درسنا فيما مضى ونعلم جميعا أن الشباب هم عماد الأمة وسبب نهضتها ، وأنهم نصف الحاضر وكل المستقبل وهم عدة الأمة في حاضرها ، ومعقد آمالها في مستقبلها ، وهم وقودها في حربها وسلمها ، ودائما وأبدا نقول أن المجتمعات تبني بسواعد شبابها ، وهذا ليس بجديد !!
من المعلوم أنه لايوجد تعريف دولى متفق عليه لفئة الشباب ، وإنما جرت العادة على أنهم أشخاص ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاما ، وهى مرحلة عمرية ذروة القوة والحيوية ، ووفقا لـ UN هناك 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة ، يمثلون 16 % من سكان العالم . وتوقعوا إرتفاع عدد الشباب بنسبة 7 % بحلول عام 2020
هناك تحديات عديدة يواجهها الشباب فى مختلف دول العالم مثل ” فرص الحصول على التعليم ــ والصحة والتوظيف ــ والمساواة بين الجنسين .. إلخ .
وأنها أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى . وعن أوضاع الشباب فى مصر السؤال الذى يتبادر إلى الذهن هل مصر دولة شابة أم أنها “دولة عواجيز” كما وصفها الخال الأبنودى؟
مصر والحمد لله دولة شابة ، وأن 60% من شبابها دون سن الـ 40 وهى الفئة العمرية القادرة على العمل والعطاء . ورغم ذلك لدينا مشكلة كبيرة فى كيفية الإستفادة من تلك القوة التى قل أن توجد لدى أى دولة أخرى ، ولو نظرنا إلى دوله مثل جمهورية الصين الشعبية فى شرق آسيا نجد أن تعداد سكانها تجاوز الـ 1.45 مليار نسمه ، وهى الدولة الأكثر سكانا فى العالم . وفى جنوب آسيا . نجد الهند ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان بعد الصين ، والغريب أننا لم نسمع فى أى منهما شكوى من الزيادة السكانية لـ سبب بسيط وهو أن هذه الدول إستطاعت أن تستثمر تلك الزيادة السكانية !!
السؤال الذى يفرض نفسه ، ماذا يعني أن مصر دولة شابة ، وأن 60% من أبنائها ينتمون لـ شريحة الشباب وما الذي يفرضه هذا علي الدولة ؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال سوف أستعرض تجربة شخصية ، لعل فى تعميمها تأتى الإفادة . فأنا أنتمى لـ أسرة تؤمن بقيمة العمل وتمجدة ، لى عم ” رحمه الله ” هو عميد العائلة ، عاش فترة ليست بالقليلة يعمل فى المملكة العربية السعودية فى توسعات الحرم المكى أبان فترة حكم الملك عبدالعزيز ” طيب الله ثراه ” ، وكان عند عودته يتفقد أحوال أخوته ويسأل عن أبناءهم وأحوالهم ، وعلم بالصدفة أن أحد أبناء أخيه يعمل ” بائعا ” فى محل للأدوات الصحية ، وهنا سأل أخيه : ماهو مستقبله كبائع فى محل للأدوات الصحية ؟
فأجابه بأنه يعمل لـ يشغل وقت فراغه ، فسأله ولماذا لايشغل هذا الوقت فى تعلم ” مهنة ” تعود عليه بالنفع فى
المستقبل ، وطلب منه أن يترك إبنه هذا العمل ، وأن يلحقه بأى مهنة يتعملها ، وقد كان ، وجاء الوقت الذى أصبح
فيه هذا الإبن واحدا من كبار رجال الأعمال فى مصر ، والحقيقة أننى لا أخجل أنى عملت معه وأنا الحاصل على
مؤهل فوق الجامعى لمده قاربت على الثلاث سنوات ، وسط جيش من العمالة من حملة المؤهلات العليا
والماجستير والعمالة العادية ، أتذكره “رحمه الله ” بتواضعه الجم وهو يحكى لنا عن بداياته وعن رحلة كفاحه ، وحبه
للعمل ، ونجاحاته وإخفاقاته ، حتى عندما تضخمت ثرته وإستُدعى لمكتب المدعى العام الإشتراكى ليسأله من أين
لك هذا ؟ لـ يكشف له عن ثروته ومصدرها من الحلال الخالص ، وأنه يؤدى للدولة حقوقها من ” ضرائب وتأمينات على
العمال .. إلخ ، وحق الله فى ماله من زكاة وصدقة وغيرها ، قام الرجل يودعه حتى باب مكتبه ، متفاخرا بكفاحه .
