عبد الناصر البنا يكتب : ورا مصنع الكراسى !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية

تعالى أما آخدك ” ورا مصنع الكراسى” هذه العبارة ممكن تطير فيها رقاب ، والطريف أن هذه العبارة التى تتردد كثيرا فى مواقف بعيتها تدل على مدى الإستهانة بالخصم والتقليل من شأنه ، وهى عبارة ممهورة ببصمة مصرية خالصة ، وأعتقد أنها معروفة لدى الخاصة والعامة ، وقد يكون هناك نفر قليل لا يفهموا أو يدركوا معناها ، لكن مع شيوعها وتكرارها حتى فى الأعمال الدرامية وغيرها عًرف المعنى الحقيقى لها !!

عبارة ” ورا مصنع الكراسى ” هى كناية عن فعل الفاحشة والموبقات والأعمال المنافية للآداب ، إنتشرت العبارة كثيرا فى السنوات الأخيرة ، وعلى وسائل التواصل الإجتماعى والـ Social Media ، وقالها مشجعو الأهلى فى لقاء النادى مع نادى ” بايرن ميوزنخ ” الألمانى عندما وصفوا عزمهم على الفوز على بايرن ميونخ وقالو ” الأهلى حيأخذ البايرن ورا مصنع الكراسي ” . وقيلت لمؤازرة اللاعب المصرى محمد صلاح ضد الهولندى ” فيرجيل فان ديك ” لاعب دفاع نادى ليفربول الإنجليزى .

قد يكون مصنع الكراسى هو المصنع الوحيد فى العالم إلذى نال شهرة واسعة وهو مغلق أكتر منها وهو مفتوح ، المصنع موجود فى حى الوراق بمدينة القاهرة فى الجهه المقابلة لوزارة الرى والموارد المائية ، وهو مقام على مساحة 50 فدان ، تم إنشاءه فى فترة الخمسينات فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر ، وكما قيل وقتها ضمن الخطة الخمسية الأولى ، سعياً لنهضة مصرية صناعية إقليمية .. إلخ

ظل المصنع لفترة طويلة يعمل فى مجال صناعة الأثاث والكراسى ، وفى عهد الرئيس السادات وبالتوازى مع سياسة الإنفتاح وهبوب رياح الخصخصه ، ساءت إدارة المصنع وتم إفشاله عن قصد أو جهل إلى أن أغلق المصنع تماما ، وهُدِمَت مبانيه وأصبحتْ أرضهُ خالية وبقيت العبارة سالفة الذكر تدل على ماوصل إليه حال المكان .

فى زيارة خاطفة لحى إمبابة قاصدا شارع القومية العربية وعلى الجهة المقابلة لوزارة الرى إنحرفت يسارا إلى شارع يُسمى شارع الجيش ، أو شارع مسجد التقوى ، الشارع يقع فى منطقة بُنيَتْ عليها أبراج سكنية ، فى منتصف الشارع مبنى تتصدر واجهته لافتة مكتوب عليها ” كافيه ورا مصنع الكراسى ” دفعنى الفضول للسؤال فعرفت أن هذا الشارع هو ” ورا مصنع الكراسى ” !!

تساءلت فى نفسى وأن أقف أمام الكافيه لو أننى دعوت صديق لى على كوب شاى أو فنجان قهوة أو نسكافية ينفع اقول له فى الكافية إللى ورا مصنع الكراسى ، الحقيقة حرام نظلم المكان بالشائعات التى قيلت عنه ، قد تكون المنطقة فى فترة من الفترات كانت مرتعا للبلطجة والسلب والنهب وتعاطى المخدرات .. إلخ ، لكن مع الوضع الحالى للمكان صعب جدا .

لو نظرت إلى مبنى المصنع المهجور تدرك للوهلة الأولى أن من أفشل هذا المكان عن قصد كان ” يهودى ” فى

تفكيره ، لأن الأرض الواقع عليها المصنع هى ” كنز ” بمفهومه الحقيقى ، ويقال أنها تابعة لبنك مصر ، وقد حصل

عليها سدادا لدين متراكم على المصنع لديه ، وأيا ما كان المالك ، فالمصنع أو الأرض التى كان يقام عليها المصنع

بوضعها الحالى تضع العديد من علامات التعجب والاستفهام .

