الدكتور علاء رزق يكتب : استشعار الأمل

الدكتور علاء رزق
تحتاج مصر طبقا لما جاء على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي ،إلى إستثمارات بقيمة لا تقل عن 100 مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة، من أجل سد الفجوة الدولارية البالغة حوالي 30 مليار دولار، هذه الفجوة تمثل الفارق بين الموارد الدولارية التي تحصل عليها الدولة من المصادر المختلفة كل عام والمتمثلة في الصادرات، وعوائد قناة السويس ،وحصيلة المصريين العاملين بالخارج، كذلك الإستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر ، وعائدات قطاع السياحة، وبين المبالغ الدولارية المطلوبة من الدولة المصرية لسداد إلتزاماتها مثل سداد فاتورة الإستيراد، والديون الخارجية، ورغم النجاح المصري في الإتفاق مع صندوق النقد الدولي على إبرام قرض قيمتة 3 مليار دولار للمساهمة في سد الفجوة التمويلية التي قدرها صندوق النقد الدولي بنحو 16 مليار دولار خلال الأربع سنوات المقبلة، وهي مدة البرنامج المتفق عليه، إلا أن ما تعرض له الإقتصاد المصري من صدمات قوية ناتجة عن تحديات وأزمات خارجية ،وجيوسياسية،وهو ما يفرض علينا ضرورة البحث عن آليات وأدوات جديدة بعيداً عن الإعتماد على الإقتراض فقط، وهو ما وقعت فيه أكبر دولة مقترضة في العالم وهي دولة الأرجنتين، التي تمثل المقترض الأكبر من صندوق النقد الدولي، وقد إقتربت خطوة إضافية نحو الإفلاس، والتخلف عن سداد ديونها بعد ان تجاوز معدل التضخم فيها حاجز 100%، وهبطت الى مستوى C من CCC طبقا لتقييم منظمة فيتش للتقييم الإئتماني، ويعكس هذا التصنيف أن التخلف عن السداد بات وشيكاً، وعند تنفيذ التبادلات بشكل فعلي سيتم خفض التصنيف إلى إفلاس فيض RD . الوضع فى مصر يبدو مختلفا الى حد ما، فمصر رغم كل هذه الإزمات تقترب من تحقيق الإستقرار لأول مرة منذ عقود ،عبر تجاوز مواردها الدولارية إحتياجاتها بالعملة الصعبة، ووصول الموارد الدولارية الخمسة الرئيسية وهي: الصادرات ،وقناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، والإستثمار الأجنبي المباشر، والسياحة، والتى وصلت فيها الأرقام لمعدلات قياسية، تتعادل تقريباً مع إحتياجاتها السنوية من العملة الصعبة والتي تتمثل في فاتورة الإستيراد وأقساط الديون، حيث بلغ إجمالي موارد مصر من العملة الصعبة الأن 121 مليار دولار مقابل متطلبات دولاريه تبلغ 126 مليار دولار تتمثل في 100 مليار دولار فاتورة الإستيراد، و 26 مليار دولار أقساط الديون، والتي سوف تنخفض خلال الأعوام التالية إلى 15 ثم 10 ثم 5 مليار دولار على الترتيب ،ما نؤكد عليه أن أقساط الديون قد لا تمثل مشكلة مستقبلاً،فرقم الديون لا يعبر عن شيء بدون الناتج المحلي الإجمالي ،والذي يبلغ الآن 80% بعد ان كان 102% عام 2015، مقابل 109% في الولايات المتحدة الامريكية ،حيث تبلغ الديون لديها 31 تريليون دولار و 116% في بريطانيا، و226% في دولة اليابان . ما تحقق على أرض الواقع نستشعر فيه وميض الأمل الذي قد يترجم إلى واقع إيجابي، حيث وصلت الصادرات المصرية إلى أكثر من 53 مليار دولار، وتحويلات العاملين المصريين في الخارج إلى حوالي 32 مليار دولار ،اما حصيلة السياحة المصرية فقد بلغت 16 مليار دولار ،ووصل الإستثمار الأجنبي المباشر في مصر إلى حوالي 12 مليار دولار، فيما بلغت حصيلة عائدات قناة السويس 8 مليار دولار، مع توقع ان تصل بنهاية العام إلى 10 مليار دولار . بالتالي فإن إجمالي هذه المصادر الخمسة قد تعدى حاجز 121 مليار دولار، مع توقع ان تصل مبدئيا عام 2023 إلى 150مليار دولار، وبالتالي فمن الممكن أن نستشعر الأمل في إمكانية تجاوز مدفوعات الدولة الدولارية بقيمه 25 مليار دولار، وبالتالي فإن هذا قد ينعكس بصورة إيجابية على إحتمالية إنخفاض سعر الدولار بالنسبة للجنية المصري ،مع تحسن مستوى المعيشة وزيادة مضطردة في دخل الفرد في مصر ،ولكن هذه الطموحات مرتبطة بعدم قيام الفيدرالي الأمريكي بزيادة أسعار الفائدة بعد ان قام بزيادتها تسع مرات متوالية، خلال الفترة الماضية ولكن المرة التاسعة والأخيرة قام بزيادتها 25 نقطة فقط ،وهو أمر قد يبدو أنه في بداية عدم زيادة في أسعار الفائدة في المرات القادمة ،بعد إنهيار العديد من البنوك الامريكية والعالمية، وهو أمر لو تحقق، فسوف يؤكد إمكانية إنخفاض الدولار في يونيو القادم إلى 26 جنية، إن شاء الله، مع وصول النمو الإقتصادي إلى أكثر من 5% ، وهو ما أكدته الكثير من المؤسسات والوكالات الدولية مؤخراً.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.