أردت أن أسوق هذا النموذج للشباب الذى يعانى من البطالة الآن ، وللشباب الذى يندب حظه ، وهنا يحضرنى قول
الشاعر التونسى أبو القاسم الشابى } ومن يتهيب صعود الجبال .. يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ { .
شبابنا اليوم يمر بأزمة عاصفة . لـ إنعدام فرص العمل ، وإنعدام الخبرة ، لسبب آخر هو عدم تأهيل هؤلاء الشباب
التأهيل الكافى لسوق العمل ، وهنا لابد أن أأكد على أهمية التوسع فى التعليم الصناعى .
أما الوضع الحالى لايخفى على أحد ، فإذا ما قصدت محطة للوقود تجد شابا يافعا فى سن العطاء يستجديك لغسيل
زجاج السيارة ، وآخر بمعطر للجو ، أو يحمل فى يده زجاجة تزيد من كفاءة محرك السيارة أو لدورة التبريد وآخر يزود
سيارتك بالوقود ، أما الشباب فى إشارات المرور فحدث ولاحرج لـ بيع منتجات من الصين وأعلام .. إلخ ومنهم من
تجده متجولا بعربة للخضار أو الفاكهة ، والغالبيه العظمى تعمل فى توصيل الطلبات للمنازل أو مايسمى ” ديليفرى ” !!
معادلة صعبة جدا أن تكون شابا فى سن العطاء ولاتجد عملا تقتات منه قوت يومك ، أو لايتم الإستفادة من طاقتك
وقدرتك على العمل ، أو يضيع عمرك هدرا ” كبائع ” فى محل من المحلات ، أو الكافيهات التى إنتشرت إنتشار النار
فى الهشيم أسفل الكبارى ، وأنا دائما أتساءل : هل هذا هو أمل أو طموح أى شاب ؟ هل طموح أى شاب أن يقود “
توك توك ” لـ إيجاد وسيلة للكسب الحلال أو إيجاد قوت يومه ؟
الحقيقة أننى لا أقلل من تلك الأعمال ، أو أى عمل هو وسيلة كسب شريفة للمال الحلال ، وحاشا لله أن أقول ذلك ،
إنما ماقصدت أن أقوله أننا كدولة يجب أن تستفيد من الميزة التى حبانا الله بها ، والتى قل أن توجد لدى أى دولة
أخرى ، أتذكر وقت النزوح الجماعى من الشقيقة ” سورية ” للأحداث التى مرت بها ، كانت دول أوربا وعلى رأسها “
ألمانيا ” تطلب السماح باللجوء لـ فئة الشباب فقط ، لـ أنها الفئة القادرة على العمل خاصة بعد ان شاخ المجتمع
هناك وهرم ووصل أغلب سكانه أو القوى المنتجة إلى سن التقاعد .
فهل لنا أن نستفيد من تجارب تلك الدول !! هل لنا أن نستفيد من تجارب الدول التى تعدى تعداد سكانها ” المليار”
نسمة كالصين و الهند . أعلم أن الدولة تبذل قصارى جهدها لـ تخفيض نسب البطاله التى وصلت طبقا للجهاز
المركزى للتعبئه العامه والإحصاء لـ 7.2% لـ يبلغ 2.15 مليون في الفترة من أبريل إلى يونيو 2022
لكن دائما نقول الحياة أمل ، ومن فقد الأمل فقد الحياه ولو بطلنا نحلم .. نموت !!