كتب ـ مصطفى ياسين :
نظمت جائزة الملك فيصل، بالشراكة مع المكتبة الوطنية للملكة المغربية، بمقر المكتبة بالعاصمة المغربية الرباط، “اليوم الثقافي العلمي”، بمشاركة عدد كبير من المسؤولين والسفراء والمثقفين والأدباء والروائيين من داخل المغرب وخارجه.
اشتمل اليوم الثقافي على مجموعة من الأنشطة والفعاليات، يأتي ضمنها تكريم الأديب المغربي د. عبدالفتاح كيليطو الفائز بجائزة الملك فيصل في اللغة العربية والآداب 2023، وتنظيم ندوة علمية بعنوان: الاستشراق الفرنسي: رؤية الضفة الأخرى.
وفي كلمته أبرز د. عبدالعزيز السبيل، الأمين العام لجائزة الملك فيصل، المكانة الرفيعة للدكتور كيليطو
كأبرز النقاد العرب في العصر الحديث، قائلا عنه: “نحن أمام مشروع لإعادة قراءة تراثنا السردي العربي.
يتكئ هذا المشروع على الرؤى النقدية العربية، والاستفادة من النظريات الغربية الحديثة
في تناول النصوص السردية العربية القديمة، وفي طليعتها المقامات، وألف ليلة وليلة، وقد وفق كيليطو كثيرا
في استحضارها واستنطاقها بطريقة متميزة، غير مسبوقة. وهو في عموم دراساته يملك عينا بصيرة وإبرة دقيقة.
ولعل كل منا يردد معه “أتكلم جميع اللغات، لكن بالعربية”.
وأشار “السبيل” إلى أن الندوة تعد استكمالا لمشروع “مائة كتاب وكتاب” وهو مشروع معرفي،
تبنته ونفذته جائزة الملك فيصل، بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس.
ويهدف للتعريف بمائة عالم وباحث عربي وفرنسي.
تعزيز الحوار الجاد والتفاعل الخلاق بين ضفتي المتوسط
أضاف: لقد كرس هؤلاء الباحثون والمثقفون، العرب والفرنسيون جهودهم، لتعزيز الحوار الجاد، والتفاعل الخلاق،
بين ضفتي المتوسط، خلال القرنين الماضيين. وبفضل منجزاتهم الاستثنائية استحقوا الاحتفاء بهم، والكتابة عنهم،
للتعريف بهم لدى الأجيال القادمة، مثمنا مشاركة العلماء المغاربة الذين شاركوا في المشروع وهم:
أحمد عبادي، سعيد علوش، محمد التاقي، ومحمد مفتاح رحمه الله.
وأكد “السبيل” أن “مائة كتاب وكتاب: هو مشروع تنويري يدعو إلى المزيد من التثاقف والحوار، بأسلوب علمي وحضاري.
مضيفا: لن ننسى الحقبة الاستعمارية ولا الرؤية الاستعلائية التي نظر بها إلينا هؤلاء المستشرقون،
لكننا نريد أن نتجاوز بوعي كل ذلك، ونتوجه للمنجز العلمي الغربي والعربي والحوار معهما حول رؤيتهما للآخر.
ونأمل أن يقود ذلك لصالح وعي أكبر بتراثنا العربي الإسلامي الذي نعتز ونفخر به، ويقود هذا الحوار
إلى تحقيق التفاهم الإنساني، والسلام العالمي.
وأشار إلى أن المشروع الذي دشنه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس هيئة الجائزة، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، متاح بالكامل للقارئ العربي والفرنسي، في موقعي الجائزة والمعهد، وعبر تطبيق خاص بالهواتف المحمولة.
