إبراهيم نصر يكتب: من ذاق لذة الطاعة لا يمل العبادة “1”

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

الأيام تجري بسرعة، والدنيا قد أوشكت على الانتهاء، وعمر الإنسان مهما طال فهو قصير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ”

وهكذا مضى شهر رمضان سريعا .. سبق فيه من سبق وفاز فيه من فاز، ولكن ممن يتقبل الله صالح الأعمال فى رمضان وغيره؟،

قال تعالى: “إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ”  (المائدة 27)، ومن ذاق لذة الطاعة لا يمل العبادة.

فمن منا شغله أمر قبول أعماله؟.. من منا لهج لسانه بالدعاء أن يتقبل الله منه رمضان،

فقد كان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعون الله ستة أشهر

أن يتقبل منهم رمضان.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا

فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا.. قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ.

قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا”.

هكذا يتقلب الإنسان بين الليل والنهار رغما عنه من حال إلى حال، ولا ندرى متى يأتينا الموت؟

لكننا على يقين أننا نقترب منه كل يوم وليلة، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ

فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ” (فاطر 5).

وهكذا يرحل كل واحد مِنا وترحل أيامه ولياليه كما رحلت أيام وليالى شهر رمضان المعظم، فقد انتهى رمضان بما فيه من فضائل وخيرات،

ولكن فضائل الطاعة وخيرات العبادة لا تنتهي ولا تنقطع إلا بالممات، فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ولى وفات،

ومن كان يعبد الله في رمضان فإن الله حى لا يموت.

إن صلحت صلح سائر العمل وإن فسدت فسد سائر العمل

فإذا كنت فى رمضان تحافظ على الصلوات الخمس، خاصة صلاة الفجر، فاستمر فى الحفاظ عليها، لأنها أول ما يحاسب عليه العبد

يوم القيامة فإن صلحت صلح سائر عملِه وإن فسدت فسد سائر عمله، وهى أول ركنٍ عملي من أركان الإسلام،

وأمرنا الله بالحفاظ عليها وأوصانا بها، قال تعالى:” حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ” (البقرة: 238)،

والصلاة هي الصلة بين العبدِ وربه، فكيف يعيش إنسان وقد قطع صلته بالله؟

وإذا كنت فى رمضان تحافظ على النوافل والسنن الرواتب، فواظبت على اثنتي عشرة ركعة في كل يوم وليلة، فاستمر فى المحافظة عليها، امتثالا لقول الله -عز وجل- فى الحديث القدسى: “وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ”، وإذا أحبك الله لم يعذبك، قال تعالى: ” وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّـهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ” (المائدة: 18)، وإذا أحبك الله عسَّلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أحب الله عبدًا عَـسَّله، قال: يا رسول الله وما عَسَّله؟ قال: يوفق له عملاً صالحاً بين يدي أجله”، فمن علامات حب الله لعبده المؤمن أن يوفقه للموت على عمل صالح.

حافظت على صلاة الوتر فى رمضان فاستمر، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ”، واظبت على قيام الليل فاستمر، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ”.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

Ibrahim.nssr@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.