الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب: حدود ملتهبة وعالم مشتعل !!
تتميز مصر بموقعها الجغرافى المهم والذى يتوسط قارات العالم القديمة والحديثة مما يجعلها نقطة التقاء خاصة للعابرين من إفريقيا إلى أوروبا شمالاً وجنوبًا وبالعكس وكذلك للراغبين فى المرور من آسيا شرقًا إلى أوروبا وأمريكا غربًا وبالعكس أيضًا، وهذا الموقع الجغرافى المميز رغم أهميته وفائدته الكبرى لمصر إلا أنه يجعلها دائمًا مطمعًا للغزاة والمستعمرين منذ قديم الأزل وعانت البلاد الأمرين للزود عن حدودها وأمن أهلها منذ عصر الفراعنة وحتى العصر الحديث، بل وحتى أيامنا هذه مازالت مصر تواجه المطامع الاستعمارية للقوى الكبرى والتى تغيرت طرقها ووسائلها وفقًا لمعطيات وأدوات كل عصر ولم يعد الاحتلال يتم بالغزو المسلح أو الحروب التقليدية كما هو الحال فى المعارك العديدة التى خاضتها مصر عبر تاريخها الممتد فى عمق الزمن لأكثر من سبعة آلاف سنة.
نعم تعيش مصر وسط حدود ملتهبة وعالم مشتعل بالحروب والصراعات و المؤامرات والمكائد مما يدعونا دائمًا وأبدًا إلى اليقظة والوقوف صفًا واحدًا خلف قائدنا وجيشنا وشرطتنا ويكون سلاحنا يقظا وجاهزا للدفاع عن بلدنا والأهم أن نكون واعين لما يحاك ضد بلادنا من مؤامرات أو ما يهددها من أخطار جراء ما يحدث فى البلاد والمناطق المحيطة بنا، ولن أبالغ إذا قلت إن جميع حدودنا الجغرافية ملتهبة ومليئة بالصراعات والأحداث التى تهدد أمن مصر وشعبها ولعل ما يحدث فى السودان الشقيق ناحية الجنوب مؤخرا خير شاهد ودليل على ذلك، والأمر لا يختلف كثيرًا بالنسبة للحدود الغربية مع ليبيا الشقيقة أيضًا والتى لم تكد الأمور تهدأ وتستقر فيها حتى تعود للسخونة ولا أقول للاشتغال مرة أخرى، وكذلك الحال بالنسبة لحدودنا الشرقية خاصة ناحية الشمال مع الشقيقة فلسطين والمحتل الصهيونى والتى كانت ولا تزال الأكثر سخونة وإزعاجًا لنا ولم لا وقد كانت النافذة الأولى لمحاولات الغزاة قديمًا وحديثًا، وعلى نفس المنوال أيضًا حدودنا الشمالية لم تعد هادئة وزادت الأطماع والمؤامرات مؤخرًا بعد الاكتشافات البترولية والغازية التى تحققت فى مياهنا الإقليمية فى شرق المتوسط وهو ما أشعل الحقد والحسد عند البعض ممن يطمعون في الاعتداء على حقوق الآخرين فى هذه الاكتشافات البترولية الضخمة، ولعل فى مقدمتها حقل “ظهر” الذى يعد واحدًا من أكبر حقول الغاز فى العالم.
وفى ظل هذه الصراعات الساخنة والحدود الملتهبة كان لابد من اتخاذ العديد من القرارات الجريئة التى تضمن حماية مصر وضمان أمن شعبها واستقرارها وهو ما فعله الرئيس عبدالفتاح السيسى طوال السنوات التسع الأخيرة حيث كانت البداية بمواجهة الإرهاب فى سيناء وإفشال مخططات الجماعة الإرهابية وأعوانها فى الداخل والخارج لإشعال الموقف فى هذا الجزء الغالى من أرض الوطن والسعى نحو عزله ولا مانع من استقطاعه وتحويله إلى إمارة إسلامية كما كانوا يدعون ولكنها كانت ستصبح مقرًا لتجمع الإرهابيين والمنحرفين من شتى بقاع العالم، وبعدها كانت اتفاقية ترسيم الحدود فى منطقة شرق المتوسط مع قبرص واليونان والتى حافظت على حقوق مصر وأحبطت مخططات الطامعين وبفضلها أصبحت مصر مركزًا عالميًا للغاز أو ما يعرف بمنتدى غاز شرق المتوسط.
وعلى نفس المنوال كان قرار الرئيس الأصعب والمتعلق بالإصلاح الاقتصادى ورغم المخاوف الكثيرة والكبيرة من تداعيات هذا القرار الصعب إلا أن الرئيس تحمل المسئولية وراهن على وعى المصريين وحبهم لوطنهم وكان له ما أراد ووقف المصريون خلف وطنهم ودعموا القرار حتى تعبر البلاد هذه المرحلة الخطرة لاسيما في أعقاب ظهور جائحة كورونا ومن بعدها اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتبعات ذلك وتأثيرها ليس على مصر فقط وانما على العام أجمع ، وهو ما يستلزم تضافر جهودنا جميعا حكومة وشعبا ، بل وقيادة أيضا ونكون على قلب رجل واحد من أجل وطننا لنتجاوز تلك المرحلة الصعبة ويكون النصر حليفنا إن شاء الله فى معركتى البقاء والبناء اللتين تخوضهما الدولة المصرية قبل عشر سنوات ولاتزال المواجهة مستمرة على مختلف الجبهات داخلياً وخارجيا