاليات هذا اليوم بقراءة التوصيات وتوزيع شواهد المشاركة على المشاركين والشواهد التقديرية على الداعمين، كل من المجلس الاقليمي للعيون والمديرية الاقليمية للتربية والتعليم الأولي والرياضة بالعيون.
كما نظمت ورش وزيارات ميدانية للمشاركين في هذه التظاهرة الثقافية إلى مدينة طرفاية حيث وقف المشاركون بناية كاسمار ومرفئ فيكتوريا والسفن الجانحة القريبة من الشاطئ مع تخصيص زيارة لمتحف سانسيكزوبيري، لينتقل المشاركون في اتجاه بلدية المرسى على الطريق الساحلية حيث قدمت لهم شروحات وافية عن أهميتها الاستراتجية. ويكمن الهدف من هذه الزيارة التعريف بالتنوع الثقافي والعمق الحضاري والموقع الإستراتيجي الهام لهذه الجهة، العيون، الساقية الحمراء، وما تزخر به من تنوع في الاثار والتراث وكذا مستوى التنمية الذي وصلت إليه.