فى مؤتمر الإنجيلية بالعين السخنة: مخزون مصر التراثى.. متفرد فى كل العصور

الوعى الشعبى.. كتلة حرجة لحماية المجتمع من الانهيار

كتب مصطفى ياسين :
أجمع خبراء الثقافة والإعلام والسياسة على أن الوعي الشعبي يعد كتلة حرجة لحماية المجتمع من الانهيار  مرجعين ذلك إلى المخزون التراثى المتفرد للمصريين على مر العصور، والذى اعتبر خط الدفاع الأول للذود عن الوطن.
جاء ذلك فى الجلسة الثانية، بعنوان “الثقافة وتعزيز التضامن الاجتماعى”، التي أدارها الكاتب الصحفى د. سامح فوزى ضمن فعاليات مؤتمر “التنوع وآليات التضامن المجتمعي”، الذى ينظمه منتدى حوار الثقافات، بالهيئة القبطية الإنجيلية، برئاسة د. أندريه زكى، بأحد فنادق العين السخنة، ويستمر لمدة يومين، بمشاركة نخبة من علماء الدين الإسلامى والمسيحى وقادة الفكر والسياسة والقضاء وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ،
أكد الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة الأسبق، استحالة حدوث كتلة واحدة مصمتة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو دينية أو غيرها، فلابد من أن يكون هناك آخر يفكر بطريقة مختلفة، معرباً عن اطمئنانه على البيئة الشعبية دوماً والتفاؤل بها .. فالمجتمع القوى الحاضر هو الذى حمى البلاد فى أحلك الظروف، وتنوع وتعدد المجتمع على كافة المستويات جزء من نجاح الدولة.
مخزون تراثى
وقال د. هشام عزمى، رئيس المجلس الأعلى للثقافة: في واقع الأمر٬ فإن مصر تتمتع بمخزون تراثي متفرد في تاريخ الإنسانية. ويشهد تاريخُها القديم: الفرعوني والبطلمي والقبطي والإسلامي ٬ وصولا إلى العصر الحديث بهذا التفرد والتميز. وفي كل مرحلة من مراحل التاريخ المصري٬ كانت الثقافة والفكر والإبداع حاضرة وبقوة٬ وكانت هي دوما روح الحضارة المصرية. بل أن مصر لم تنهض إلا بها٬ فلا زراعة ولا صناعة ولا نهضة إلا بفكر يدعمها وثقافة تسندها وإبداع يعززها.
فلقد تميزت مصر عبر تاريخها الطويل بتنوع تراثها الثقافي. وأسهم في هذ التنوع عوامل داخلية بيئية واجتماعية٬ حيث كان تنوع سكانها واختلافهم ما بين سكان حضر وريف وبدو ، وكذلك تنوع بيئاتها ما بين صحراوية وزراعية وساحلية٬ مع تبيان اللهجات والعادات والتقاليد عاملا رئيسيًا في ترسيخ قيم التنوع والاختلاف٬ ومغذيا وداعما لها عبر العصور. فضلا عن عما أسهمت فيه العوامل الخارجية والتي تمثلت في التفاعل مع الثقافات المختلفة التي وفدت إلى مصر بطرق مختلفة منذ العصور القديمة.
وهكذا ٬ تشكلت مظاهر التنوع الثقافي في مصر. فمن سيوة للنوبة٬ ومن القناة للصعيد٬ ومن سيناء إلي الوجه البحري٬ تتنوع الثقافات ويتباين التراث … تنوع وتباين يبدو في ظاهره اختلافا٬ لكنه كان دائما في جوهره عامل توحيد لا تفريق٬ بل انصهارٌ في بوتقة واحدة ترسخ وتعزز الروح والهوية المصرية.