من خلال تجاربى الشخصية وترردى على عدد من الهيئات والواحدات المحلية .. إلخ ، يوجد لدينا نوعين من

المسئولين فى الادارة . مسئول : متوتر ومنفعل وعصبى جدا ويدعى معرفة كل شىء وهو جاهل لايفقه شىء وهذا

يشكل عبء على كل الادارت التابعة له ، وهو في الواقع لايعجبه العجب ، ويحبط جهد أى موظف لديه قدرة على

الابتكار أو الابداع ، هو يريد أن يكون دوما فى الصدارة .

النوع الثانى : المسئول الجبان وهو دايما يقول ” أنا مالى” أنا عاوز أقضى يومينى بسلام . وهذا النوع يعانى من

سلبية مفرطة ، وهم فى الغالب ” سكرتارية ” لابد وأن تأتى لهم التعليمات من أعلى حتى ينفذوها .

الحقيقة أننا لانريد هذا ولا ذاك فى موقع المسئولية ، نريد مسئول لديه قدرة على الإبداع ، وهو يتقدم لشغل

الوظيفة ” محافظا كان أم وزير ” يعلن عن خطته ، أو عن الأفكار التى سوف يقدمها فى موقعه ، ثم تأتى المحاسبة

بعد ذلك ، على أرض الواقع نحن نعانى من ” الجزر المنعزلة ” فى التعامل مع الوظائف العامة ، كل مسئول يأتى

يهدم جهد ما سبقه تماما ، ويبدأ بنقطه ومن أول السطر أو ” حماده تانى خالص ” بلغه الشارع

أنا أسكن فى منطقة حدائق الأهرام ، والحقيقة أنها منطقة ” Complicated ” أو معقدة إلى حد كبير ، وذلك لشيوع

تبعيتها بين محافظة الجيزة والجمعية التعاونية لبناء المساكن وتعمير صحراء الأهرام ، مما سبب العديد من المشاكل

لامجال لذكرها ، ما أود ذكره أننا نعانى منذ مايقرب من الثلاثة أشهر من عشوائية التخطيط والتخبط فى القرارات فى

هذة المنطقه نتيجة لأعمال التطوير الجارية فى المتحف الكبير مابين رصف وتكسير وحفر لتمديد المواسير والكابلات

وخطوط الأنترنت ، وبناء أرصفة وهدمها .. إلخ

ومازاد الطين بلة أن يتم حفر وتمديد للكابلات ويترك الحفر بدون ردم “مصيدة للأرواح ” إلى أن تحدث لاقدر الله الكارثة

، وبعدها يتم تبادل التهم والتهرب من المسئولية . السؤال : من الذى يغيث المواطن من هذا التخبط ؟ والمسئولين

لدينا والحمد لله ودن من طين والأخرى من عجين ، حتى يعلن عن مرور الرئيس أو رئيس الوزراء تجد الشوارع وقد

أصيئت وفرشت بالورود وكل شىء كما يقول الكتاب ، فى مشهد عبثى متكرر نعلمه جيدا ولاداعى لذكره ، سبق

وجسدته دراما الثمانينات فى فيلم ” الوزير جاى ” .

فى حوار مع رئيس قطاع الهضبة منذ عامين تقريبا إقترحت عليه الإستفادة من قطعة أرض تتعدى مساحتها الـ ”

خمسة ” أفدنة واقعة فى محيط “مساكن الشباب ــ ومساكن الضباط ــ ومساكن محطة الكهرباء ــ وحدائق الأهرام ”

تعلوها خطوط الضغط العالى ، كسوق تجارى نصف جملة وقطاعى للخضار والفاكهة ، وبذلك نكون قد ضربنا مائة

عصفور بحجر واحد ” نظافة المكان وتطويره بشكل حضارى ـ قضاء على الجشع والإحتكار ـ توظيف أيدى عامله .. إلخ ”

تكلفة المشروع لاتتعدى الـ ” مليونى ” جنيه فى تسوية الأرض والتندات الحديدية والصبات الخرسانية.. إلخ . العائد

السنوى من السوق لايقل بأى حال من الأحوال عن المليون وثمانمائة ألف جنيه لكن للأسف من يقرأ ومن يسمع ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.