من جهته رحب د. محمد الفران، المدير العام للمكتبة الوطنية، بالمشاركين في هذا اليوم الذي تحتضنه المكتبة المغربية
“بوصفها تمثل الذاكرة المغربية عبر العصور، بما تحتويه من مخطوطات ومطبوعات ووثائق مختلفة تشهد على الماضي
وعلى التاريخ الراهن الذي يزخر بمحطات فكرية خالدة، والتأريخ لرجالات المملكة المغربية وأعلامها وعلمائها
الذين أعطوا بمحبة وقيم إنسانية نبيلة، واحترام وتقدير لكل ما هو جميل ورائع في الحياة، في ظل طمأنينة وأمن
وتسامح وتعايش طبع هويتنا وآمالنا وخصوصيتنا عبر العصور”.
وبمناسبة الاحتفاء بالأديب المغربي د. كيليطو، في هذا اليوم الثقافي العلمي، نوه د. الفران “بالمكانة العلمية المعتبرة
للأديب كيليطو ليس في وطنه فقط، بل في العالم بأسره” وقال: لقد برع في تأويل الأعمال السردية العربية القديمة،
بدراسات مكثفة أحاطت بها من مختلف المناحي والأنواع الأدبية”.
علم من أعلام الثقافة المغربية المعاصرة
وأضاف د. الفران، بأن د. كيليطو الذي يعد علما من أعلام الثقافة المغربية المعاصرة “تمثل المناهج النقدية الحديثة
تمثيلا دقيقا، وعمل على تكييفها في مؤلفاته بما يناسب رؤيته وأسلوبه السهل الممتنع، بطرافة وجدة وإبداع”.
وتابع: لقد تمكن من سبر أغوار السرد العربي القديم ووقف وقفات علمية رصينة لم يلتفت إليها مَن قَبله من الدارسين
والباحثين ممن طرق الموضوع. فيعد بحق وعن جدارة من نوابغ الأدب والنقد المغربيين، أضيف اسمه لقائمة النوابغ
في العالم الإسلامي والعالم الغربي الذي لا يخلو كتاب من الكتب في هذا المجال، دون الإحالة على بحوثه ودراساته.
وأشار د. الفران إلى أن ندوة “الاستشراق الفرنسي، رؤية الضفة الأخرى” في إطار مشروع 100 كتاب وكتاب،
ضمن أنشطة اليوم الثقافي العلمي، جاءت متزامنة ومتسقة للحدث، ومناسبة – والمناسبة شرط كما يقال-
مع المسار الفكري والأكاديمي للمحتفى به د. كيليطو.
وأضاف: إن سياق هذا التعايش والحوار الفكري الحضاري بين الثقافات الإنسانية، هو الذي كان وراء مشروع “مائة كتاب وكتاب” وشارك فيه مجموعة كبيرة من الباحثين والعلماء الفرنسيين والعرب، وألقوا الأضواء الكاشفة على 40 شخصية فرنسية و60 شخصية عربية، ممَّن لعبوا دورا مهما في مسار روح التعايش والحوار الحضاري والتفاعل الفكري بشتى أشكاله، بين دول ضفتي المتوسط.
شارك في الندوة، التي أدارها د. عبدالله الخطيب، الأستاذ بقسم اللغة الفرنسية (جامعة الملك عبدالعزيز، جدة)،
كل من: د. رشيد الإدريسي المتخصص في السيميائيات ومناهج النقد الحديث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية
بنمسيك (جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء)، د. زكريا الإبراهيمي أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا
(جامعة القاضي عياض، مراكش) رئيس مركز أوال للدراسات والأبحاث المعاصرة، د. لطيفة لبصير أستاذة التعليم العالي
بكلية بنمسيك (جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء)، د. محمد الشرقاوي أستاذ الفلسفة الإسلامية ومقارنة الأديان
والدراسات الاستشراقية (كلية دار العلوم، جامعة القاهرة).
يذكر أنه منذ العام 1979 فاز بجائزة الملك فيصل أكثر من 290 عالماً ينتمون إلى 45 دولة (منهم 11 علماء من المملكة المغربية)، وحاز عدد من الفائزين بها على جوائز عالمية رفيعة فيما بعد.