الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب: مجرى‭ ‬العيون‭ .. ‬يمسح‭ ‬دموعه‭!!‬

الكاتب الصحفي
عصام عمران
أخيرًا‭ ‬وبعد‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الإهمال‭ ‬والنسيان‭ ‬عادت‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬سور‭ ‬مجرى‭ ‬العيون‭ ‬حيث‭ ‬طالتها‭ ‬يد‭ ‬التطوير‭ ‬وحولتها‭ ‬من‭ ‬مرتع‭ ‬للبلطجية‭ ‬والمدمنين‭ ‬وتجار‭ ‬المخدرات‭ ‬والعشوائيات‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬المنتجع‭ ‬الحضارى‭ ‬وباتت‭ ‬بحق‭ ‬مقصداً‭ ‬سياحياً‭ ‬ومعلما‭ ‬أثريا‭ ‬مهما‭ ‬بقلب‭ ‬القاهرة،‭ ‬حيث‭ ‬شملت‭ ‬أعمال‭ ‬التطوير‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬عشوائية‭ ‬المدابغ‭ ‬واستبدالها‭ ‬بكمبوند‭ ‬متكامل،‭ ‬صُممت‭ ‬داخله‭ ‬عمارات‭ ‬على‭ ‬الطراز‭ ‬المعمارى‭ ‬الإسلامى‭ ‬ويتوسط‭ ‬المشهد‭ ‬مول‭ ‬تجارى‭ ‬ضخم‭ ‬يضم‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المحال‭ ‬التجارية‭ ‬وقاعات‭ ‬سينما‭ ‬ومسرح،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬جراج‭ ‬كبير‭. ‬
يأتى‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬المهم‭ ‬لتطوير‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬سور‭ ‬مجرى‭ ‬العيون‮»‬‭ ‬تنفيذاً‭ ‬لتوجيهات‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬بإعادة‭
‬القاهرة‭ ‬لعهدها‭ ‬القديم‭ ‬ورونقها‭ ‬الحضاري،‭ ‬مع‭ ‬تهيئتها‭ ‬لأداء‭ ‬دورها‭ ‬التاريخى‭ ‬والثقافى‭ ‬والسياحي‭.‬
وسور‭ ‬مجرى‭ ‬العيون‭ ‬يعد‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المواقع‭ ‬الأثرية‭ ‬والمقاصد‭ ‬السياحية‭ ‬بالقاهرة‭ ‬التاريخية،‭ ‬وذلك‭ ‬لما‭ ‬يمثله‭ ‬من‭
‬قيمة‭ ‬تاريخية‭ ‬وجغرافية‭ ‬منذ‭ ‬إنشائه‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬السلطان‭ ‬الناصر‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬الأيوبى‭ ‬قبل‭ ‬800‭ ‬عام‭ ‬تقريبا‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تشييد‭
‬السور‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬مصر‭ ‬القديمة‭ ‬لنقل‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قناة‭ ‬للمياه‭ ‬لترفعها‭ ‬السواقى‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬الآبار‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬القلعة‭
‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تمثل‭ ‬مقر‭ ‬الحكم‭ ‬فى‭ ‬عصر‭ ‬الدولة‭ ‬الأيوبية‭ ‬حتى‭ ‬تقوم‭ ‬بتوصيل‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬القلعة،‭ ‬ثم‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬السور‭
‬لنقل‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السواقى‭ ‬إلى‭ ‬القلعة‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الآبار‭ ‬الضخمة‭ ‬الموجودة‭ ‬داخل‭
‬القلعة‭.‬
يبلغ‭ ‬طول‭ ‬السور‭ ‬حوالى‭ ‬3500‭ ‬متر‭ ‬ويتميز‭ ‬بطرازه‭ ‬المعمارى‭ ‬الذى‭ ‬يعود‭ ‬لفن‭ ‬العمارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬باستخدام‭ ‬حجر‭
‬‮«‬النحيت‮»‬‭ ‬ويبدأ‭ ‬السور‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬فم‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬السيدة‭ ‬عائشة،‭ ‬ويتكون‭ ‬من‭ ‬برج‭ ‬‮«‬المأخذ‮»‬‭ ‬ويحتوى‭ ‬على‭ ‬6‭
‬سواقي،‭ ‬ويقسم‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عقود‭ ‬تسمى‭ ‬عقود‭ ‬السواقى‭ ‬المسئولة‭ ‬عن‭ ‬حمل‭ ‬القناة‭ ‬المائية‭. ‬
وقام‭ ‬السلطان‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬قلاوون‭ ‬بعد‭ ‬توليه‭ ‬الحكم‭ ‬بتجديد‭ ‬السور‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬عام‭ ‬1312م‭ ‬على‭ ‬مرحلتين‭ ‬من‭ ‬خلال‭
‬إنشاء‭ ‬أربع‭ ‬سواقى‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬النيل‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬فم‭ ‬الخليج،‭ ‬وفى‭ ‬عصر‭ ‬السلطان‭ ‬الغورى‭ ‬أمر‭ ‬بإنشاء‭ ‬ست‭ ‬سواقى‭
‬تقع‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬السيدة‭ ‬نفيسة‭ ‬لتقوم‭ ‬بتقوية‭ ‬تيار‭ ‬المياه‭ ‬التى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬آبار‭ ‬القلعة‭.‬
ومع‭ ‬مرور‭ ‬الزمان‭ ‬تعرض‭ ‬السور‭ ‬لحملة‭ ‬من‭ ‬الانتهاكات‭ ‬وحاصرته‭ ‬العشوائيات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جاءت‭ ‬الجمهورية‭ ‬الجديدة‭ ‬وانتشلته‭
‬من‭ ‬حالة‭ ‬الضياع‭ ‬التى‭ ‬عانى‭ ‬منها‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬تجرع‭ ‬فيها‭ ‬مرارة‭ ‬الإهمال‭ ‬وأعادت‭ ‬له‭ ‬بريقه‭ ‬وأخيرًا‭ ‬تذوق‭ ‬من‭ ‬جديد‭
‬طعم‭ ‬الاهتمام‭ ‬والتطوير‭.‬
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.