ولقد آمنت مصر بهذا التنوع الثقافي واحتضنته قبل قرون طويله من أي اتفاقيات أو معاهدات لحماية التنوع الثقافي. ولعل أهمها الإعلان العالمي للتنوع الثقافي الذي أعلنته اليونسكو عام ٢٠١١ ٬ والذي تناول التنوع الثقافي وحقوق الإنسان وترسيخ عدة مبادئ للهوية والتنوع والتعددية والتأكيد على التنوع عاملا من عوامل التنمية وحقوق الإنسان ضمانا للتنوع الثقافي.
استطرد د. عزمى، وفي هذا الإطار٬ تقوم استراتيجية وزارة الثقافة المصرية على تأسيس منظومة قيم ثقافية إيجابية في المجتمع المصري٬ تحترم التنوع والاختلاف وتمكين الإنسان المصري من الوصول إلى وسائل اكتساب المعرفة٬
كما تعمل وزارة الثقافة على تعزيز قيم المواطنة وتعميق الولاء والانتماء للهوية المصرية٬ وكذا الارتقاء بشتى المجالات الثقافية والفنية بشكل إبداعي مبتكر وتنمية الموهوبين والمبدعين.. كما تعمل الوزارة علي دعم الصناعات الثقافية ونشرها دون تمييز تحقيقاً للعدالة الثقافية. إضافة إلي تعزيز مكانة قوة مصر الناعمة وتحقيق ريادتها على الخريطة الثقافية العالمية.

واعلن د. عزمى، تسير وزارة الثقافة بخُطى ثابتة في هذا الاتجاه، حيث تم تأسيس الشركة القابضة للاستثمار في

الصناعات الثقافية والسينمائية، التي يبدأ عملها بإنشاء شركتين، إحداهما للسينما، والأُخرى للحِرَف التقليدية.بعدها
سوف يمتد نشاط الشركة إلى كل ما له علاقة بالفعاليات الثقافية والإبداعية
أما عن دعم الوزارة للمهرجانات والأنشطة الثقافية، فهي إحدى الوسائل التي تستطيع بها قوة مصر الناعمة تحقيق
الريادة في كافة المجالات، سواء كانت سينما، مسرحاً، كُتّاباً، فنوناً تشكيلية، وغيرها. وفي هذا الإطار٬ فلقد تم
تنظيم المئات من الأنشطة الثقافية الداعمة للصناعات الثقافية.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلي واحدة من أهم المبادرات الداعمة للصناعات الثقافية٬ مبادرة صنايعية مصر التي
تهدف إلي تدريب الشباب على الحرف التراثية على مستوى محافظات مصر للجنسين من خلال هيئة قصور الثقافة
وبالمجان. ولقد استفاد المئات من هذه المبادرة والتي بدأت بأربع محافظات في مرحلتها الأولي.
وفي السياق ذاته٬ تم تنظيم أكثر من ألفي نشاط ثقافي بالمناطق الحدودية والنائية ٬ في أسوان ـ البحر الأحمرـ
شمال سيناء ـ مطروح ـ الوادي الجديد .
كما جددت وزارة الثقافة ممثلة فى المجلس الاعلى للثقافة بروتوكول التعاون الموقع مع اتحاد المعاهد الوطنية
الثقافية الأوروبية لإطلاق النسخة الثانية من مبادرة دوائر الإبداع لتنمية الصناعات الثقافية فى مجال تنمية الصناعات
الثقافية ورفع قدرات العاملين بالقطاع الثقافى بشقيه الحكومي والأهلى.

وتقوم وزارة الثقافة بجهود حثيثة لحماية وتعزيز التراث الثقافي٬ خاصة فيما يتعلق بتسجيل العديد من الملفات على

قائمتي الصون العاجل للتراث غير المادي والقائمة التمثيلية للتراث غير المادي بمنظمة اليونسكو. حيث تم تسجيل
ملفات الدمى اليدوية التقليدية ” الأراجوز” ٬ وكذلك ملف النخلة بالتعاون مع الألكسو كما تم تسجيل ملفات السيرة
الهلالية ٬ النسيج اليدوي ٬ الخط العربي والتحطيب. وتوجت هذه الجهود مؤخرا بتسجيل رحلة العائلة المقدسة علي
القائمة التمثيلية للتراث.
إضافة إلى ذلك٬ فلقد تم إنشاء سجل لتوثيق تراث السينما المصرية ليضم العديد من مقتيات السينما للمملوكة إلى
وزارة الثقافة بالإضافة إلي إدراج أكثز من 200 فيلم تسجل التراث القومي للسينما المصرية.
كما تجدر الإشارة في هذا السياق٬ إلى نجاح مصر في استرداد أربع مخطوطات أثرية وإعادتها إلي دار الكتب المصرية
قبل بيعها في مزادات علنية بالخارج.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.